| علي سويدان |
نسيتُ أن أخبركم أنني أطلب مِنَ الخليفة العثماني رجب طيب أردوغان أدام الله ظلَّه أن ينضم أيضاً للاخوة العرب ويشرب معهم كوباً من الليمون بالنعناع جرعة مركَّزة، فلا يمكننا أبداً أن نفصل أحداثاً في المنطقة عن بعضها أو ندّعي أننا غير متأثرين بما يحدث من حولنا؛ فلا أحداث مصر منفصلة عن أحداث ليبيا وتونس والمغرب العربي، وليست الأحداث في سورية بعيدة عن أطراف النزاع - وإن كان إعلامياً- في الملف النووي.
لذلك ما ينقصنا نحن العرب أن ننظر فقط في الخطوة الأولى إلى أبعد من أرنبة أنفنا بقليل، كان بإمكاننا أن نتوقف قليلاً في بداية الأزمة السورية حين طلبت أميركا في تصريح لها (إنه من الأفضل أن تقوم تركيا ويقوم العربُ بالطلب من الرئيس الأسد أن يتنحّى بدلاً من قيام أميركا بذلك)، أَلَمْ تستوقفُنا نحن الساسة العرب - وقد دَقَقْنا يومها مئةَ جرس من أجل ذلك-؟ نعم أَلَمْ تستوقفُنا تلك الدعوة الواضحة والمكشوفة تماماً؟!
إنها دعوةُ إملاءٍ أجنبي على العرب تدفع نحو مزيد من الشقاق بين الأنظمة العربية فضلاً عن دعمٍ واضح لِتَأجيج الفوضى باسم الثورة! لكن الموقف المصري يومها يوم إشعال فتيل الأزمة في سورية باستغلال مطالب الناس المحقة وتسييسها لِيُطلقَ عليها مسمى (ثورة) أو ربيع عربي! نعم المؤسسات الرسمية في مصر نظرتْ يومها إلى الجيش السوري بأنه جيش النظام الذي يقتل الشعب، وانساقت مع تلك الموجة المفتعلة والمدعومة مالياً وإعلامياً عربياً وعالمياً انساقت معها المؤسسات الأهلية في مصر وأيضاً المؤسسات الدينية وفي مقدمها الأزهر الشريف. لقد سكت الأزهر وسكت شيخ الأزهر على تلك الدماء التي سُفكت في سورية ولم يُنسب ولو جزء من تلك الدماء إلى المسلحين أو على الأقل إلى أيدٍ خفية تريد الفتنة والإفساد بين السوريين!
واتُّهِمنا جميعاً بأننا شبيحة وعملاء للنظام وربما أكثر من ذلك، ولم تنظر مصر بعموم نظامها وعموم علماء الدين فيها إلى الحِراك في سورية إلاّ من زاوية واحدة، وكان الأجدر بكل صاحب رأي وفكر أن يستحضر الرويَّة وتقليب الرأي، فسورية كأي بلد شرقي بحاجة لإصلاحٍ سياسي وتعددية سياسية وتغليب الجميع داخل الوطن وحقن الدماء، ولكن بعدما وقعت الفأس في رأس مصر استيقظت، واستيقظ الأزهر الشريف وراح يدقُّ ناقوس الخطر ذاك الناقوس الذي دقَّه العلامة محمد سعيد رمضان البوطي رحمه الله قبل استشهاده.
الآن استيقظت مصر عندما وصلتِ النار إلى أصابع المصريين، بينما تنكَّر الكثير من العرب والسفراء العرب في سورية في أول الأزمة لتلك المجزرة البشعة التي وقعت في جسر الشغور في إشارة لاتهام الدولة السورية بارتكابها.
الآن فقط عرفنا أن الربيع العربي ما هو إلا طريق للوصول إلى سورية ولأنه ذَبُلَ أمام الربيع في دمشق، نقول لإخواننا المصريين الذين استيقظوا الآن والآن فقط نقول لهم: صح النوم.
7attanaltaqi@gmail.com