تقرير / اعتمد تكتيكات جديدة وابتكارات صاروخية أسقطت يبرود بـ48 ساعة
أي أثمان يريدها «حزب الله» بعد إمساكه بلبنان وأجزاء من سورية؟
انتقل «حزب الله» من الجغرافيا اللبنانية الى السورية عبر وجوده العسكري حاملاً معه خبرته القتالية التي اكتسبها على مدى اكثر من 30 عاماً من الصراع ضد احد افضل الجيوش تسليحاً وتدريباً وتخطيطاً في العالم، اي الجيش الاسرائيلي، غير ان طبيعة المعركة على ارض الشام ومساحتها تختلف كلياً عن تلك التي خاضها «حزب الله» في جنوب لبنان وكذلك بالنسبة الى الجغرافيا الانتشارية التي فرضتها ارض المعركة من القصير الى بابا عمر فالغوطة، واخيراً وليس آخر في سلسلة الجبال الحدودية في القلمون.
ثمة عوامل في سورية تختلف كلياً عن الساحة اللبنانية ولا تتطابق مع خبرة «حزب الله» التي راكمها في حربة ضد اسرائيل من دون ان تكون مانعاً لقواته لتتأقلم مع مسرح العمليات الجديد. هذا التأقلم دفع بـ «حزب الله» لتقديم عدد غير قليل - بالنسبة الى حساباته الداخلية - من المقاتلين في الهجومات الاولى، كما حصل في القصير، ليعود ويبتكر تكتيكات عسكرية مختلفة مدعومة بصواريخ مطورة ومعدلة لحرب المدن كالبركان قبل الالتحام بالقوات المدافعة، منتجة مدرسة قتالية جديدة امام «عدو مختلف» على ارض ليست بصديقة ولا تؤمن له بيئة حاضنة كتلك التي يتمتع بها في الجنوب اللبناني او البقاع او الضاحية الجنوبية لبيروت.
وعلى ارض سورية يواجه «حزب الله» عقائديين ومقاتلين ذوي خبرة واسعة في القتال الفردي او ضمن مجموعات صغيرة، ومنهم من لا يهاب الموت بل اتى الى سورية، خصوصاً المهاجرين منهم، طالباً الموت، وقد حدث ان مجموعات من «القاعدة» اندفعت بالمئات بل بالالاف ضد مواقع صغيرة جغرافياً دون الاكتراث لأعداد القتلى من بينهما، لتسجيل انتصار هنا او هناك، وهذا بيت القصيد.
فقد اثبتت جماعات كـ «جبهة النصرة» و«الدولة الاسلامية في العراق والشام» (تسمي نفسها الدولة) بان لديها القدرة على احتلال مواقع ضد الجيش النظامي السوري المنهك ولفرض الشريعة، بحسب ما تراها في مفهومها للاسلام. الا ان التنظيمات الاصولية والمعارضة اثبتت ايضاً أنها مشرذمة ولا تعمل تحت قيادة موحدة، بينما أظهرت قوات النخبة من «حزب الله» انضباطها المتماسك تحت قيادة موحدة وتكتيك عسكري يجمع بين القوة النظامية وحرب العصابات، واكدت قدرتها على خوض حرب لمدة طويلة - اي اكثر بقليل من شهر - كما حصل في القصير ويبرود، اضافة الى تحقيق ربح عسكري في منطقة شاسعة توازي نصف مساحة لبنان الجغرافية.
واللافت في «المدرسة الجديدة» التي قدمتها قوات «حزب الله» النخبوية في القلمون انها لم تبال بالتضحيات القوية للمسلحين داخل المدن في الجراجير والسحل ورأس العين وخصوصاً في يبرود، اذ تركزت بمجهودها الحربي على احتلال المرتفعات الحساسة وانتقلت الى حرب المغاور والمنحدرات في منطقة جبلية تجمع ايضاً مساحات مفتوحة، الا ان العامل الاكثر مفاجآت كان في احتلال «حزب الله» خلال 48 ساعة مدينة يبرود التي كان لها الوقت الكافي (منذ سرب خبر الهجوم على منطقة القلمون، اي منذ نحو 4 اشهر) لتتحصن وتحضر خططها العسكرية اللازمة لاكمال المواجهة المحسوبة والمتوقعة.
لقد اظهر «حزب الله» ايضاً اعتماده على الرصد الالكتروني للمسلحين والمعلومات الاستخباراتية داخل صفوف المعارضة وارسال الطائرات من دون طيار ورصد الطقس لتحديد زمان المعركة في منطقة جبلية ثلجية مثل القلمون وتحديد موعد الهجوم، الا ان اكبر المفاجئات حصلت عند حصول الهجوم على مدينة يبرود والسيطرة عليها خلال 48 ساعة فقط، مما شكل الصدمة الكبرى ليس فقط للمعارضة بل لكل مراقب عسكري او محلل سياسي، مع الاخذ في الاعتبار ان «حزب الله» استطاع خداع المدافعين عن المدينة عبر ايهامهم بان الهجوم سيكون من الجبهة الامامية فإذا به يدخل من الشرق ومن ثم عبر محور ثان من الغرب الامر الذي سمح له بالامساك بالمدينة وتطهيرها خلال ساعات، مما أثار الدهشة والاسئلة لمعرفة اذا كان السبب تشرذم المسلحين ام القوة النارية لـ «حزب الله» او الاثنين معاً؟
وفي القلمون لوحظ تبدل جدي في تكتيك الحرب الذي اتبعه «حزب الله» عما كان عليه الامر في القصير، ففي القصير اقتحمت قوات النخبة للحزب في شكل دفرسوار داخل المدينة وتكبدت خسائر كبيرة نسبياً في الايام الاولى من المعركة، الا ان التبديل بالخطة بعد الهجمات الاولى واعتماد تكتيك مختلف جداً في القلمون يدل على ان «حزب الله» يأخذ العبر ما اخفض الى الثلث نسبة الخسائر البشرية التي تكبدها في القلمون بحسب الاحصاءات التي يعلنها الحزب من خلال تشييع مقاتليه.
كما لوحظ في السياق عينه اعتماد جديد لـ «حزب الله» في المعركة على المناظير الليلية والكاميرات الحرارية التي مكنته من نصب الكمائن وكذلك خفض عدد الدبابات والآليات التي استطاعت المعارضة اصطيادها نهاراً، مما اعطى الحزب تفوقاً ليلياً دفعه الى شن هجومه الليلي على يبرود، مستفيداً من خبرته في حربه مع اسرائيل وبعدم خبرة المعارضة بهذا النوع المتقدم من القتال. هناك تصور واضح واستخدامات لوسائل واساليب قتالية مبتكرة من خلال التوغل العميق بمناورات التفافية وبسرعة عملية لقضم المدن والابنية والمساحات الشاسعة حيث يقف اليوم «حزب الله» على 10452 كيلومتراً مربعاً في لبنان يضاف اليها اكثر من 7500 كيلومتر مربع في سورية تبدأ من تلكلخ مرورا بالقصير وحتى الزبداني ما يطرح تساؤلات عدة عن نوايا «حزب الله» في السلسلة الشرقية وسورية عموماً، واذا دخلت بلاد الشام معادلة حربه مع اسرائيل من جهة وعن نتيجة حجم قدرته العسكرية على الداخل اللبناني وما اذا كان سيستثمر هذا الانتصار بالموقف الصامت او الموقف الفاعل ليفرض سيطرته على لبنان... وسورية ايضاً.
ثمة عوامل في سورية تختلف كلياً عن الساحة اللبنانية ولا تتطابق مع خبرة «حزب الله» التي راكمها في حربة ضد اسرائيل من دون ان تكون مانعاً لقواته لتتأقلم مع مسرح العمليات الجديد. هذا التأقلم دفع بـ «حزب الله» لتقديم عدد غير قليل - بالنسبة الى حساباته الداخلية - من المقاتلين في الهجومات الاولى، كما حصل في القصير، ليعود ويبتكر تكتيكات عسكرية مختلفة مدعومة بصواريخ مطورة ومعدلة لحرب المدن كالبركان قبل الالتحام بالقوات المدافعة، منتجة مدرسة قتالية جديدة امام «عدو مختلف» على ارض ليست بصديقة ولا تؤمن له بيئة حاضنة كتلك التي يتمتع بها في الجنوب اللبناني او البقاع او الضاحية الجنوبية لبيروت.
وعلى ارض سورية يواجه «حزب الله» عقائديين ومقاتلين ذوي خبرة واسعة في القتال الفردي او ضمن مجموعات صغيرة، ومنهم من لا يهاب الموت بل اتى الى سورية، خصوصاً المهاجرين منهم، طالباً الموت، وقد حدث ان مجموعات من «القاعدة» اندفعت بالمئات بل بالالاف ضد مواقع صغيرة جغرافياً دون الاكتراث لأعداد القتلى من بينهما، لتسجيل انتصار هنا او هناك، وهذا بيت القصيد.
فقد اثبتت جماعات كـ «جبهة النصرة» و«الدولة الاسلامية في العراق والشام» (تسمي نفسها الدولة) بان لديها القدرة على احتلال مواقع ضد الجيش النظامي السوري المنهك ولفرض الشريعة، بحسب ما تراها في مفهومها للاسلام. الا ان التنظيمات الاصولية والمعارضة اثبتت ايضاً أنها مشرذمة ولا تعمل تحت قيادة موحدة، بينما أظهرت قوات النخبة من «حزب الله» انضباطها المتماسك تحت قيادة موحدة وتكتيك عسكري يجمع بين القوة النظامية وحرب العصابات، واكدت قدرتها على خوض حرب لمدة طويلة - اي اكثر بقليل من شهر - كما حصل في القصير ويبرود، اضافة الى تحقيق ربح عسكري في منطقة شاسعة توازي نصف مساحة لبنان الجغرافية.
واللافت في «المدرسة الجديدة» التي قدمتها قوات «حزب الله» النخبوية في القلمون انها لم تبال بالتضحيات القوية للمسلحين داخل المدن في الجراجير والسحل ورأس العين وخصوصاً في يبرود، اذ تركزت بمجهودها الحربي على احتلال المرتفعات الحساسة وانتقلت الى حرب المغاور والمنحدرات في منطقة جبلية تجمع ايضاً مساحات مفتوحة، الا ان العامل الاكثر مفاجآت كان في احتلال «حزب الله» خلال 48 ساعة مدينة يبرود التي كان لها الوقت الكافي (منذ سرب خبر الهجوم على منطقة القلمون، اي منذ نحو 4 اشهر) لتتحصن وتحضر خططها العسكرية اللازمة لاكمال المواجهة المحسوبة والمتوقعة.
لقد اظهر «حزب الله» ايضاً اعتماده على الرصد الالكتروني للمسلحين والمعلومات الاستخباراتية داخل صفوف المعارضة وارسال الطائرات من دون طيار ورصد الطقس لتحديد زمان المعركة في منطقة جبلية ثلجية مثل القلمون وتحديد موعد الهجوم، الا ان اكبر المفاجئات حصلت عند حصول الهجوم على مدينة يبرود والسيطرة عليها خلال 48 ساعة فقط، مما شكل الصدمة الكبرى ليس فقط للمعارضة بل لكل مراقب عسكري او محلل سياسي، مع الاخذ في الاعتبار ان «حزب الله» استطاع خداع المدافعين عن المدينة عبر ايهامهم بان الهجوم سيكون من الجبهة الامامية فإذا به يدخل من الشرق ومن ثم عبر محور ثان من الغرب الامر الذي سمح له بالامساك بالمدينة وتطهيرها خلال ساعات، مما أثار الدهشة والاسئلة لمعرفة اذا كان السبب تشرذم المسلحين ام القوة النارية لـ «حزب الله» او الاثنين معاً؟
وفي القلمون لوحظ تبدل جدي في تكتيك الحرب الذي اتبعه «حزب الله» عما كان عليه الامر في القصير، ففي القصير اقتحمت قوات النخبة للحزب في شكل دفرسوار داخل المدينة وتكبدت خسائر كبيرة نسبياً في الايام الاولى من المعركة، الا ان التبديل بالخطة بعد الهجمات الاولى واعتماد تكتيك مختلف جداً في القلمون يدل على ان «حزب الله» يأخذ العبر ما اخفض الى الثلث نسبة الخسائر البشرية التي تكبدها في القلمون بحسب الاحصاءات التي يعلنها الحزب من خلال تشييع مقاتليه.
كما لوحظ في السياق عينه اعتماد جديد لـ «حزب الله» في المعركة على المناظير الليلية والكاميرات الحرارية التي مكنته من نصب الكمائن وكذلك خفض عدد الدبابات والآليات التي استطاعت المعارضة اصطيادها نهاراً، مما اعطى الحزب تفوقاً ليلياً دفعه الى شن هجومه الليلي على يبرود، مستفيداً من خبرته في حربه مع اسرائيل وبعدم خبرة المعارضة بهذا النوع المتقدم من القتال. هناك تصور واضح واستخدامات لوسائل واساليب قتالية مبتكرة من خلال التوغل العميق بمناورات التفافية وبسرعة عملية لقضم المدن والابنية والمساحات الشاسعة حيث يقف اليوم «حزب الله» على 10452 كيلومتراً مربعاً في لبنان يضاف اليها اكثر من 7500 كيلومتر مربع في سورية تبدأ من تلكلخ مرورا بالقصير وحتى الزبداني ما يطرح تساؤلات عدة عن نوايا «حزب الله» في السلسلة الشرقية وسورية عموماً، واذا دخلت بلاد الشام معادلة حربه مع اسرائيل من جهة وعن نتيجة حجم قدرته العسكرية على الداخل اللبناني وما اذا كان سيستثمر هذا الانتصار بالموقف الصامت او الموقف الفاعل ليفرض سيطرته على لبنان... وسورية ايضاً.