تقرير / من الأنبار إلى حلب مروراً ببيروت
«كسْر جليد» سعودي - إيراني «يلفح» لبنان و«يفرج» عن الحكومة الجديدة مطلع الأسبوع
شكل «الموقف الكبير» لزعيم «تيار المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري بإعلانه من لاهاي عزمه على المشاركة في «حكومة ائتلافية» مع «حزب الله»، الذي يتّهم الادعاء الدولي خمسة منه باغتيال رفيق الحريري، إشارة انطلاق حاسمة للإسراع بتشكيل حكومة جديدة من لبنان، من المرجح ان ترى النور في غضون الاسبوع المقبل، وهو التطور الذي يطوي عشرة اشهر من المأزق الحكومي، مع بدء العد التنازلي للاستحقاق الأهمّ المتمثل بانتخابات رئاسة الجمهورية بعد اربعة أشهر من الان.
وبدا موقف الحريري، اللافت في وضوحه وتوقيته ومنصة إطلاقه، إشبه برمي «حجر كبير في البركة الحكومية الراكدة»، الامر الذي افضى الى موجة جديدة من المشاورات المتعددة الاتجاه لوضع حصان تشكيل الحكومة امام عربة الصيغة الائتلافية التي تم الاتفاق على التوازنات فيها، وعلى توزيع مقاعدها الوزارية، مع تفاهم ضمني على روحية البيان الوزاري، الذي تمّ ترحيل الاتفاق في شأنه الى ما بعد تشكيل الحكومة، انسجاماً مع الرغبة الطاغية في التقاط الفرصة المتاحة لإمرار الحكومة الجامعة.
ومع إدراك الجميع في بيروت ان «ما كُتب قد كُتب» في شأن تشكيل الحكومة، التي يتم وضع اللمسات الاخيرة لاعلانها، ربما قبل يوم الاربعاء المقبل، فان الدوائر المراقبة بدت مهتمة بالتحري عن سرّ «المهادنة» التي يعبّر عنها الطرفان الرئيسيان في معسكري «8 و 14 آذار»، اي «حزب الله» و«تيار المستقبل»، والتي أفضت الى كسر المأزق المتعاظم في البلاد، وتالياً جلوس الجميع على طاولة واحدة اسمها «الحكومة السياسية الجامعة».
اوساط واسعة الاطلاع في بيروت قالت لـ «الراي» ان «المناخ الاقليمي يسير في اتجاه ما يشبه «فك الاشتباك» بين المملكة العربية السعودية وايران في تطور تمليه مجريات الصراع في سورية عشية التوجه الى «جنيف - 2» المقرر الاربعاء المقبل، لافتة الى ان هذا الامر لا يعني تفاهماً بين الرياض وطهران، لكنه يؤشر الى امكان «كسر الصمت» بين القوتيْن الاقليميتين الابرز في المنطقة، على قاعدة تغليب خيار المهادنة على التمادي في التصعيد.
وأبرزت هذه المصادر بعض المجريات التي تصبّ في هذا الاتجاه، منها ما هو متصل بالتقاء المصالح في المواجهة المفتوحة مع «داعش» في سورية والعراق، الامر الذي عكس ضوءاً اخضر مشتركاً من الرياض وبغداد وواشنطن، ومنها ما يتم إعداده في الطريق الى جنيف -2 في شأن وقف اطلاق النار المحتمل في حلب كاختبار ترعاه موسكو بعد سيطرة «الجبهة الاسلامية» وفصائل المعارضة على حلب.
وبهذا المعنى، فان الاوساط عيْنها تميل للاعتقاد بان العلاقة بين السعودية وإيران تشهد مرحلة من «كسر الجليد»، ساحتها العراق وسورية وتالياً لبنان الذي انطفأت فيه، وعلى نحو مفاجئ محركات التصعيد، بعدما ابدى «حزب الله» تواضعاً مفاجئاً سهّل الاتفاق على حكومة «متوازنة»، وقابله «تيار المستقبل» في منتصف الطريق بخفض سقوف موقفه، الامر الذي سهل الولادة الوشيكة للحكومة.
غير ان هذه الاوساط حرصت على القول ان هذه التقاطعات التي توحي بالايجابية لا تعني ان الامور تتجه نحو الحلول بقدر ما تؤشر الى اختبارات جوالة في الصراع المفتوح في المنطقة، وتالياً فان لا وقف اطلاق النار المحتمل في حلب قابلٌ للصمود طويلاً، ولا الحكومة الجامعة في بيروت ستؤسس لانفراج سياسي - امني طويل المدى، ولا المعركة ضد «داعش» في الانبار العراقية تعني تسليماً بسياسات حكومة نوري المالكي.
وانطلاقاً من هذه الفرصة الاقليمية المؤاتية لانضاج طبخة الحكومة الجامعة في بيروت، انطلقت محركات التشكيل مع لجوء طرفيْ الصراع في «8 و 14 آذار» الى ترتيب اوضاعهما والحد من «أثمان» الانخراط في هذه «التسوية الموضعية» التي اضطرتهما الى تقديم تنازلات متبادلة عُرفت بـ «تدوير الزوايا»، وسهلت تالياً التوصل الى «ائتلاف حكومي» على الطريقة اللبنانية المعهودة القائمة على «اللا غالب واللا مغلوب».
وكان لافتاً في هذا السياق الحركة الحثيثة لـ «تيار المستقبل» في اتجاه «القوات اللبنانية» التي كانت ابدت تشدداً في التمسك بـ «الموقف المبدئي» الرافض لمشاركة «14 آذار» في حكومة يتمثل فيها «حزب الله» وتشكل تغطية لتورطه في الحرب في سورية، وتغطية مماثلة لسلاحه كسلطة خارج سلطة الدولة. ولم يكن حتى امس اتضحت حصيلة هذه المشاورات وامكان ضمان مشاركة جامعة لـ «14 آذار» في الحكومة الجامعة.
ومع تقدم المشاورات السياسية، بدأت تظهر جوانب اساسية من تشكيلة الحكومة العتيدة، واستمرت المناقشات في شأن جوانب اخرى منها، ويتم التداول في هذا السياق بان امر الحقائب السيادية حُسم عبر اسناد الداخلية لمحمد المشنوق، والدفاع لخليل الهراوي، والخارجية لطارق متري على الارجح، والمالية لعلي حسن خليل، اضافة الى اسناد التربية لوائل ابو فاعور، الاعلام لرامي الريس، الاشغال لـ الان عون، العدل لرشيد درباس، الزراعة لزياد القادري، والسياحة لحسين الحاج حسن.
واذ استمرت المناقشات الماراتونية في مطابخ التشكيل لحسم امر الاسماء والحقائب الاخرى، فإن الأنظار ستتجه بدءاً من غد الاثنين نحو القصر الجمهوري في بعبدا وإمكان تصاعد الدخان الأبيض من اي اجتماع يضم الرئيسين سليمان وسلام بعدما نضجت الظروف السياسية لإعلان الحكومة الانتقالية، التي من غير المستبعد ان تتحول «حكومة رئاسية» في حال لم يجر انتخاب رئيس جديد للبلاد في المرحلة الممتدة بين 25 مارس و25 مايو المقبلين.
وبدا موقف الحريري، اللافت في وضوحه وتوقيته ومنصة إطلاقه، إشبه برمي «حجر كبير في البركة الحكومية الراكدة»، الامر الذي افضى الى موجة جديدة من المشاورات المتعددة الاتجاه لوضع حصان تشكيل الحكومة امام عربة الصيغة الائتلافية التي تم الاتفاق على التوازنات فيها، وعلى توزيع مقاعدها الوزارية، مع تفاهم ضمني على روحية البيان الوزاري، الذي تمّ ترحيل الاتفاق في شأنه الى ما بعد تشكيل الحكومة، انسجاماً مع الرغبة الطاغية في التقاط الفرصة المتاحة لإمرار الحكومة الجامعة.
ومع إدراك الجميع في بيروت ان «ما كُتب قد كُتب» في شأن تشكيل الحكومة، التي يتم وضع اللمسات الاخيرة لاعلانها، ربما قبل يوم الاربعاء المقبل، فان الدوائر المراقبة بدت مهتمة بالتحري عن سرّ «المهادنة» التي يعبّر عنها الطرفان الرئيسيان في معسكري «8 و 14 آذار»، اي «حزب الله» و«تيار المستقبل»، والتي أفضت الى كسر المأزق المتعاظم في البلاد، وتالياً جلوس الجميع على طاولة واحدة اسمها «الحكومة السياسية الجامعة».
اوساط واسعة الاطلاع في بيروت قالت لـ «الراي» ان «المناخ الاقليمي يسير في اتجاه ما يشبه «فك الاشتباك» بين المملكة العربية السعودية وايران في تطور تمليه مجريات الصراع في سورية عشية التوجه الى «جنيف - 2» المقرر الاربعاء المقبل، لافتة الى ان هذا الامر لا يعني تفاهماً بين الرياض وطهران، لكنه يؤشر الى امكان «كسر الصمت» بين القوتيْن الاقليميتين الابرز في المنطقة، على قاعدة تغليب خيار المهادنة على التمادي في التصعيد.
وأبرزت هذه المصادر بعض المجريات التي تصبّ في هذا الاتجاه، منها ما هو متصل بالتقاء المصالح في المواجهة المفتوحة مع «داعش» في سورية والعراق، الامر الذي عكس ضوءاً اخضر مشتركاً من الرياض وبغداد وواشنطن، ومنها ما يتم إعداده في الطريق الى جنيف -2 في شأن وقف اطلاق النار المحتمل في حلب كاختبار ترعاه موسكو بعد سيطرة «الجبهة الاسلامية» وفصائل المعارضة على حلب.
وبهذا المعنى، فان الاوساط عيْنها تميل للاعتقاد بان العلاقة بين السعودية وإيران تشهد مرحلة من «كسر الجليد»، ساحتها العراق وسورية وتالياً لبنان الذي انطفأت فيه، وعلى نحو مفاجئ محركات التصعيد، بعدما ابدى «حزب الله» تواضعاً مفاجئاً سهّل الاتفاق على حكومة «متوازنة»، وقابله «تيار المستقبل» في منتصف الطريق بخفض سقوف موقفه، الامر الذي سهل الولادة الوشيكة للحكومة.
غير ان هذه الاوساط حرصت على القول ان هذه التقاطعات التي توحي بالايجابية لا تعني ان الامور تتجه نحو الحلول بقدر ما تؤشر الى اختبارات جوالة في الصراع المفتوح في المنطقة، وتالياً فان لا وقف اطلاق النار المحتمل في حلب قابلٌ للصمود طويلاً، ولا الحكومة الجامعة في بيروت ستؤسس لانفراج سياسي - امني طويل المدى، ولا المعركة ضد «داعش» في الانبار العراقية تعني تسليماً بسياسات حكومة نوري المالكي.
وانطلاقاً من هذه الفرصة الاقليمية المؤاتية لانضاج طبخة الحكومة الجامعة في بيروت، انطلقت محركات التشكيل مع لجوء طرفيْ الصراع في «8 و 14 آذار» الى ترتيب اوضاعهما والحد من «أثمان» الانخراط في هذه «التسوية الموضعية» التي اضطرتهما الى تقديم تنازلات متبادلة عُرفت بـ «تدوير الزوايا»، وسهلت تالياً التوصل الى «ائتلاف حكومي» على الطريقة اللبنانية المعهودة القائمة على «اللا غالب واللا مغلوب».
وكان لافتاً في هذا السياق الحركة الحثيثة لـ «تيار المستقبل» في اتجاه «القوات اللبنانية» التي كانت ابدت تشدداً في التمسك بـ «الموقف المبدئي» الرافض لمشاركة «14 آذار» في حكومة يتمثل فيها «حزب الله» وتشكل تغطية لتورطه في الحرب في سورية، وتغطية مماثلة لسلاحه كسلطة خارج سلطة الدولة. ولم يكن حتى امس اتضحت حصيلة هذه المشاورات وامكان ضمان مشاركة جامعة لـ «14 آذار» في الحكومة الجامعة.
ومع تقدم المشاورات السياسية، بدأت تظهر جوانب اساسية من تشكيلة الحكومة العتيدة، واستمرت المناقشات في شأن جوانب اخرى منها، ويتم التداول في هذا السياق بان امر الحقائب السيادية حُسم عبر اسناد الداخلية لمحمد المشنوق، والدفاع لخليل الهراوي، والخارجية لطارق متري على الارجح، والمالية لعلي حسن خليل، اضافة الى اسناد التربية لوائل ابو فاعور، الاعلام لرامي الريس، الاشغال لـ الان عون، العدل لرشيد درباس، الزراعة لزياد القادري، والسياحة لحسين الحاج حسن.
واذ استمرت المناقشات الماراتونية في مطابخ التشكيل لحسم امر الاسماء والحقائب الاخرى، فإن الأنظار ستتجه بدءاً من غد الاثنين نحو القصر الجمهوري في بعبدا وإمكان تصاعد الدخان الأبيض من اي اجتماع يضم الرئيسين سليمان وسلام بعدما نضجت الظروف السياسية لإعلان الحكومة الانتقالية، التي من غير المستبعد ان تتحول «حكومة رئاسية» في حال لم يجر انتخاب رئيس جديد للبلاد في المرحلة الممتدة بين 25 مارس و25 مايو المقبلين.