كان النبي -صلى الله عليه وسلم- مع أصحابه فدخل عليهم جماعة من قبيلة مضر وهم حفاة عراة ممزقو الثياب، فتغير وجه النبي عليه الصلاة والسلام لما رأى من حالهم بسبب الفقر والحاجة، فقام ودعا الناس إلى الإنفاق سواء من المال أو الطعام أو الثياب.
فسارع رجل وجاء بصرّة كادت يده أن تعجز عن حملها ووضعها أمام الناس، ثم تتابع الناس بعده حتى صار كومين من طعام وثياب، فتهلل وجه النبي عليه الصلاة والسلام لذلك وأشرق من الفرح.
تذكرت هذا الموقف وأنا أرى تلك المسارعة والمسابقة التي يقوم بها أهل الخير وخاصة في الكويت لنصرة وإغاثة إخوانهم السوريين في المناطق المحاصرة أو اللاجئين على الحدود الأردنية واللبنانية والتركية.
فمناظر البؤس والفقر والحاجة التي ارتسمت على وجوه الأطفال والنساء في الداخل والخارج تدمي القلب وتدمع العين، والحال التي وصل لها أشقاؤنا السوريون وخاصة مع موجات البرد والثلوج والصقيع لابد وأن تهز مشاعر من كان في قلبه مثقال ذرة من إنسانية.
فرحت وأنا أقرأ الخبر المنشور من قبل إحدى المنظمات الإنسانية والذي أشار إلى صدارة الكويت في مجال الإغاثة لأهلنا في سورية، وهذا الأمر ليس بالغريب على الكويت وأهلها، فأنا بحمد الله متطوع في العمل الخيري منذ عام 1992، ولا أتذكر أنه تم طرح مشروع لرعاية المحتاجين ومساعدتهم إلا وتسابق الناس للمساهمة فيه.
ولعل هذا من أسباب حفظ الله تعالى لهذا البلد، من المصائب والكوارث وزعزعة الأمن التي حلت في كثير من الدول وبعضها قريب منا جدا، بل ولعل تلك الأيادي البيضاء كانت من الأسباب الرئيسية التي أرجع الله تعالى بها الحرية للبلاد بعد الغزو العراقي.
إن من أحب الناس إلى الله هو أنفعهم للناس، فهنيئا لمن سخر وقته وجهده وماله لخدمة الناس ونفعهم، والسعي في قضاء حوائجهم، ولقد أشار رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- إلى أن المشي في حاجة أخيك المسلم أفضل من الاعتكاف في المسجد شهرا، وإن من أحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على قلب مسلم، ولعل من تعامل مع الفقراء والمحتاجين ورأى تلك الابتسامة التي ترتسم على وجوههم عند تسلمهم لثياب يسترون بها أجسادهم أو طعام يسدّون به جوعهم يدرك معنى إدخال السرور على قلب مسلم.
إن من الأمور التي لابد وأن تشكر عليها حكومة الكويت هي مساحة الحرية التي تعمل بها المؤسسات الخيرية، ولعل نزاهة هذه المؤسسات وسمعتها الطيبة التي ساهمت في رفع اسم الكويت عاليا في شتى بلاد العالم وخاصة في الجانب الإنساني، هي من أسباب حسن تعامل الدولة مع هذه المؤسسات، ولقد جاءت الإشادة بهذه المؤسسات الخيرية من أعلى الجهات في الكويت.
وأتمنى من حكومة الكويت وقيادتها عدم الالتفات إلى أصوات النشاز التي تشكك في عمل المؤسسات الخيرية وتطعن في ذمم أصحابها، أولئك الذين لا يعملون الخير ولا يتركون غيرهم يعمله، حالهم كحال المنافقين في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام الذين لا يترددون في الغمز واللمز في من يتصدق بالقليل أو الكثير.
(الإيواء الآمن)
هناك مشروع باسم «الإيواء الآمن» تحت إشراف الرحمة العالمية التابعة لجمعية الإصلاح الاجتماعي ولي الشرف في المشاركة فيه، وفكرته تقوم على بناء مساكن آمنة للنازحين السوريين في لبنان على المناطق الحدودية يقوم بتوفير غرف سكنية من الطابوق مع منافعها أو خيم ذات مواصفات عالمية للوقاية من البرد والثلوج، وتبلغ تكلفة الغرفة مع منافعها 450 دينارا فجزى الله خيرا كل من ساهم في دعم هذا المشروع (وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا).