نتذكر مع كل عاشوراء موقفين من مواقف المواجهة بين الحق والباطل، موقفاً لنبي الله موسى عليه السلام في مواجهته لفرعون، والشدة التي ألمت به وأتباعه يوم أن طاردهم فرعون وجنوده حتى أدركوهم فصار البحر من أمامهم والعدو من خلفهم والجبال عن أيمانهم وشمائلهم، فأصاب الرعب أتباع موسى عليه السلام حتى قالوا ( إنا لمدركون ) فكان الرد السريع من النبي الواثق من نصرة الله لأولياء (كلا إن معي ربي سيهدين ) وليأتيهم الفرج والمخرج سريعا من خلال الأمر الإلهي ( أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم ).
ولحكمة الله وإرادته في إغراق فرعون جعل على قلبه غشاوة فلم يتعظ من هذه الآية العظيمة بانفلاق البحر بطريقة لا يمكن أن تتم إلا بمعجزة إلهية، لكن فرعون بحماقته وعناده اقتحم البحر هو وجنوده لتكون في ذلك نهايتهم، وهي النهاية المحتومة لكل طاغية وظالم.
أراد موسى عليه السلام أن يشكر ربه على نعمة هلاك فرعون والنجاة من بطشه، فصام ذلك اليوم وهو يوم عاشوراء.
وبعد قرون جاءت بعثة محمد عليه الصلاة والسلام ومن ثم هجرته إلى المدينة ليجد اليهود يصومون ذلك اليوم اتباعا لموسى عليه السلام، فقال النبي عليه الصلاة والسلام نحن أولى بموسى منكم فصامه ودعا لصيامه ولهذا كان صيام أهل السنة لهذا اليوم إنما هو من باب الاقتداء بسنة محمد صلى الله عليه وسلم، فهو يوم نصر وتمكين يشكر فيه رب العالمين.
وشاءت إرادة الله تعالى أن يقع في اليوم نفسه مقتل سيد شباب أهل الجنة وحفيد النبي عليه الصلاة والسلام من ابنته فاطمة سيدنا الحسين بن علي رضي الله عنهم أجمعين.
قُتِل الحسين رضي الله عنه في موقف بطولي، وهو يواجه رموز الفساد وأتباع الطغاة، قُتل وهو رافع الرأس شامخ الهامة، وليكون نبراسا لكل صاحب حق في الدفاع عن المبدأ الذي يؤمن به.
ولذلك الأمة الإسلامية وكل من في قلبه ذرة إيمان يحزن لمقتل الحسين، فهو من آل بيت النبي الذي حبهم من الإيمان وبغضهم من النفاق.
إلا أن هناك تساؤلا يطرح نفسه وأتمنى أن نجد الإجابة عنه وهو هل من مستلزمات الحزن على الحسين أن تقوم قلة بالإساءة لأصحاب الرسول رضي الله عنهم أجمعين؟
نسمع دعوات متكررة للتقارب بين المذاهب فهل ما تطرحه هذه القلة يصُب في صالح التقارب أم عكس ذلك.
لن أخوض في موضوع مشروعية الدماء التي تسال بدعوى محبة الحسين رضي الله عنه، ولكنني أدعو كل من يحب الحسين ويحزن على مقتله، أن يحزن على الدماء البريئة التي تُسال في سورية أيضا وعلى أعراض الحرائر التي تنتهك، وعلى المساجد التي تُهدم.
أن تقف في وجه الظالم وتمنعه من الظلم ولو كان من أقرب الناس إليك، ولو كان من طائفتك أو أهلك أو عشيرتك هو العلامة الحقيقية لمحبة الحسين، فهل نعقل ذلك؟
عبدالعزيز صباح الفضلي
twitter :@abdulaziz2002