د. فهيد البصيري / حديث الأيام / مجلس «اللوردات» للثقافة والفنون والآداب

تصغير
تكبير
| د. فهيد البصيري |

مع أن هناك حزمة من الاستجوابات يدور رحاها في مجلس الأمة، إلا أنها في الواقع لا تساوي حزمة (جت) أي برسيم لبعدها عن الواقع الكويتي، ولأن الحياة السياسية في الكويت تحولت إلى لعبة سياسية، فدعهم يلعبون إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا. وإلى أن يأتي هذا الأمر( المفعولا) سأحكي لكم قصة من قصص الفساد بمناسبة افتتاح معرض الكتاب الثامن والثلاثين في الكويت، والقصة لون من ألوان الأدب ما يعني أننا لن نخرج عن الأدب وأدبنا منا وفينا.

ففي هذه الأيام يقام معرض الكتاب الدولي على أرض القوارض (أرض المعارض سابقا) ورغم فوات السنين على غزو القمر وغزو الكويت وغزوة الخندق، وانتقال العالم من عصر الطاقة النووية إلى عصر الطاقة الهوائية، إلا أن معرض الكويت للكتاب ما زال يعمل بطاقة المخ الحجري، وظل يحتفظ بشكله التراثي القديم لمرحلة ما قبل الإسلام، ولولا أن الموت هو سنة الحياة، لوجدنا «ابن حلزة، والشاعر الشمقمق، والمؤرخ ابن خرداذبه» من ضمن ضيوف المعرض هذا العام، وما يعجبني في المجلس الوطني للثقافة، هو ثباته، ومع انه ليس ثباتاً على الحق، إلا أنه ثابت وكالثور الأشم، فلديهم (فرمان) عثماني قديم، ورثوه كابرا عن كابر، بأسماء المثقفين الكويتيين والأدباء منذ العصر الجليدي الأخير، وفي كل عام يستهدون بهذا (الفرمان) أينما رحلوا وحيثما حلوا، وسياسة (الفرمانات) سياسة قديمة، وكلها حكمة، وتسير على فلسفة (حلاة الثوب رقعته منه وفيه) بحكم أن العمل ترقيعي، ولتأكيد هذه السياسة، وخوفا من ضياع هذا الإرث الإنساني العريق، قامت الدولة مشكورة بإنشاء مجلس لوردات ثقافي جديد، ووضعته فوق المجلس الوطني، ولا أدري ما هي وظيفة هذا المجلس سوى أنه يجلس، وصار لدينا بدل المجلس مجلسان وبدل المشكلة مشكلتان!

ومشكلة المجلس الوطني للفنون والآداب (سابقا) هي نفس مشكلة وزارات الدولة الأخرى، فقد ابتليت الوزرات بمسؤولين ليسوا من أبنائها، ووكلاء ليسوا محسوبين على كادرها بل على المحسوبيات، وبعض القائمين اليوم على ( المجلس الوطني للفلول والكباب)، ليس لهم علاقة بالفن ولا حتى بالأدب، وفرضوا فرضا على الثقافة، مع أنهم لم يقرؤوا سوى قصة ليلى والذئب، وحكموا على الفن مع أنهم لا يفرقون بين (الكاسكو) و(بيكاسو). ونصيحتي للقائمين على المجالس الوطنية للفلول والكباب أن «يخصصوه» بدلا من أن يخسسوه، ولا داعي للقلق، ولا تكرهوا شيئا وهو خير لكم، فالمشتري موجود، فهناك تاجر كويتي شاعرٌ بشيء ما، جُبل على المتاجرة بكل شيء، ومن أعواد الثقاب إلى دواوين الشعر ومنشديها، «فخصصوه» قبل أن يفطن أحدهم إلى قول المتنبي:

إلى كم ذا التخلف والتوانِ*****وكم هذا التمادي في التمادي

وشغل النفس عن طلب المعالي***** ببيع الشعر في سوق الكسادِ

 

fheadpost@gmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي