«الجنايات»: المتهمون أصحاب رأي ونفوسهم ليست نفوس مجرمين

تصغير
تكبير
• لم يثبت للمحكمة أن أياً من المتهمين يعتنق رأياً منحرفاً يدعو للفتنة أو تهوين الحكم في البلاد

• سبب طارئ لا مقيم وراء اندفاع المتهمين

• مطالب المتهمين كانت نتاج مسائل وقضايا محددة ليس محلها القضاء
رأت محكمة الجنايات في حكمها ان المتهمين هم أصحاب رأي، ومبنى الاتهامات الواردة بتقرير الاتهام والمنسوبة للمتهمين تنبعث أصلا وأساسا عن فكرة ونظر، فهؤلاء المتهمون نفوسهم ليست كنفس المجرمين، فلم يقصد اي منهم الاعتداء على احد بعينه او مجرد الايذاء او تخريب الممتلكات العامة او الخاصة، ولم يثبت اطلاقا للمحكمة ان أي واحد منهم يعتنق رأيا منحرفا او يدعو الى الفتنة او تهوين الحكم في البلاد او أراد الكيد بالوحدة الوطنية او حتى بواعثه اجرامية، فالتحقيقات والتحريات لم تكشف انهم يدبرون أمرا فيه شر، ولم يكن خروجهم مساء يوم 2011/11/16 بقوة منتفضة على الدولة تنازعها القوة، بقصد الاخلال بالنظام العام وإثارة الفوضى معدوم لدى المتهمين، وقد انكشف للمحكمة السبب او الدافع المباشر لما حصل في مساء يوم الواقعة ويرد فعل المتهمين فيه الى سبب طارئ لا الى سبب مقيم، فحاصل ما حدث ان المتهمين وآخرين وهم جميعا مواطنون حضروا الى الندوة التي أقيمت بالمكان المقابل لمجلس الامة والمسمى بساحة الارادة، الذي خصصته وزارة الداخلية للمواطنين لإبداء آرائهم ومناقشة الاوضاع، ودون حاجة لاتباع الاجراءات الادارية في الحصول على الترخيص، الا من أوضاع مخصوصة، وبعد ختام تلك الندوة أبدى بعض المواطنين ومنهم المتهمون بمطالب صريحة وواضحة أبرزها إقالة رئيس الوزراء السابق سمو الشيخ ناصر المحمد الصباح، وتأليف حكومة وحل مجلس الامة المشكل في ذلك الوقت، وهذه المطالب وبحسب وجهة نظرهم كانت نتاج مسائل وقضايا محددة ليس محلها هذا القضاء. ورأى بعض المتهمين وآخرون ان القيام بمسيرة في الطريق العام الفاصل بين ساحة الارادة ومجلس الامة وصولا الى منزل رئيس الوزراء السابق له صدى لسماع مطالبهم تلك، الا ان هذه المسيرة لم تتم لقيام الشرطة بمنعها وفضها فورا، وعقب ذلك رأى البعض من المتهمين أفرادا ونوابا للأمة في ذلك الوقت وآخرين، ان وجودهم بمجلس الامة فيه نصرة لآرائهم ومطالبهم ففعلوا، وبعدها انصرفوا من تلقاء أنفسهم.

وحيث انه وبالنسبة للتهمة الثانية وهي تهمة «دخول مبنى مجلس الأمة»، فإن مبنى مجلس الامة ومن تاريخ أول اجتماع له ولمدة أربع سنوات تكون الحيازة الفعلية للبرلمان، ولمجلس الامة أمانة عامة تدبر شؤون المبنى وملحقاته خلال فترة التجديد وهي ستون يوما على نهاية تلك المدة. ذلك ان مبنى مجلس الامة تنظمه أحكام ذات طبيعة دستورية.


ولما كان ذلك، وكان الثابت للمحكمة اقتصار الاتلاف على باب قاعة عبد الله السالم - قاعة الاجتماعات الرئيسية - من اعوجاج لسان القفل، فالاتلاف هنا بسيط وقليل، ومن غير المتصور ان يدخل هذا العدد الكبير من المتهمين وغيرهم ممن لم تتوصل اليهم التحقيقات والتحريات هذا المبنى ثم ينتج عنه هذا الاتلاف المشار اليه سلفا، فالدليل مفتقر في الاوراق على ان دخول المتهمين كان مقرونا بأي غرض غير مشروع، فقصد الاساءة غير متوافر لدى من دخل مجلس الامة وأتلف ذلك الباب، وخير شاهد على انتفاء قصد الاساءة انه لم يلحق ثمة أضرار أخرى بذلك المبنى رغم اتساعه، ما يتعين معه ببراءة المتهمين.

ورأت المحكمة ان الكويت فتحت كل الأبواب لإبداء الآراء على كافة الاصعدة لمواطنيها وكذا الموجودين على ارضها، وهذه الحرية شاملة لم تستثن أحدا ولا تمثل ترفا، وليست محصورة على أحد، بل هي أسلوب منهج تأصل في نفوس الناس عبر درب من الممارسات والتجارب، فكل مواطن له رأي مصون مادام في دائرة إبداء الرأي، وقد يكون لهذا الرأي مؤيدون يدافعون عنه، والرفق بأصحابها واجب، طالما لم يحمل أصحابها اعتقادا منحرفا او فيه فتنة للبلاد والعباد.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي