لم أصدق في البداية الخبر العاجل الذي بثته إحدى القنوات والذي يشير إلى سحب بعض دول الخليج لسفرائها من دولة قطر، حيث اعتدنا على تزييف هذه القناة للأخبار وعدم مصداقيتها، لكن بعد أن أكدته معظم القنوات الأخرى ومنها «الجزيرة» أصبح القرار حقيقة وليس ادعاء.
في الحقيقة، قرار مثل هذا يطرح العديد من علامات التعجب لدى معظم مواطني دول الخليج، خصوصا أن هذا القرار جاء بعد التصريح الخطير الذي أدلى به الرئيس الأميركي أوباما - ونشرته جريدة «الراي» يوم الأربعاء الماضي في صفحتها الأولى - بأنه على شركائنا السنة في المنطقة التكيّف مع التغيير في علاقتنا بإيران.
فلقد كان متوقعا أن يدفع هذا القرار دول مجلس التعاون الخليجي إلى أن توحد صفوفها وأن تستفيق من غفوتها وأن تنتبه إلى الخطر الحقيقي الذي يحيط بها، بعد تغير المزاج الأميركي الذي يجري وراء مصالحه.
كنا نتوقع أن يتم سحب سفراء السعودية والامارات والبحرين من إيران وليس قطر خصوصا بعد حادث التفجير الذي وقع في البحرين من قبل المعارضة البحرينية المدعومة من إيران.
كنا نتوقع سحب السفراء من إيران بعد موقفها المتعنت والمتصلب في استمرار احتلالها للجزر الإماراتية الثلاث.
لكن للأسف حدث العكس وتم سحب السفراء من دولة شقيقة عضو في مجلس التعاون الخليجي.
لا ندري هل السبب في سحب السفراء من قطر هو الموقف المشرف لها في رفض الانقلاب؟ وهل السبب عدم محاربتها لجماعة الإخوان المسلمين ورفض التضييق على قياداتها؟
الموقف الذي لا نتمناه لأشقائنا في بعض دول الخليج هو أن ينظر إليها من قبل الشعوب الخليجية والإسلامية على أنها محاربة للتوجهات الإسلامية، وبأنها تقبل التفاوض والتقارب مع ألد خصومها في المنطقة بينما تعجز عن توحيد صفها مع أقرب أشقائها.
معظم مواطني الخليج يتوجّسون خيفة من الأطماع الإيرانية في المنطقة، ويجعلون أمن وسلامة البلاد أمانة لدى القادة، ولن تتحقق القوة الحقيقية لردع أي تهديدات متوقعة إلا في وقوف جميع دول مجلس التعاون صفا واحدا ويدا واحدة أمام تلك الأطماع، ونود الإشارة إلى الموقف الإيجابي الذي اتخذه صاحب السمو من محاولة تقريب وجهات النظر بين أشقائنا الخليجيين، والذي نتمنّاه من سموه هو الاستمرار في مساعيه الحميدة.
حماس أم إسرائيل
قرار بعض دول الخليج سحب سفرائها من قطر، جاء ليزيد من الجرح الأليم الذي شعر به أبناء الأمة العربية والإسلامية بعد القرار الذي اتخذته محكمة القاهرة للأمور المستعجلة والذي يقضي بحظر أنشطة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على أراضيها، والذي يقضي كذلك بالتحفظ على جميع مقارها في القاهرة، ووقف التعامل معها!!
هذا القرار الذي يعتبر ضربة لكل الحركات المقاومة للعدو الإسرائيلي، وليصب هذا القرار في مصلحة الصهاينة، وليزيد من المعاناة التي يعيشها أشقائنا الفلسطينيون وخاصة في غزة، والتي تدير حماس شؤونها.
إن هذا القرار لم يدع مجالا للشك بأن من أهداف وقوع الانقلاب هو حماية مصالح إسرائيل وتعزيز أمنها، وبما أن مصر هي عمق الأمة الاستراتيجي في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، فإننا سنظل نعارض الانقلاب وندعو الله أن يعجل في زواله حتى يرجع لمصر مكانتها الرائدة في التصدي للهيمنة الإسرائيلية والتي سعى الرئيس الشرعي «محمد مرسي» للحد من نفوذها.