شكر للأمير... ونصيحة لمرزوق


شكراً من أعماق القلب لسمو الامير الشيخ صباح الأحمد. شكراً من قلب كل كويتي وخليجي وعربي. شكرا لأنه أخرج القمة الخليجية من دهاليز المواقف المتناقضة التي فرضتها تصريحات ما قبل انعقادها حول الاتحاد الخليجي. شكراً لأنه أعاد البوصلة إلى وجهتها الصحيحة من خلال التركيز على الاتفاق والاتفاقات التي تتوج لاحقاً بعمل تكاملي. وشكراً لأنه أوصل دول الخليج إلى قناعة أن المشاركة الشعبية في عمل مجلس التعاون الخليجي هي التي تحصن هيكله وتحميه من العواصف، ولذلك فاجأ القمة بفتح الباب لرئيس مجلس الأمة رئيس المجالس الخليجية لإلقاء كلمة «الشعب» أمام القادة، ليسن سموه بذلك سنة حميدة سيكون لها الاثر الأكبر في مسيرة «التعاون».
من حق كل دولة خليجية أن تتباهى بما لديها، ونحن أول من يفرح لها. هناك نهضة عمرانية ونهضة استثمارية ومالية وثروات بشرية يفتخر بها أهل هذه الدول. وإذا كنا تراجعنا عن الركب أو كان «نصيب» من كل «طيب» قد نالنا، فإن صباح الأحمد في القمة الأخيرة استكمل ما يمكننا أن نفخر به بلا تردد... ديموقراطيتنا وحرياتنا ودستورنا والشراكة الشعبية في صنع القرار، وسواء أعجب ذلك البعض أم لم يعجبه إلا أن مسيرة مجلس التعاون لن تستقيم من غير حصانة شعبية تماما كما حصل في الاتحاد الأوروبي.
وقف الرئيس مرزوق أمام القادة. خاطبهم ليس كضيوف إنما كأصحاب دار، استذكر احتضانهم للكويتيين إبان الغزو ليؤكد ان التباينات مهما عظُمت داخل البيت الواحد فإنها تنتهي في الملمات خصوصا إذا كان المصير مشتركا... مهاجرون وأنصار إنما هم في النهاية شعب واحد وليسوا شعوبا متفرقة.
هذه العبارات كانت مطلع القصيد ومدخل الحديث، أما المضمون فهو يعكس تماما رؤية الأمير الشيخ صباح الأحمد ومن قبله رؤية المغفور له الشيخ جابر الأحمد، أي المشاركة الشعبية في هيكل مجلس التعاون الخليجي. قال مرزوق الغانم إن انجازات «الخليجي» لم ترق بعد الى آمال شعوبه، ولم تستجب لكل دواعي التحديات وتسارع التغيرات. وبعدما أشار الى تكامل الجانب البرلماني الشعبي بالجانب الحكومي الرسمي طالب بأن تنال مؤسسات المجتمع المدني الخليجي «ذات الدرجة من التشجيع والمساندة لتنتظم لآلئها في عقد العمل الخليجي المشترك وتمنح هذا العمل امتداداً تشاورياً شعبياً»، اما الهدف فهو تمسك المواطن الخليجي اكثر بمجلس التعاون وجعله أكثر تفاعلا مع مواقفه ومنطلقاته. خاتما بضرورة الاهتمام بقضايا الشباب «الذين هم عماد المستقبل ووقود التنمية».
ترجم مرزوق الغانم رؤية صاحب السمو أمام قادة الخليج بطرح مثلث: مشاركة الممثلين «المنتخبين» شعبيا في أعمال وهيكليات مجلس التعاون الخليجي. إشراك مؤسسات المجتمع المدني (وما يعنيه ذلك من تعميم ثقافة الدساتير والحريات والديموقراطية وحقوق الإنسان) في آليات المجلس. إعطاء دور أكبر للشباب والاهتمام بهم تحديدا كي يصبحوا قادة المستقبل في مجالات الادارة والتنمية لأن لا مستقبل من دونهم... ولا استقرار بتهميشهم.
وإذا كان هناك من نصيحة لمرزوق الغانم فهي أن المسؤولية التي القيت على كتفيه في قمة الكويت كبيرة جدا، كونه أصبح في واجهة استحقاق تأسيسي بكل ما للكلمة من معنى، فللمرة الأولى منذ عام 1981 يخاطب رئيس «منتخب» شاب قادة الخليج مناشدا إياهم فتح الباب لتوسيع المشاركة الشعبية في أعمال مجلس التعاون، وهو الأمر الذي ينقل مرزوق من منبر سياسي شعبي كويتي الى منبر سياسي شعبي خليجي، فالآمال معقودة على تحركاته اليوم لنقل التمنيات والمطالب من ثنايا خطابه إلى الواقع، ما يستدعي السير بحزم وحذر في الوقت نفسه داخل الخريطة السياسية الاجتماعية في دول الجوار لأن هناك فروقا لا بد أن نعترف بها خصوصا في مجالي التشريع والرقابة، وهناك خصوصيات لكل دولة ومجتمع قد لا تنفع معها «الوصفات» التي جربت في الكويت.
الاندفاع والحماسة والإقدام خطوات مطلوبة إنما بالتزامن مع الروية والحكمة والتبصر أيضا. نعرف حماسة الخليجيين، وجيل الشباب تحديدا منهم، لتطوير مجلس التعاون وتحصينه من خلال المشاركة الشعبية لكن ذلك يجب أن يتم بالاتفاق والتوافق ومراعاة الخصوصيات وسلوك درب «أفضل الممكن» ثم التقدم في دروب أخرى أوسع... وحسنا فعل الرئيس الغانم حين رفع قضية الشباب الخليجي الى مرتبة الأولويات في خطابه أمام القادة، وحسنا يفعل بابقائهم أولوية في أي تحرك خليجي يقوم به.
ولمرزوق أيضا أقول ان افتتاحه عهد المشاركة الشعبية في مجلس التعاون الخليجي سيفتتح أيضا عهداً جديداً من التشويش عليه من بعض الأطراف في الداخل، استكمالا للحملة التي يعرف الكويتيون كاتبها ومخرجها ومحرك أبطالها ومدير الإضاءة فيها ومدير المسرح وفاتح الستارة ومغلق الستارة والملقن تحت الحاجز الخشبي الذي يذكر الممثلين بأي عبارة نسوها... وأتمنى كما يتمنى الجميع ألا يعير الرئيس الحملة الجديدة أي اهتمام وألا يعطي لأقطابها وأربابها أي فرصة لإعاقته عن دوره المحلي والإقليمي. وإذا كان مرزوق حريصا في الموضوع الداخلي على عدم التوقف والرد على جوقة التشويش ومنصرفا إلى معالجة أولويات الناس كما تعهد، فان الحرص يجب أن يكون مضاعفاً بعد القمة الخليجية لأن المسؤوليات أوسع والآمال المعقودة أكبر.
عملك مستمر وحركتك مستمرة والتشويش لن ينتهي وهو ليس مقصورا على السلطة التشريعية او التنفيذية او السلطة الرابعة بل هو موجود في كل مكان. ألم يقل الرئيس السابق احمد السعدون إن في الحراك المعارض «مندسين ودجالين ومزروعين وسماسرة»؟
الدس موجود في كل الأمكنة وكذلك الدجل والتجسس والسمسرة، والكويتيون يميزون ويعرفون ويقيمون ويحاسبون بطريقتهم، فلا تجزع من استمرار اطلاق السهام عليك لان مخافة الله سلاحك وراحة الضمير عتادك ومحبة الناس درعك. لا تستوحش طريق الحق ولو قل ساكنوه. لا تفتح لليأس معبرا الى عزيمتك وأنت الذي رفع شعار «اياك واليأس».
«إن كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة فإن فساد الرأي أن تترددا»... وايضا «إن كنت ذا رأي فكن ذا مشورة فإن فساد الرأي أن تستبدا».
انتهت النصيحة.
جاسم بودي
من حق كل دولة خليجية أن تتباهى بما لديها، ونحن أول من يفرح لها. هناك نهضة عمرانية ونهضة استثمارية ومالية وثروات بشرية يفتخر بها أهل هذه الدول. وإذا كنا تراجعنا عن الركب أو كان «نصيب» من كل «طيب» قد نالنا، فإن صباح الأحمد في القمة الأخيرة استكمل ما يمكننا أن نفخر به بلا تردد... ديموقراطيتنا وحرياتنا ودستورنا والشراكة الشعبية في صنع القرار، وسواء أعجب ذلك البعض أم لم يعجبه إلا أن مسيرة مجلس التعاون لن تستقيم من غير حصانة شعبية تماما كما حصل في الاتحاد الأوروبي.
وقف الرئيس مرزوق أمام القادة. خاطبهم ليس كضيوف إنما كأصحاب دار، استذكر احتضانهم للكويتيين إبان الغزو ليؤكد ان التباينات مهما عظُمت داخل البيت الواحد فإنها تنتهي في الملمات خصوصا إذا كان المصير مشتركا... مهاجرون وأنصار إنما هم في النهاية شعب واحد وليسوا شعوبا متفرقة.
هذه العبارات كانت مطلع القصيد ومدخل الحديث، أما المضمون فهو يعكس تماما رؤية الأمير الشيخ صباح الأحمد ومن قبله رؤية المغفور له الشيخ جابر الأحمد، أي المشاركة الشعبية في هيكل مجلس التعاون الخليجي. قال مرزوق الغانم إن انجازات «الخليجي» لم ترق بعد الى آمال شعوبه، ولم تستجب لكل دواعي التحديات وتسارع التغيرات. وبعدما أشار الى تكامل الجانب البرلماني الشعبي بالجانب الحكومي الرسمي طالب بأن تنال مؤسسات المجتمع المدني الخليجي «ذات الدرجة من التشجيع والمساندة لتنتظم لآلئها في عقد العمل الخليجي المشترك وتمنح هذا العمل امتداداً تشاورياً شعبياً»، اما الهدف فهو تمسك المواطن الخليجي اكثر بمجلس التعاون وجعله أكثر تفاعلا مع مواقفه ومنطلقاته. خاتما بضرورة الاهتمام بقضايا الشباب «الذين هم عماد المستقبل ووقود التنمية».
ترجم مرزوق الغانم رؤية صاحب السمو أمام قادة الخليج بطرح مثلث: مشاركة الممثلين «المنتخبين» شعبيا في أعمال وهيكليات مجلس التعاون الخليجي. إشراك مؤسسات المجتمع المدني (وما يعنيه ذلك من تعميم ثقافة الدساتير والحريات والديموقراطية وحقوق الإنسان) في آليات المجلس. إعطاء دور أكبر للشباب والاهتمام بهم تحديدا كي يصبحوا قادة المستقبل في مجالات الادارة والتنمية لأن لا مستقبل من دونهم... ولا استقرار بتهميشهم.
وإذا كان هناك من نصيحة لمرزوق الغانم فهي أن المسؤولية التي القيت على كتفيه في قمة الكويت كبيرة جدا، كونه أصبح في واجهة استحقاق تأسيسي بكل ما للكلمة من معنى، فللمرة الأولى منذ عام 1981 يخاطب رئيس «منتخب» شاب قادة الخليج مناشدا إياهم فتح الباب لتوسيع المشاركة الشعبية في أعمال مجلس التعاون، وهو الأمر الذي ينقل مرزوق من منبر سياسي شعبي كويتي الى منبر سياسي شعبي خليجي، فالآمال معقودة على تحركاته اليوم لنقل التمنيات والمطالب من ثنايا خطابه إلى الواقع، ما يستدعي السير بحزم وحذر في الوقت نفسه داخل الخريطة السياسية الاجتماعية في دول الجوار لأن هناك فروقا لا بد أن نعترف بها خصوصا في مجالي التشريع والرقابة، وهناك خصوصيات لكل دولة ومجتمع قد لا تنفع معها «الوصفات» التي جربت في الكويت.
الاندفاع والحماسة والإقدام خطوات مطلوبة إنما بالتزامن مع الروية والحكمة والتبصر أيضا. نعرف حماسة الخليجيين، وجيل الشباب تحديدا منهم، لتطوير مجلس التعاون وتحصينه من خلال المشاركة الشعبية لكن ذلك يجب أن يتم بالاتفاق والتوافق ومراعاة الخصوصيات وسلوك درب «أفضل الممكن» ثم التقدم في دروب أخرى أوسع... وحسنا فعل الرئيس الغانم حين رفع قضية الشباب الخليجي الى مرتبة الأولويات في خطابه أمام القادة، وحسنا يفعل بابقائهم أولوية في أي تحرك خليجي يقوم به.
ولمرزوق أيضا أقول ان افتتاحه عهد المشاركة الشعبية في مجلس التعاون الخليجي سيفتتح أيضا عهداً جديداً من التشويش عليه من بعض الأطراف في الداخل، استكمالا للحملة التي يعرف الكويتيون كاتبها ومخرجها ومحرك أبطالها ومدير الإضاءة فيها ومدير المسرح وفاتح الستارة ومغلق الستارة والملقن تحت الحاجز الخشبي الذي يذكر الممثلين بأي عبارة نسوها... وأتمنى كما يتمنى الجميع ألا يعير الرئيس الحملة الجديدة أي اهتمام وألا يعطي لأقطابها وأربابها أي فرصة لإعاقته عن دوره المحلي والإقليمي. وإذا كان مرزوق حريصا في الموضوع الداخلي على عدم التوقف والرد على جوقة التشويش ومنصرفا إلى معالجة أولويات الناس كما تعهد، فان الحرص يجب أن يكون مضاعفاً بعد القمة الخليجية لأن المسؤوليات أوسع والآمال المعقودة أكبر.
عملك مستمر وحركتك مستمرة والتشويش لن ينتهي وهو ليس مقصورا على السلطة التشريعية او التنفيذية او السلطة الرابعة بل هو موجود في كل مكان. ألم يقل الرئيس السابق احمد السعدون إن في الحراك المعارض «مندسين ودجالين ومزروعين وسماسرة»؟
الدس موجود في كل الأمكنة وكذلك الدجل والتجسس والسمسرة، والكويتيون يميزون ويعرفون ويقيمون ويحاسبون بطريقتهم، فلا تجزع من استمرار اطلاق السهام عليك لان مخافة الله سلاحك وراحة الضمير عتادك ومحبة الناس درعك. لا تستوحش طريق الحق ولو قل ساكنوه. لا تفتح لليأس معبرا الى عزيمتك وأنت الذي رفع شعار «اياك واليأس».
«إن كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة فإن فساد الرأي أن تترددا»... وايضا «إن كنت ذا رأي فكن ذا مشورة فإن فساد الرأي أن تستبدا».
انتهت النصيحة.
جاسم بودي