الرأي اليوم / السفيه


ستهدأ حملة الاتفاقية الأمنية مع ما رافقها من تهديدات...
قبلها هدأت حملة رسالة «داو» المفبركة مع ما رافقها من تهديدات...
وقبلها هدأت حملة «شريط الفتنة» مع ما رافقها من تهديدات...
والآن، وبكل هدوء، نسأل: لماذا كل هذه الحملات «المزيفة»؟ وما هو الهدف منها؟ ومن الرابح ومن الخاسر؟
عندما أثيرت قضية الاتفاقية الأمنية الخليجية كتبت محملا الحكومة مسؤولية «غيابها» عن هذه الاتفاقية، وانتقدت عدم مبادرتها هي قبل غيرها لشرح ايجابياتها وسلبياتها وطرحت أسئلة كثيرة عن مدى تعارض البنود مع الدستور والقوانين والتشريعات. ويومها سألني كثيرون عن سر توقيت إثارة الموضوع ومصلحة الحكومة في ذلك، قبل أن نكتشف أن الجهة التي أججت القضية و«هندست» توقيتها و«فجرت» أزمتها لم تكن جهة حكومية... ربما كانت جهة ملحقة بالحكومة في ما مضى لكنها نقلت البندقية من كتف إلى أخرى اليوم لأسباب شخصية أولا واخيراً.
أطراف أخرى بالتنسيق المباشر أو غير المباشر تلقفت هذه «الهدية» فهددت بالويل والثبور وعظائم الأمور و«تحريك الشارع» والعودة إلى التظاهرات والندوات ان أقرت الاتفاقية الأمنية، وبعض هذه الأطراف كما ذكرنا سابقا كان موافقا على بنود الاتفاقية الأمنية ومؤيداً لتدخل الكويت العسكري في البحرين أسوة بالسعودية وغيرها من دول «الخليجي».
نحن إذا، أمام قضية اثيرت بطريقة «مشبوهة» كون الاتفاقية الأمنية لها قنواتها الدستورية والتشريعية وتوقيتها المناسب، وكون من أثارها اعتبر نفسه «الشريف» الوحيد، ومن لاقاه في فرقة التصعيد مازال يعتقد نفسه المعلم الذي يوزع شهادات الوطنية على الآخرين، وكون من حركها من وراء الستارة مازال يفرك يديه أملا بأن «تضبط وياه».
وقبل الاتفاقية الأمنية، أثيرت أيضا قصة الرسالة المفبركة الموقعة من رئيس شركة «داو»، وهي التي صيغ تزويرها أيضا بطريقة سخيفة ومكشوفة وتورط في الترويج لها، للأسف الشديد، أشخاص لهم مكانتهم السياسية والاجتماعية. أيضا القضية «مشبوهة» في الشكل والتوقيت. كون من كتبها اعتبر نفسه «الذكي» الوحيد، ومن لاقاه في فرقة التصعيد أراد الإيحاء بأنها حقيقية ومن المسلمات، وان واقعا جديداً يجب أن يتشكل لدى الرأي العام للضغط السياسي والتصعيد والتأزيم، وأيضا كون من حركها من وراء الستارة مازال يفرك يديه أملا بأن «تضبط وياه».
وقبل رسالة الـ«داو» المفبركة «شريط الفتنة» الوهمي. يقال إن من يفرك يديه من وراء الستارة، ذهب إليهم وأسمعهم همهمات مقطوعة مربوطة. ترجمها إليهم بأنها مؤامرة تمس الحكم. انتفض أحدهم وهتف: «الشارع، الشارع»، فرد آخر بالرفض كون القصة تخص الأسرة فالأفضل لمن أحضر التسجيل أن يذهب به إلى أعمامه... وبقية القصة معروف إذ تبين أن الشريط «وهمي» لكن السعي إلى الفتنة «حقيقي»، وتسابق الجميع في التراجع والنفي والادعاء بأن لا علاقة لهم بالموضوع رغم التأجيج الذي مارسوه في مختلف وسائط التواصل الإعلامية والإلكترونية.
ثم ما قصة التهديد بتحريك الشارع كل مرة؟ هل الشارع «خردة» في جيب هذا أو ذاك؟ هل يعتقد هؤلاء أن شبان وشابات الكويت أجراء يتم تحريكهم بالريموت كنترول؟ ومن أجل أي موضوع؟ في موضوع مزيف ومركب وفتنوي مثل موضوع «الشريط» طالب بعضهم بالتصعيد في الشارع. وفي موضوع الرسالة خرجت دعوات مماثلة. وفي الاتفاقية الأمنية اتفقوا على الشارع. أليس هناك مؤسسات في الدولة يمكنها بحث كل هذه المواضيع بما فيها المواضيع الوهمية؟ هل هذا هو الحس الوطني الذي زايدتم فيه على الكرة الارضية بأسرها؟ هل نهز استقرار البلد من أجل أن «تضبط وياه» أو «وياكم»؟ وهل انتهت المشاريع والبرامج الوطنية القادرة على الحشد والاستقطاب واستبدلنا بها شرائط وهمية ورسائل مزورة وحملات مفتعلة؟
اليوم لم تعد القصة قصة «ضبطت وياه» أو لم «تضبط». طبعا بعض السفهاء ليسوا «سوبر مان» يقفون وراء كل شيء، وحتى الذين يتلاقون معه في التوقيت والمصلحة ربما كانوا يحتقرونه في دواخلهم ويعتبرونه «أداة» تماما كما يحاول هو أن يعتبرهم.
الموضوع ليس هنا، والموضوع ليس في القصة المشبوهة أو المفبركة التي ستلي قصص الاتفاقية والرسالة والشريط ... الموضوع هو إلى متى القيادة السياسية تستمر في الصبر والصمت؟ صحيح أن القضاء هو مرجع الجميع في مثل هذه القضايا لكن الأثر السلبي لهذه المحاولات السفيهة على الاستقرار كبير. البلد أهم بكثير من أن تنشغل كل سلطاته بالتصدي لمحاولة تأزيم تلو الأخرى. البلد يستحق أن يهدأ ويعمل بعد كل ما شهدناه من توتر وتصعيد... اللهم إلا إذا كان هناك جناح قوي في السلطة يحمي مثل هؤلاء السفهاء لحسابات خاصة غير آبه بالثمن الكبير الذي ستدفعه الكويت.
القيادة السياسية التي استطاعت أن تطفئ النار بين الكثير من الدول الشقيقة والصديقة وتعيد الاستقرار إلى العلاقات المشتركة، قادرة على إطفاء نار فتنة داخلية يحاول بعضهم إشعالها بكل إمكاناته المعروفة. هذا «المايسترو» لا يحتاج ربما من هذه القيادة سوى إلى كلمة واحدة كي تنكسر العصا التي يحملها، أما الجوقة المصاحبة والهتيفة والكومبارس فهؤلاء سيجدون «مايسترو» آخر، فيما سيعود السياسيون والنشطاء إلى قضاياهم المطلبية الوطنية بعد أن يكتشفوا كم أساءت إليهم محاولات السفهاء مصادرة تحركهم أو توظيفه في مشاريعه الخاصة.
عود على الأسئلة الأولى: لماذا كل هذه الحملات «المزيفة»؟ وما هو الهدف منها؟ ومن الرابح ومن الخاسر؟
السؤالان الاول والثاني، اجاباتهما معروفة لدى جميع الكويتيين.
السؤال الأخير. الرابح: لا أحد. الخاسر: الكويت.
جاسم بودي
قبلها هدأت حملة رسالة «داو» المفبركة مع ما رافقها من تهديدات...
وقبلها هدأت حملة «شريط الفتنة» مع ما رافقها من تهديدات...
والآن، وبكل هدوء، نسأل: لماذا كل هذه الحملات «المزيفة»؟ وما هو الهدف منها؟ ومن الرابح ومن الخاسر؟
عندما أثيرت قضية الاتفاقية الأمنية الخليجية كتبت محملا الحكومة مسؤولية «غيابها» عن هذه الاتفاقية، وانتقدت عدم مبادرتها هي قبل غيرها لشرح ايجابياتها وسلبياتها وطرحت أسئلة كثيرة عن مدى تعارض البنود مع الدستور والقوانين والتشريعات. ويومها سألني كثيرون عن سر توقيت إثارة الموضوع ومصلحة الحكومة في ذلك، قبل أن نكتشف أن الجهة التي أججت القضية و«هندست» توقيتها و«فجرت» أزمتها لم تكن جهة حكومية... ربما كانت جهة ملحقة بالحكومة في ما مضى لكنها نقلت البندقية من كتف إلى أخرى اليوم لأسباب شخصية أولا واخيراً.
أطراف أخرى بالتنسيق المباشر أو غير المباشر تلقفت هذه «الهدية» فهددت بالويل والثبور وعظائم الأمور و«تحريك الشارع» والعودة إلى التظاهرات والندوات ان أقرت الاتفاقية الأمنية، وبعض هذه الأطراف كما ذكرنا سابقا كان موافقا على بنود الاتفاقية الأمنية ومؤيداً لتدخل الكويت العسكري في البحرين أسوة بالسعودية وغيرها من دول «الخليجي».
نحن إذا، أمام قضية اثيرت بطريقة «مشبوهة» كون الاتفاقية الأمنية لها قنواتها الدستورية والتشريعية وتوقيتها المناسب، وكون من أثارها اعتبر نفسه «الشريف» الوحيد، ومن لاقاه في فرقة التصعيد مازال يعتقد نفسه المعلم الذي يوزع شهادات الوطنية على الآخرين، وكون من حركها من وراء الستارة مازال يفرك يديه أملا بأن «تضبط وياه».
وقبل الاتفاقية الأمنية، أثيرت أيضا قصة الرسالة المفبركة الموقعة من رئيس شركة «داو»، وهي التي صيغ تزويرها أيضا بطريقة سخيفة ومكشوفة وتورط في الترويج لها، للأسف الشديد، أشخاص لهم مكانتهم السياسية والاجتماعية. أيضا القضية «مشبوهة» في الشكل والتوقيت. كون من كتبها اعتبر نفسه «الذكي» الوحيد، ومن لاقاه في فرقة التصعيد أراد الإيحاء بأنها حقيقية ومن المسلمات، وان واقعا جديداً يجب أن يتشكل لدى الرأي العام للضغط السياسي والتصعيد والتأزيم، وأيضا كون من حركها من وراء الستارة مازال يفرك يديه أملا بأن «تضبط وياه».
وقبل رسالة الـ«داو» المفبركة «شريط الفتنة» الوهمي. يقال إن من يفرك يديه من وراء الستارة، ذهب إليهم وأسمعهم همهمات مقطوعة مربوطة. ترجمها إليهم بأنها مؤامرة تمس الحكم. انتفض أحدهم وهتف: «الشارع، الشارع»، فرد آخر بالرفض كون القصة تخص الأسرة فالأفضل لمن أحضر التسجيل أن يذهب به إلى أعمامه... وبقية القصة معروف إذ تبين أن الشريط «وهمي» لكن السعي إلى الفتنة «حقيقي»، وتسابق الجميع في التراجع والنفي والادعاء بأن لا علاقة لهم بالموضوع رغم التأجيج الذي مارسوه في مختلف وسائط التواصل الإعلامية والإلكترونية.
ثم ما قصة التهديد بتحريك الشارع كل مرة؟ هل الشارع «خردة» في جيب هذا أو ذاك؟ هل يعتقد هؤلاء أن شبان وشابات الكويت أجراء يتم تحريكهم بالريموت كنترول؟ ومن أجل أي موضوع؟ في موضوع مزيف ومركب وفتنوي مثل موضوع «الشريط» طالب بعضهم بالتصعيد في الشارع. وفي موضوع الرسالة خرجت دعوات مماثلة. وفي الاتفاقية الأمنية اتفقوا على الشارع. أليس هناك مؤسسات في الدولة يمكنها بحث كل هذه المواضيع بما فيها المواضيع الوهمية؟ هل هذا هو الحس الوطني الذي زايدتم فيه على الكرة الارضية بأسرها؟ هل نهز استقرار البلد من أجل أن «تضبط وياه» أو «وياكم»؟ وهل انتهت المشاريع والبرامج الوطنية القادرة على الحشد والاستقطاب واستبدلنا بها شرائط وهمية ورسائل مزورة وحملات مفتعلة؟
اليوم لم تعد القصة قصة «ضبطت وياه» أو لم «تضبط». طبعا بعض السفهاء ليسوا «سوبر مان» يقفون وراء كل شيء، وحتى الذين يتلاقون معه في التوقيت والمصلحة ربما كانوا يحتقرونه في دواخلهم ويعتبرونه «أداة» تماما كما يحاول هو أن يعتبرهم.
الموضوع ليس هنا، والموضوع ليس في القصة المشبوهة أو المفبركة التي ستلي قصص الاتفاقية والرسالة والشريط ... الموضوع هو إلى متى القيادة السياسية تستمر في الصبر والصمت؟ صحيح أن القضاء هو مرجع الجميع في مثل هذه القضايا لكن الأثر السلبي لهذه المحاولات السفيهة على الاستقرار كبير. البلد أهم بكثير من أن تنشغل كل سلطاته بالتصدي لمحاولة تأزيم تلو الأخرى. البلد يستحق أن يهدأ ويعمل بعد كل ما شهدناه من توتر وتصعيد... اللهم إلا إذا كان هناك جناح قوي في السلطة يحمي مثل هؤلاء السفهاء لحسابات خاصة غير آبه بالثمن الكبير الذي ستدفعه الكويت.
القيادة السياسية التي استطاعت أن تطفئ النار بين الكثير من الدول الشقيقة والصديقة وتعيد الاستقرار إلى العلاقات المشتركة، قادرة على إطفاء نار فتنة داخلية يحاول بعضهم إشعالها بكل إمكاناته المعروفة. هذا «المايسترو» لا يحتاج ربما من هذه القيادة سوى إلى كلمة واحدة كي تنكسر العصا التي يحملها، أما الجوقة المصاحبة والهتيفة والكومبارس فهؤلاء سيجدون «مايسترو» آخر، فيما سيعود السياسيون والنشطاء إلى قضاياهم المطلبية الوطنية بعد أن يكتشفوا كم أساءت إليهم محاولات السفهاء مصادرة تحركهم أو توظيفه في مشاريعه الخاصة.
عود على الأسئلة الأولى: لماذا كل هذه الحملات «المزيفة»؟ وما هو الهدف منها؟ ومن الرابح ومن الخاسر؟
السؤالان الاول والثاني، اجاباتهما معروفة لدى جميع الكويتيين.
السؤال الأخير. الرابح: لا أحد. الخاسر: الكويت.
جاسم بودي