يستقوي في لبنان بمعادلة شارل ديغول «أظهر القوة ولا تستخدمها»
«حزب الله» شريكاً في الدولة و... لها
• الغرب يتجه للتسليم بمكانة الحزب ودوره بعدما صار جزءاً من الدولة
شكّل غياب «حزب الله» عن طاولة الحوار الوطني في القصر الجمهوري وتعمُّده «إدارة الظهر» للرئيس ميشال سليمان، تطوراً لافتاً في سلوك الحزب حيال الملفات الداخلية، يتجاوز سجال «الذهب والخشب» في توصيف المعادلة التي كانت «شرْعنت» مقاومة «حزب الله» وسلاحه، وهو السجال الذي عبّر عنه «الودّ المفقود» بين الرئيس والحزب منذ مدة، قبل ان يفاجئ «حزب الله»، الذي ما برح يدعو حتى الامس القريب الى الحوار والتلاقي، الوسط السياسي بامتناعه عن تلبية دعوة سليمان لجلسة «حوار القصر».
هذا التطور في أداء «حزب الله» أطلق العنان لقراءات عدة تناولت مغزى مقاطعة الحوار وأسبابها والغاية منها وما تحمله من دلالات، خصوصاً انه لم يسبق للحزب ان تعاطى بـ «لا مبالاة» مع رئيس الجمهورية او استسهل العزوف عن المشاركة في طاولة الحوار، التي كان «ابتكرها» حليفه في «الثنائية الشيعية»، رئيس البرلمان نبيه بري، قبل ان تنتقل الى القصر الجمهوري وبـ «توصية» من اتفاق الدوحة، لمناقشة البند الوحيد على جدول أعمالها، المتمثل بـ «الاستراتيجية الدفاعية»، أي دور سلاح «حزب الله».
خصوم الحزب في تحالف «14 آذار» رأوا في مقاطعته للحوار «رسالة مزدوجة» محلية وخارجية، ترتبط بـ «ردّ التحية لسليمان بمثلها». فـ «حزب الله» في تقدير هؤلاء، عبّر عن رغبة «انتقامية» في إدارة ظهره لرئيس الجمهورية الذي لم يوفّر مناسبة إلا وانتقد فيها الحزب لتورطه في سورية، وبلغ في مواقفه حد نزع الشرعية عن السلاح خارج سلطة الدولة.
ففي البُعد المحلي، أراد «حزب الله» بحرمانه سليمان من ترؤس جلسة مكتملة النصاب لهيئة الحوار مع بدء العد التنازلي لانتهاء ولايته في 25 مايو المقبل، توجيه رسالة استباقية لأي رئيس جديد تضع سقفاً للتوجهات حيال المقاومة وسلاحها، في اللحظة التي يتحوّل الحزب الى «ناخب» أساسي في الاستحقاق الرئاسي.
اما في البُعد الخارجي، فثمة مَن رأى من خصوم الحزب ان سابقة مقاطعته للحوار تنطوي على رسالة سورية - ايرانية في ضوء المواقف التي اتخذها رئيس الجمهورية من التطورات في سورية وعلاقة الودّ التي تربطه بالمملكة العربية السعودية، اضافة الى عدم تردده في إبلاغ المسؤولين الايرانيين الذين زاروه اعتراضه على المشاركة العسكرية لـ «حزب الله» بالصراع في سورية.
هذه المقاربة التي يطغى عليها «السياسي» تبدو في نظر الذين يعرفون «حزب الله» عن كثب ويلمّون بالتحولات التي عاشها ويفهمون «عقله» غير واقعية. ويميل هؤلاء الى الاعتقاد بان الخطوة التي بدت غير مألوفة في مقاطعة الحزب للحوار تعكس متغيرات طرأت على المكانة الداخلية - الاقليمية التي صار يتمتع بها، ودفعته تالياً الى إدارة ظهره لـ «رأس الدولة» وللحوار الوطني في آن.
فـ «حزب الله»، في رأي هؤلاء لم يكن مهتماً بأي وجود سياسي له في الداخل اللبناني قبل العام 2005، فهو اكتفى في حينه بـ «وجود رمزي» في الحياة السياسية، مُطْمَئناً لـ «الادارة السورية» وللرئيس بري كـ «ممثل للشيعة» في الدولة ومؤسساتها.
وبعد انتهاء ما يوصف في بيروت بـ «عهد الوصاية» السورية، اضطر «حزب الله» للاستدارة نحو الداخل السياسي فعزز حضوره على النحو الذي مكّنه من فرض الاعتراف به من الآخرين كواحد من اللاعبين على المسرح السياسي، فقرر المشاركة في الحكومة، قبل ان يصبح شريكاً فعلياً في تقرير مصير الحكومات وحجم دوره فيها كآخرين، اضافة الى مكانته على مستوى «الإمرة السياسية» لأيّ حكومة من خلال تحالفاته والتوازنات فيها.
حصيلة هذا التدرج في المكانة الداخلية لـ «حزب الله»، بحسب عارفيه، تعني انه اصبح يعتبر نفسه جزءاً من الدولة اللبنانية او شريكاً مضارباً «كسواه»، على النحو الذي مكّنه تارة من وضع شروط للافراج عن هذه الحكومة او تلك، وتارة اخرى للقول: «أشارك في الحوار او لا أشارك»، على غرار ما فعله حزب «القوات اللبنانية» على سبيل المثال.
حرْص القريبين من «حزب الله» على إظهار هذه «الحقيقة» مردّه، ليس الى عرض أسباب تبريرية لمقاطعته الحوار، بل للانطلاق من هذه التحولات للقول انه لم يعد في وسع حتى الخارج التعاطي مع «حزب الله» إلا على أساس انه جزء من الدولة اللبنانية، وهو الخارج الذي غالباً ما كان ينظر الى الحزب كـ «منظمة ارهابية»، مثل الولايات المتحدة واوروبا.
واذا كان الغرب أصبح اكثر ميلاً للتسليم بمكانة «حزب الله» ودوره، فان اسرائيل، وبحسب القريبين من الحزب، تقرّ هي ايضاً بان «حزب الله» اصبح جزءاً من الدولة اللبنانية، وغالباً ما تعكس ذلك من خلال تلويحها الدائم بأنها لن تعمد الى تحييد اي هدف في اي حرب مقبلة، على عكس ما فعلته في حرب يوليو 2006 عندما اختارت امكنة ومواقع لـ «بنك أهدافها» وتجنبت اخرى.
ولم يغفل هؤلاء ان الدور الذي اضطلع به «حزب الله» عبر مشاركته العسكرية في سورية أكسبه مكانة اضافية في لبنان والمنطقة، وانه أصبح يتعاطى مع الداخل اللبناني على طريقة شارل ديغول الذي قال يوماً: «أظهِر القوة دون ان تستخدمها»، فهو يشهرها في سورية من دون الحاجة الى استخدامها في لبنان على غرار ما فعله في 7 مايو 2008.
ولن يكون «حزب الله» في حاجة، لا لـ «ثياب سود» ولا لأي ثياب من لون آخر لتكون له كلمته كـ «لاعب اساسي» في تظهير اسم رئيس الجمهورية الجديد، الذي سيمرّ حكماً، بحسب القريبين من «حزب الله» من حارة حريك (في الضاحية الجنوبية لبيروت) وهو في طريقه الى قصر بعبدا الجمهوري.
هذا التطور في أداء «حزب الله» أطلق العنان لقراءات عدة تناولت مغزى مقاطعة الحوار وأسبابها والغاية منها وما تحمله من دلالات، خصوصاً انه لم يسبق للحزب ان تعاطى بـ «لا مبالاة» مع رئيس الجمهورية او استسهل العزوف عن المشاركة في طاولة الحوار، التي كان «ابتكرها» حليفه في «الثنائية الشيعية»، رئيس البرلمان نبيه بري، قبل ان تنتقل الى القصر الجمهوري وبـ «توصية» من اتفاق الدوحة، لمناقشة البند الوحيد على جدول أعمالها، المتمثل بـ «الاستراتيجية الدفاعية»، أي دور سلاح «حزب الله».
خصوم الحزب في تحالف «14 آذار» رأوا في مقاطعته للحوار «رسالة مزدوجة» محلية وخارجية، ترتبط بـ «ردّ التحية لسليمان بمثلها». فـ «حزب الله» في تقدير هؤلاء، عبّر عن رغبة «انتقامية» في إدارة ظهره لرئيس الجمهورية الذي لم يوفّر مناسبة إلا وانتقد فيها الحزب لتورطه في سورية، وبلغ في مواقفه حد نزع الشرعية عن السلاح خارج سلطة الدولة.
ففي البُعد المحلي، أراد «حزب الله» بحرمانه سليمان من ترؤس جلسة مكتملة النصاب لهيئة الحوار مع بدء العد التنازلي لانتهاء ولايته في 25 مايو المقبل، توجيه رسالة استباقية لأي رئيس جديد تضع سقفاً للتوجهات حيال المقاومة وسلاحها، في اللحظة التي يتحوّل الحزب الى «ناخب» أساسي في الاستحقاق الرئاسي.
اما في البُعد الخارجي، فثمة مَن رأى من خصوم الحزب ان سابقة مقاطعته للحوار تنطوي على رسالة سورية - ايرانية في ضوء المواقف التي اتخذها رئيس الجمهورية من التطورات في سورية وعلاقة الودّ التي تربطه بالمملكة العربية السعودية، اضافة الى عدم تردده في إبلاغ المسؤولين الايرانيين الذين زاروه اعتراضه على المشاركة العسكرية لـ «حزب الله» بالصراع في سورية.
هذه المقاربة التي يطغى عليها «السياسي» تبدو في نظر الذين يعرفون «حزب الله» عن كثب ويلمّون بالتحولات التي عاشها ويفهمون «عقله» غير واقعية. ويميل هؤلاء الى الاعتقاد بان الخطوة التي بدت غير مألوفة في مقاطعة الحزب للحوار تعكس متغيرات طرأت على المكانة الداخلية - الاقليمية التي صار يتمتع بها، ودفعته تالياً الى إدارة ظهره لـ «رأس الدولة» وللحوار الوطني في آن.
فـ «حزب الله»، في رأي هؤلاء لم يكن مهتماً بأي وجود سياسي له في الداخل اللبناني قبل العام 2005، فهو اكتفى في حينه بـ «وجود رمزي» في الحياة السياسية، مُطْمَئناً لـ «الادارة السورية» وللرئيس بري كـ «ممثل للشيعة» في الدولة ومؤسساتها.
وبعد انتهاء ما يوصف في بيروت بـ «عهد الوصاية» السورية، اضطر «حزب الله» للاستدارة نحو الداخل السياسي فعزز حضوره على النحو الذي مكّنه من فرض الاعتراف به من الآخرين كواحد من اللاعبين على المسرح السياسي، فقرر المشاركة في الحكومة، قبل ان يصبح شريكاً فعلياً في تقرير مصير الحكومات وحجم دوره فيها كآخرين، اضافة الى مكانته على مستوى «الإمرة السياسية» لأيّ حكومة من خلال تحالفاته والتوازنات فيها.
حصيلة هذا التدرج في المكانة الداخلية لـ «حزب الله»، بحسب عارفيه، تعني انه اصبح يعتبر نفسه جزءاً من الدولة اللبنانية او شريكاً مضارباً «كسواه»، على النحو الذي مكّنه تارة من وضع شروط للافراج عن هذه الحكومة او تلك، وتارة اخرى للقول: «أشارك في الحوار او لا أشارك»، على غرار ما فعله حزب «القوات اللبنانية» على سبيل المثال.
حرْص القريبين من «حزب الله» على إظهار هذه «الحقيقة» مردّه، ليس الى عرض أسباب تبريرية لمقاطعته الحوار، بل للانطلاق من هذه التحولات للقول انه لم يعد في وسع حتى الخارج التعاطي مع «حزب الله» إلا على أساس انه جزء من الدولة اللبنانية، وهو الخارج الذي غالباً ما كان ينظر الى الحزب كـ «منظمة ارهابية»، مثل الولايات المتحدة واوروبا.
واذا كان الغرب أصبح اكثر ميلاً للتسليم بمكانة «حزب الله» ودوره، فان اسرائيل، وبحسب القريبين من الحزب، تقرّ هي ايضاً بان «حزب الله» اصبح جزءاً من الدولة اللبنانية، وغالباً ما تعكس ذلك من خلال تلويحها الدائم بأنها لن تعمد الى تحييد اي هدف في اي حرب مقبلة، على عكس ما فعلته في حرب يوليو 2006 عندما اختارت امكنة ومواقع لـ «بنك أهدافها» وتجنبت اخرى.
ولم يغفل هؤلاء ان الدور الذي اضطلع به «حزب الله» عبر مشاركته العسكرية في سورية أكسبه مكانة اضافية في لبنان والمنطقة، وانه أصبح يتعاطى مع الداخل اللبناني على طريقة شارل ديغول الذي قال يوماً: «أظهِر القوة دون ان تستخدمها»، فهو يشهرها في سورية من دون الحاجة الى استخدامها في لبنان على غرار ما فعله في 7 مايو 2008.
ولن يكون «حزب الله» في حاجة، لا لـ «ثياب سود» ولا لأي ثياب من لون آخر لتكون له كلمته كـ «لاعب اساسي» في تظهير اسم رئيس الجمهورية الجديد، الذي سيمرّ حكماً، بحسب القريبين من «حزب الله» من حارة حريك (في الضاحية الجنوبية لبيروت) وهو في طريقه الى قصر بعبدا الجمهوري.