بلسم روح الحياة / الصبر الجميل
لم يدر في خاطري حين قررت كتابة مقالتي عن الصبر الجميل مدى صعوبة هذا الموضوع حيث اكتشفت أنه لا يقل عن صعوبة تطبيقه عملياً في حياتنا ،على الرغم من قلة حروف كلمة (الصبر) وسهولة لفظها.
فاحترت وتوقفت مراراً وكدت أن أصرف النظر عن الكتابة في هذا الموضوع. ولكن نظراً لأهميته في حياتنا وافتقاد معظمنا لصفة الصبر الجميل وزيادة مشاكلنا وهمومنا، أصــــــررت أن أمضي في كتابة هذا الموضوع تمثلاً بقول الشاعر:
سأصبر حتى يعلم الصبر أنني
صبرت على شيء أمرّ من الصبر
إن الصبر كلمة شائعة ومتداولة بين الناس يطلبونها ويصرون عليها من غيرهم ويفتقدونها في ذاتهم ويبخلون بها على أنفسهم.
يكبر بها الصغار ويصغر بتركها الكبار ويتجمل بها الناس.
فليس هناك صفة أخلاقية حميدة إلا وكان الصبر جزءا لا يتجزأ منها.
إن الصبر من مكارم الأخلاق وهو سلاح الإنسان في مواجهة تحديات الحياة الصعبة دون فقدان للأمل.
يقول ابن القيم في تعريفه للصبر هو حبس النفس عن الجزع والتسخط وحبس اللسان عن الشكوى وحبس الجوارح عن المعصية.
فقد روي عن الخليفة عمر بن عبدالعزيز قوله: ما أنعم الله على عبد نعمة فانتزعها منه فعاضها مكانها الصبر إلا كان ما عوضه خيراً مما انتزعه.
وقد حث الله ورسوله على الصبر ووعد عباده المخلصين بالجزاء العظيم حيث تجلت أهمية الصبر بذكرها في القرآن الكريم أكثر من تسعين موضعاً، حيث يقول عز وجل «فاصبر صبراً جميلاً» سورة المعارج.
فما هو الصبر الجميل؟
وهل كل صبر جميل؟
وما الذي أضافته كلمة الجميل الى الصبر؟
يقول ابن تيمية رحمه الله واصفاً الصبر الجميل هو الذي لا شكوى فيه ولا معه.
وهنا تجدر الاشارة أن الشكوى لله لا تتنافى مع الصبر الجميل.
إن الصبر الجميل هو صبر بلا تذمر واعتراض وبلا ضجر وضيق،هو الصبر باللسان والقلب معاً. فكثير من الناس ممن نلتقيهم في حياتنا دائماً ينطق لسانه بالرضا وقلبه يتذمر ويردد لماذا يا رب؟ فمن اتفق لسانه مع قلبه فهو الصابر حقاً صبراً جميلاً.
إن الصبر الجميل مصدره القلب ونتيجته في القلب أيضاً. فمن يمتلك صفة الصبر يمتلك قلباً أكثر سكينة وطمأنينة، فترى على وجهه علامات الرضا وكأنه لم يصبه شيء من كدر الحياة.
فالصبر الجميل هو الصبر الإيجابي وهو الصبر على كدر الحياة برضا ويقين بقرب الفرج مع بذل الجهد لتحسين الواقع وليس بالاستسلام بحجة الصبر لهذا الواقع.
فالصبر يرتبط بالسعي والعمل وليس بالكسل وانتظار الفرج دون بذل الأسباب.
فالإنسان مثلاً ذو المورد المحدود والذي لا يلبي احتياجاته الأساسية وجب عليه السعي لتحسين أوضاعه بدلاً من التخفي وراء الصبر والاستكانه لواقعه، فمن طلب رغد العيش اتخذ الأسباب وسعى لتحقيق ما أراد. فالصبر على ضيق العيش لا يغني عن السعي في طلب الرزق وابتغاء رغد العيش.
إذاً فكيف السبيل الى الصبر الجميل؟
الصبر من الصفات المكتسبة فمن يريد أن يصبر يستطيع ومن لا يريد يقول لا أستطيع.
ومن طرق التدرب على اكتساب صفة الصبر الجميل :
1 - معرفة الإنسان لدوره وأهدافه في هذه الحياة.
2 - رسم الخطط الواقعية لأهدافنا في الحياة وتحديد الفترات الزمنية المناسبة لتحقيقها، وعدم استعجال النتائج.
3 - افتح قلبك للحياة وللواقع الذي تعيش فيه وإن لم تكن راغباً له. لأن درجة الرضا والسكينة القلبية تتوقف على مدى قدرتنا للعيش والتأقلم مع واقعنا الحاضر.
4 - عدم الاستسلام لتحديات الحياة الصعبة والسعي وبذل الجهد لتغيير الواقع الحاضر إلى واقع نطمح إليه ونتمناه.
5 - اليقين الدائم بكرم الله تعالى بأن بعد الصبر على الشدة والابتلاء لابد من الفرج.
6 - الاقتداء والتأمل في سير الصابرين فمهما عظمت المصائب فسيجد المتتبع لهذه السير من يقتدي بصبرهم.
7 - النظر بإيجابية دائماً إلى ما نتعرض له من أحداث ، فكثير من الاحداث التي تثير ضيقنا هي حوادث جميلة بحد ذاتها إن أخذنا منها العبر.
8 - التدرب عمليا على الصبر، وذلك بإعطاء النفس فترات زمنية متزايدة مع مرور الوقت للاسترخاء وتحدي النفس في عدم السماح لأي من منغصات الحياة بالتأثير علينا، وذلك من شأنه أن يقوي قدرتنا على الصبر.
إن الحياة مدرسة يعتمد منهجها على الصبر الجميل والأمل. فما أوسع العيش بهما وما أضيقه من دونهما.
وهذا مصداق لقول الشاعر:
إني رأيت وفي الأيام تجربة
للصبر عاقبة محمودة الأثر
وقل من جد في أمر يحاوله
واستصحب الصبر إلا وفاز بالظفر
* مدرب الحياة والتفكير الإيجابي
Twitter : t_almutairi
Instagram: t_almutairii
Email : talmutairi@hotmail.com
فاحترت وتوقفت مراراً وكدت أن أصرف النظر عن الكتابة في هذا الموضوع. ولكن نظراً لأهميته في حياتنا وافتقاد معظمنا لصفة الصبر الجميل وزيادة مشاكلنا وهمومنا، أصــــــررت أن أمضي في كتابة هذا الموضوع تمثلاً بقول الشاعر:
سأصبر حتى يعلم الصبر أنني
صبرت على شيء أمرّ من الصبر
إن الصبر كلمة شائعة ومتداولة بين الناس يطلبونها ويصرون عليها من غيرهم ويفتقدونها في ذاتهم ويبخلون بها على أنفسهم.
يكبر بها الصغار ويصغر بتركها الكبار ويتجمل بها الناس.
فليس هناك صفة أخلاقية حميدة إلا وكان الصبر جزءا لا يتجزأ منها.
إن الصبر من مكارم الأخلاق وهو سلاح الإنسان في مواجهة تحديات الحياة الصعبة دون فقدان للأمل.
يقول ابن القيم في تعريفه للصبر هو حبس النفس عن الجزع والتسخط وحبس اللسان عن الشكوى وحبس الجوارح عن المعصية.
فقد روي عن الخليفة عمر بن عبدالعزيز قوله: ما أنعم الله على عبد نعمة فانتزعها منه فعاضها مكانها الصبر إلا كان ما عوضه خيراً مما انتزعه.
وقد حث الله ورسوله على الصبر ووعد عباده المخلصين بالجزاء العظيم حيث تجلت أهمية الصبر بذكرها في القرآن الكريم أكثر من تسعين موضعاً، حيث يقول عز وجل «فاصبر صبراً جميلاً» سورة المعارج.
فما هو الصبر الجميل؟
وهل كل صبر جميل؟
وما الذي أضافته كلمة الجميل الى الصبر؟
يقول ابن تيمية رحمه الله واصفاً الصبر الجميل هو الذي لا شكوى فيه ولا معه.
وهنا تجدر الاشارة أن الشكوى لله لا تتنافى مع الصبر الجميل.
إن الصبر الجميل هو صبر بلا تذمر واعتراض وبلا ضجر وضيق،هو الصبر باللسان والقلب معاً. فكثير من الناس ممن نلتقيهم في حياتنا دائماً ينطق لسانه بالرضا وقلبه يتذمر ويردد لماذا يا رب؟ فمن اتفق لسانه مع قلبه فهو الصابر حقاً صبراً جميلاً.
إن الصبر الجميل مصدره القلب ونتيجته في القلب أيضاً. فمن يمتلك صفة الصبر يمتلك قلباً أكثر سكينة وطمأنينة، فترى على وجهه علامات الرضا وكأنه لم يصبه شيء من كدر الحياة.
فالصبر الجميل هو الصبر الإيجابي وهو الصبر على كدر الحياة برضا ويقين بقرب الفرج مع بذل الجهد لتحسين الواقع وليس بالاستسلام بحجة الصبر لهذا الواقع.
فالصبر يرتبط بالسعي والعمل وليس بالكسل وانتظار الفرج دون بذل الأسباب.
فالإنسان مثلاً ذو المورد المحدود والذي لا يلبي احتياجاته الأساسية وجب عليه السعي لتحسين أوضاعه بدلاً من التخفي وراء الصبر والاستكانه لواقعه، فمن طلب رغد العيش اتخذ الأسباب وسعى لتحقيق ما أراد. فالصبر على ضيق العيش لا يغني عن السعي في طلب الرزق وابتغاء رغد العيش.
إذاً فكيف السبيل الى الصبر الجميل؟
الصبر من الصفات المكتسبة فمن يريد أن يصبر يستطيع ومن لا يريد يقول لا أستطيع.
ومن طرق التدرب على اكتساب صفة الصبر الجميل :
1 - معرفة الإنسان لدوره وأهدافه في هذه الحياة.
2 - رسم الخطط الواقعية لأهدافنا في الحياة وتحديد الفترات الزمنية المناسبة لتحقيقها، وعدم استعجال النتائج.
3 - افتح قلبك للحياة وللواقع الذي تعيش فيه وإن لم تكن راغباً له. لأن درجة الرضا والسكينة القلبية تتوقف على مدى قدرتنا للعيش والتأقلم مع واقعنا الحاضر.
4 - عدم الاستسلام لتحديات الحياة الصعبة والسعي وبذل الجهد لتغيير الواقع الحاضر إلى واقع نطمح إليه ونتمناه.
5 - اليقين الدائم بكرم الله تعالى بأن بعد الصبر على الشدة والابتلاء لابد من الفرج.
6 - الاقتداء والتأمل في سير الصابرين فمهما عظمت المصائب فسيجد المتتبع لهذه السير من يقتدي بصبرهم.
7 - النظر بإيجابية دائماً إلى ما نتعرض له من أحداث ، فكثير من الاحداث التي تثير ضيقنا هي حوادث جميلة بحد ذاتها إن أخذنا منها العبر.
8 - التدرب عمليا على الصبر، وذلك بإعطاء النفس فترات زمنية متزايدة مع مرور الوقت للاسترخاء وتحدي النفس في عدم السماح لأي من منغصات الحياة بالتأثير علينا، وذلك من شأنه أن يقوي قدرتنا على الصبر.
إن الحياة مدرسة يعتمد منهجها على الصبر الجميل والأمل. فما أوسع العيش بهما وما أضيقه من دونهما.
وهذا مصداق لقول الشاعر:
إني رأيت وفي الأيام تجربة
للصبر عاقبة محمودة الأثر
وقل من جد في أمر يحاوله
واستصحب الصبر إلا وفاز بالظفر
* مدرب الحياة والتفكير الإيجابي
Twitter : t_almutairi
Instagram: t_almutairii
Email : talmutairi@hotmail.com