عبدالعزيز صباح الفضلي / رسالتي / خذها... لكنها قطعة من؟

تصغير
تكبير
| عبدالعزيز صباح الفضلي |

بعد خطبة الجمعة الماضية جاءني رجل يستفسر عن الحكم الشرعي في خلاف نشب بينه وبين أحد المقاولين حول حق أحد العاملين، وبعد أن شرح الموضوع قلت إن الحق في ظاهره معك، لكن لا يمكن أن نجزم به إلا أن يتم السماع من الطرفين.

وبعدها بأيام وإذ بمجموعة من الأشخاص ينتظرونني بعد الصلاة ومعهم السائل فأيقنت بأنهم يريدون معرفة الحكم الشرعي في القضية، وكان أكثر الموجودين له علاقة من قريب أو بعيد في الموضوع، فهناك عمال وصاحب عمل وشهود ووسيط وكفيل...، ولكثرة تفاصيل الموضوع وتشابكه اعتذرت عن الإفتاء في المسألة، ولكني قلت لهم كلمة ذكرتهم فيها بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه : «إنكم تختصمون إلي، وإنما أنا بشر، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، وإنما أقضي بينكم على نحو مما أسمع منكم، فمن قضيت له من حق أخيه بشيء فلا يأخذه، فإنما أقطع له قطعة من النار يأتي بها يوم القيامة».

ورويت لهم قصة الرجلين التي أخبر عنها الرسول عليه الصلاة والسلام وهما اللذان باع أحدهما للآخر عقارا فوجد المشتري فيه جرة من ذهب فردها إلى البائع، والذي بخلاف المعهود رفض أخذها وقال إنما بعت العقار بما فيه، ووضحت لهم أن كلا الرجلين رفض أخذ جرة الذهب خشية أن يأكل مالا ليس له.

وقلت إن المال الذي تختصمون من أجله لا يساوي شيئا، وقد شهد أحد الحضور بأن كلا المتخاصمين يكسب في اليوم الواحد أضعاف أضعاف المبلغ المُتخاصَم عليه.

وذكرتهم بأن أعظم خسارة هي فقد الإنسان لحياته وانظروا إلى الناس حولكم ممن يفقدون حياتهم دون ذنب كما في سورية ومصر، وأن المال يذهب ويأتي غيره، وأشرت إلى أهمية أن يتعامل الإنسان مع الآخرين بأخلاق الإسلام التي تدعو إلى السماحة والتساهل واللين، فالمسلم سهل إذا باع وسهل إذا اشترى، وسهل إذا قضى وسهل إذا اقتضى هكذا كان وصف الرسول عليه الصلاة والسلام للمؤمن.

لكن في الحقيقة كل ما ذكرته من نصوص وما تضمنته من معاني جميلة في التعامل مع الآخرين، وجدت أنها ذهبت أدراج الرياح وأصر كل طرف على موقفه.

فقلت لهم بأنني قدمت لهم النصح، وأعانكم الله على إيجاد من يحل مشكلتكم، فانصرفوا.

هذه الحادثة هي واحدة من عشرات الحالات التي تقع بين الناس في اليوم الواحد، والتي أحيانا يتعمد فيها البعض المكر والخداع من أجل أكل حقوق الناس، وكم أتمنى لو أن كل مسلم تفكر بأنه عن قريب راحل، وأنه مُساءل أمام الله عن كل فلس، من أين اكتسبه وفي أي شيء أنفقه، وأنه إن كان للناس حقوق لم يأخذوها في الدنيا فإنها سترجع لهم في الآخرة، وبأن الوفاء يوم القيامة لن يكون من الأموال وإنما من الحسنات والتي يكون المرء حينها في أمس الحاجة إلى كل حسنة فلعلها ترجح ميزان أعماله.

لذلك نقول لكل متحايل ومخادع خذ أموال الناس بالباطل واظلمهم، لكن إعلم بأنك تقتطع لنفسك قطعة من النار، فخذها أو دعها.





twitter :@abdulaziz2002
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي