سوق وقانون
قطار خصخصة البورصة ... نحو التأميم
• 30 في المئة
من المواطنين ليسوا مهتمين بتملك أسهم بالبورصة
بحكم التجارب
• غياب ملاك حقيقيين كبار يعني أن الهيئة و«المالية» ستختاران مجلس الإدارة! ... فأين الحوكمة؟
• غياب ملاك حقيقيين كبار يعني أن الهيئة و«المالية» ستختاران مجلس الإدارة! ... فأين الحوكمة؟
لاتزال علاقة هيئة اسواق المال بالبورصة تثير العديد من علامات الاستفهام المفتوحة؟ فوفق نص المادة 156 من القانون رقم 7/ 2010 آلت البورصة بما تملك من أصول الى «هيئة الأسواق»، أي انها باتت من أصول «الهيئة»، والمطلوب من هذه الاخيرة خصخصتها عن طريق انشاء شركة خاصة للبورصة وتمليك هذه الشركة للقطاع الخاص (المادة 33).
الا أنه يبدو ان الامور حتى الان لا تسير كما رسمها القانون. فالمهلة القانونية التي أقرت لخصخصة البورصة قد مرت منذ عامين ونصف العام دون أي خصخصة (خلال سنة من صدور اللائحة). بل لايبدو في الافق خصخصة حقيقية، فمشروع شركة البورصة المقترح من «الهيئة» والذي تناقشه هذه الايام مع وزارة التجارة يطلق يد «الهيئة» في خصخصة الشركة خلال خمسة أعوام!
وبذلك لن تكون هناك شركة مملوكة للقطاع الخاص كما رسمها القانون، اذ ان شركة البورصة ستبقى في يد الهيئة المؤسس والمالك الى حين تقرر عمل المزاد على 50 في المئة من اسهمها. أي أن المهلة التي حددها القانون بسنة من تاريخ صدور اللائحة التنفيذية للقانون قد اصبحت ثمان سنوات على أقل تقدير وفق ما يطرح الان! فلا خصخصة ولا شركة قطاع خاص خلال هذه السنوات الثمان وفق ما قرر القانون. هذا من جانب المهلة المقررة في القانون.
أما في جانب الملكية، فالنصف الذي سيخصص للجمهور سيكون وفق الاسماء المسجلة لدى الهيئة العامة للمعلومات المدنية في يوم التخصيص، وعلى كل من خصص له اسهم أن يسدد قيمتها والا آلت هذه الاسهم للدولة، وإذا كانت هذه الملكية قد جاءت في مقترح الشركة المتداول حاليا وعلى اساس ورودها هكذا في القانون، فإن القانون قد ربطها بالمزاد على النصف الاخر من الشركة، فتصبح مملوكة للقطاع الخاص، ووفقا لتوجه الهيئة بمقترح الشركة الحالي فان لـ «الهيئة» الحق بالاحتفاظ بالنصف الى حين خصخصته خلال خمسة اعوام، فالشركة اصبحت شركة حكومية لا تتبع القطاع الخاص وإن تملك الافراد بعض اسهمها.
وحتى تتضح الصورة اكثر يمكن التوقف عند النص الذي يفيد بان «على كل من خصص له اسهم أن يسدد قيمتها والا آلت هذه الاسهم للدولة»، وعلى فرض أن شخصا واحدا فقط لم يسدد قيمة حصته فذلك يعني أن حصة القطاع العام قد تجاوزت النصف، ولن نستطيع وقتها ان نقول أن الشركة من شركات القطاع الخاص. أما في حال تحقق الفرضية الثانية وهي اكثر واقعية بحكم التجارب السابقة التي تدل على أن نسبة بين 25 و 30 في المئة من المواطنين ليس لهم اهتمام بتملك اسهم كهذه، ما يعني أن ملكية الشركة ستكون بين هيئة اسواق المال ووزارة المالية! فهل كان هذا مراد المشرع؟
من الموضوعية هنا ان نذكر أن فكرة أن تكون شركة البورصة حكومية طرحت للنقاش عند اعداد مشروع القانون، الا أنها لم تجد قبولا، على اساس ان من غير المعقول الرجوع اليوم الى افكار الاقتصاد الشمولي الذي جاء بمؤسسات حكومية تراقب مؤسسات حكومية والتي تخضع بدورها لمراقبة أجهزة حكومية وبيروقراطية أعلى مستوى، ولذا تم استبعاد الفكرة لعدم مناسبتها للتنظيم المقترح لسوق المال في ذلك الوقت.
وخلال مناقشة موضوع خصخصة البورصة عند مناقشة مشروع القانون أمام اللجنة المالية، تبنت اللجنة شكلا محددا للخصخصة وهو الذي جاء النص عليه في المادة 33 من القانون، أي أن فكرة الشركة الحكومية مرفوضة جملة وتفصيلا، وأن ملكية الدولة للبورصة يجب ان تنتهي خلال سنة ونصف من صدور القانون.
وفي هذا الخصوص ثمة علامات الاستفهام تبرز حول مصير البورصة المتشبث بحبله السري مع «هيئة الأسواق»، ليس اقلها ما يمكن أن يسأل عن إدارة البورصة أو شركة البورصة التي ستنتج عن هذا المشروع؟ فغياب ملاك حقيقيين باستثناء الهيئة ووزارة المالية يعني بالضرورة أن من سيعين مجلس الادارة هما هذين المالكين!
وإذا كان تعيين الهيئة لممثلين لها في شركة البورصة يصطدم بأحكام القانون رقم 7 /2010، ويتعارض مع أبسط قواعد الادارة الحكيمة (أو الحوكمة)، فإننا لاندري كيف ستسمي وزارة المالية ممثليها بعد ان فصلت الوزارة موضوع ادارة أي اصول عن عملها واسندته لهيئة الاستثمار، خصوصا ان مع هذا النص لا يمكن تفسير مشروع الشركة.
إضافة إلى ذلك فان الاسهم التي لم تدفع قيمتها ستؤول إلى وزارة المالية وليس إلى الهيئة العامة للاستثمار، أي أن الوزارة ستجد نفسها أمام تحد قانوني جديد يتمثل في ملكيتها لاسهم شركة البورصة! ولاندري كيف يمكن أن تسجل هذه الملكية في أصول وزارة المالية وكيف سيتم قيدها في الميزانية ولا كيف سيتم رفعها عند بيعها في المزاد؟ وهل ستذهب هذه الاموال لهيئة اسواق المال التي دفعت قيمتها عند سداد رأس المال؟ أم ستؤول إلى وزارة المالية كما يوحي النص؟
سؤال لا نعتقد ان يكون الاخير في هذه المسألة: وفق السيناريو الذي عرض هل سيكون هناك عضو مجلس ادارة مستقل في شركة البورصة؟
الا أنه يبدو ان الامور حتى الان لا تسير كما رسمها القانون. فالمهلة القانونية التي أقرت لخصخصة البورصة قد مرت منذ عامين ونصف العام دون أي خصخصة (خلال سنة من صدور اللائحة). بل لايبدو في الافق خصخصة حقيقية، فمشروع شركة البورصة المقترح من «الهيئة» والذي تناقشه هذه الايام مع وزارة التجارة يطلق يد «الهيئة» في خصخصة الشركة خلال خمسة أعوام!
وبذلك لن تكون هناك شركة مملوكة للقطاع الخاص كما رسمها القانون، اذ ان شركة البورصة ستبقى في يد الهيئة المؤسس والمالك الى حين تقرر عمل المزاد على 50 في المئة من اسهمها. أي أن المهلة التي حددها القانون بسنة من تاريخ صدور اللائحة التنفيذية للقانون قد اصبحت ثمان سنوات على أقل تقدير وفق ما يطرح الان! فلا خصخصة ولا شركة قطاع خاص خلال هذه السنوات الثمان وفق ما قرر القانون. هذا من جانب المهلة المقررة في القانون.
أما في جانب الملكية، فالنصف الذي سيخصص للجمهور سيكون وفق الاسماء المسجلة لدى الهيئة العامة للمعلومات المدنية في يوم التخصيص، وعلى كل من خصص له اسهم أن يسدد قيمتها والا آلت هذه الاسهم للدولة، وإذا كانت هذه الملكية قد جاءت في مقترح الشركة المتداول حاليا وعلى اساس ورودها هكذا في القانون، فإن القانون قد ربطها بالمزاد على النصف الاخر من الشركة، فتصبح مملوكة للقطاع الخاص، ووفقا لتوجه الهيئة بمقترح الشركة الحالي فان لـ «الهيئة» الحق بالاحتفاظ بالنصف الى حين خصخصته خلال خمسة اعوام، فالشركة اصبحت شركة حكومية لا تتبع القطاع الخاص وإن تملك الافراد بعض اسهمها.
وحتى تتضح الصورة اكثر يمكن التوقف عند النص الذي يفيد بان «على كل من خصص له اسهم أن يسدد قيمتها والا آلت هذه الاسهم للدولة»، وعلى فرض أن شخصا واحدا فقط لم يسدد قيمة حصته فذلك يعني أن حصة القطاع العام قد تجاوزت النصف، ولن نستطيع وقتها ان نقول أن الشركة من شركات القطاع الخاص. أما في حال تحقق الفرضية الثانية وهي اكثر واقعية بحكم التجارب السابقة التي تدل على أن نسبة بين 25 و 30 في المئة من المواطنين ليس لهم اهتمام بتملك اسهم كهذه، ما يعني أن ملكية الشركة ستكون بين هيئة اسواق المال ووزارة المالية! فهل كان هذا مراد المشرع؟
من الموضوعية هنا ان نذكر أن فكرة أن تكون شركة البورصة حكومية طرحت للنقاش عند اعداد مشروع القانون، الا أنها لم تجد قبولا، على اساس ان من غير المعقول الرجوع اليوم الى افكار الاقتصاد الشمولي الذي جاء بمؤسسات حكومية تراقب مؤسسات حكومية والتي تخضع بدورها لمراقبة أجهزة حكومية وبيروقراطية أعلى مستوى، ولذا تم استبعاد الفكرة لعدم مناسبتها للتنظيم المقترح لسوق المال في ذلك الوقت.
وخلال مناقشة موضوع خصخصة البورصة عند مناقشة مشروع القانون أمام اللجنة المالية، تبنت اللجنة شكلا محددا للخصخصة وهو الذي جاء النص عليه في المادة 33 من القانون، أي أن فكرة الشركة الحكومية مرفوضة جملة وتفصيلا، وأن ملكية الدولة للبورصة يجب ان تنتهي خلال سنة ونصف من صدور القانون.
وفي هذا الخصوص ثمة علامات الاستفهام تبرز حول مصير البورصة المتشبث بحبله السري مع «هيئة الأسواق»، ليس اقلها ما يمكن أن يسأل عن إدارة البورصة أو شركة البورصة التي ستنتج عن هذا المشروع؟ فغياب ملاك حقيقيين باستثناء الهيئة ووزارة المالية يعني بالضرورة أن من سيعين مجلس الادارة هما هذين المالكين!
وإذا كان تعيين الهيئة لممثلين لها في شركة البورصة يصطدم بأحكام القانون رقم 7 /2010، ويتعارض مع أبسط قواعد الادارة الحكيمة (أو الحوكمة)، فإننا لاندري كيف ستسمي وزارة المالية ممثليها بعد ان فصلت الوزارة موضوع ادارة أي اصول عن عملها واسندته لهيئة الاستثمار، خصوصا ان مع هذا النص لا يمكن تفسير مشروع الشركة.
إضافة إلى ذلك فان الاسهم التي لم تدفع قيمتها ستؤول إلى وزارة المالية وليس إلى الهيئة العامة للاستثمار، أي أن الوزارة ستجد نفسها أمام تحد قانوني جديد يتمثل في ملكيتها لاسهم شركة البورصة! ولاندري كيف يمكن أن تسجل هذه الملكية في أصول وزارة المالية وكيف سيتم قيدها في الميزانية ولا كيف سيتم رفعها عند بيعها في المزاد؟ وهل ستذهب هذه الاموال لهيئة اسواق المال التي دفعت قيمتها عند سداد رأس المال؟ أم ستؤول إلى وزارة المالية كما يوحي النص؟
سؤال لا نعتقد ان يكون الاخير في هذه المسألة: وفق السيناريو الذي عرض هل سيكون هناك عضو مجلس ادارة مستقل في شركة البورصة؟