تنقل لنا كتب السير ان وفد النصارى لما قدموا على النبي -صلى الله عليه وسلم- دخلوا عليه مسجده بعد صلاة العصر وقد حانت صلاتهم فقاموا يصلون في المسجد فقال الرسول دعوهم فاستقبلوا المشرق فصلوا صلاتهم.
كما تتحدث كتب السيرة ان الخليفة الراشد ابا بكر الصديق -رضي الله عنه- كان يوصي جيوشه فيقول لهم (وستمرون على قوم في الصوامع رهبانا يزعمون انهم ترهبوا في الله فدعوهم ولا تهدموا صوامعهم).
ويشهد ول ديورنت في قصة الحضارة ان اهل الذمة المسيحيين واليهود والزردشيين والصابئين يتمتعون في العهد الأموي بدرجة من التسامح لا نظير لها في البلدان المسيحية من حرية العبادة والاحتفاظ بمعابدهم وكنائسهم...
وما اجمل موقف الامام علي -رضي الله عنه - مع الخوارج بعد حواره معهم حين طمأنهم ان معارضتهم وتمسكهم بآرائهم لن تؤثر على حقوقهم المكفولة لهم كمواطنين حيث قال (... لكم علينا الا نمنعكم من المساجد ولا من رزقكم من الفيء ولا نبدأكم بقتال ما لم تحدثوا فسادا...).
كل هذه النقولات السابقة ليست في القرن الواحد والعشرين قرن الحضارة والتقدم وحقوق الانسان... بل هي في عصور الاسلام الحضاري الذي لا يقرأه رجال السياسة والإعلام... ومدعو الثقافة المريضة!
لماذا إذاً يخاف الغرب من الاسلام الصحيح؟، ولماذا يشوه دعاة الحريات الزائفة والثقافة الباهتة حضارتنا العظيمة...؟ لماذا يختزلونها بمشاهد ومواقف هنا وهناك تمثل بعضا من أوجه الصراع الإنساني الطبيعي ويتناسون تلكم المنارات المضيئة والهادية لدعاة العدالة والحرية والمساواة؟
اعتقد انهم يدركون ان الاسلام كمنهج حياة يستوعب الجميع ويحترم كل الأطياف الدينية والعرقية والسياسية فلا إكراه في الاسلام ولا بغي ولا عدوان...
ولان عصابات القتل وتجار السلاح وشركات الدمار حول العالم لن تحقق أهدافها الملعونة والسيطرة على مقدرات الشعوب النفطية والبنكية والبشرية إلا بقطع الطريق وتنحية الاسلام وهدم أركانه الجامعة وإشغال شعوبه بلهو الحضارة المادية وإشعال فتيل الأزمة بين طوائفه وفرقه والتحريض او التحريش بينها فتضعف وتذهب ريحها ولا تقوم لهم قائمة...
وللأسف الشديد يتلقف كثير من أبناء جلدتنا هذا الفكر المسموم فيحاربون الاسلام ويرحبون بالبديل الغربي... المادي ليحكم شؤون الحياة باسم العلمانية تارة وباسم الليبرالية تارة اخرى...
سيسود الاسلام يوما ما كما اخبر الرسول الكريم بعز عزيز او بذل ذليل لتسعد البشرية وتهنأ بالكرامة الانسانية والعدالة والحرية وقيم التعايش الإنساني النبيل...
وستسقط كل القيم المعادية للإنسان والمهينة لكرامته وحرية اختياره وستنزوي معالم الاستبداد والتسلط العالمي على الشعوب المغلوبة...
هذا ما نؤمن به ونعتقده ولكل اجل كتاب...
د. مبارك الذروة