يبدو أنه أصبح من المألوف أن تقرأ في تاريخ مصر عن محاكمات هزلية منذ عهد سيدنا يوسف عليه السلام إلى يومنا هذا.
فسيدنا يوسف ضحية اتهم زورا وبهتانا، وكانت عفته وطهارته هي جريمته، ولما قُدّم للمحاكمة ظهرت براءته من خلال القميص الممزق من الخلف، ومع ذلك وقد رأوا الآيات الدالة على صدقه وبراءته حكموا عليه ( ليسجننه حتى حين). وفضّل يوسف عليه السلام السجن على بيع مبادئه قائلا : رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه.
الرئيس مرسي فرج الله عنه تمت مساومته على بيع مبادئه، ولما رفض تم اعتقاله وسجنه واتهامه بالخيانة والعمالة وقُدّم للمحاكمة، وقد أظهرت المحاكمة الأخيرة في قضية وادي النطرون براءة الرئيس مما أسند إليه من اتهامات، ومع ذلك استمر اعتقاله واحتجازه.
لقد حاول الانقلابيون إهانة الرئيس مرسي ومعاقبته، وشاء الله تعالى أن تنقلب الأمور عكس مقاصدهم، فوضع الرئيس في قفص محاط بزجاج كاتم للصوت دلّ على خوفهم من كلامهم، ودل على أثر الكلمات التي قالها في المحاكمة السابقة في رفع معنويات مناهضي الانقلاب، وسلبيتها على الانقلابيين.
بل حتى أن القاضي من شدة ارتباكه عند افتتاح الجلسة لم ينطق لفظ البسملة بالصورة الصحيحة، ولما سأله مرسي عن صفته قال: أنا رئيس محكمة جنايات مصر!! والكل يعرف أنه لا يوجد منصب بهذا الاسم وإنما رئيس محكمة جنايات (القاهرة).
لقد كانت التهم في قضية وادي النطرون والتي يُزعم بأن الرئيس مرسي مشارك فيها تثير السخرية وتبين متى الاستخفاف في عقول الناس، فلقد تم الادعاء بأن رجالا من حركة حماس سيطروا على حدود مصر مع غزة على طول 60 كيلو مترا، والمعلوم بأن حدود مصر مع غزة لا تتجاوز 11 كلم، ثم أين كان الجيش المصري وقتها؟ والأولى أن يحاكم في ذلك - إن صدق الادعاء - وزير الدفاع وقادة الجيش لا الرئيس مرسي.
الأمر الآخر أنه جاء في صحيفة الاتهام ذكر أسماء كثيرة من رجال حماس، واتضح أن منهم من هو شهيد منذ عام 2008 وهو حسام الصانع، ومنهم من هو معتقل في سجون الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1998 ولا يزال وهو حسن سلامة! فكيف يمكن لهذا أن يخرج ويشارك ثم يعود إلى السجن من دون أن يشعر به الإسرائيليون؟ بل حتى إن الاسرائيليين أنفسهم استنكروا زج اسم هذا السجين في الموضوع لأنهم اعتبروها إهانة لهم. الغريب في محاكمات الرئيس أنه عندما ترشح لم تكن هناك أي تهمة أو عقوبة عليه، وكانت لديه صحيفة جنايات تثبت أنه لا حكم عليه، ولكن بعد الانقلاب بدأ اختلاق التهم، مما يدل على كيديتها.
لقد دفع سيدنا يوسف عليه السلام ثمن محافظته على مبادئه فلبث في السجن بضع سنين وكان ذلك أهون عليه من الوقوع في الحرام، ثم ظهرت براءته ليخرج معززا مكرما ويتولى أكبر وزارة مهمة في زمانه، وقد جعل الله تعالى سبب النجاة والخلاص رؤيا رآها الملك، والآن الرئيس مرسي يدفع ثمن المحافظة على مبادئ ثورة 25 يناير ولو كلفته حياته وقد أعلن ذلك قبل الانقلاب، و نحن على يقين بأن الله تعالى سينصر الرئيس مرسي والصادقين في حب مصر، وسيكتب خلاصهم ونصرهم من حيث لا يشعر السيسي وزمرته ( ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ).
twitter : @abdulaziz2002