عبدالعزيز صباح الفضلي / رسالتي / محاكمة الرئيس والعنكبوت

تصغير
تكبير
| عبدالعزيز صباح الفضلي |

شاءت الأقدار أن تتوافق محاكمة الرئيس مرسي مع ذكرى غيرت مجرى التاريخ ألا وهي الهجرة النبوية.

لقد بين الله تعالى لنبيه محمد عليه الصلاة والسلام حقيقة المواجهة ومكر الأعداء الذين سيحاولون منعه من نشر دعوته إما بالسجن أو الطرد أو القتل وهي الطرق التي غالبا ما يستخدمها أعداء الحق (وإذ يمكر بك الذين كفروا ليُثْبِتوك أو يقتلوك أو يُخرجوك)، والسجن هو ما يجري اليوم مع د. مرسي الرئيس الشرعي المنتخب في مصر، والذي تم الانقلاب عليه من قبل من خافوا على مصالحهم ومصالح حلفائهم في داخل مصر وخارجها.

قبل حادثة الهجرة كانت هناك مؤامرة تحاك في دار الندوة للقضاء على الرسول عليه الصلاة والسلام، ومثل هذه المؤامرة حيكت ضد الرئيس مرسي أدت إلى إسقاط حكمه.

بعد تمكن الرسول عليه الصلاة والسلام من الخروج من مكة وفشل محاولة القتل، رصدت قريش 100 ناقة لمن يأت بالرسول الكريم حيا أو ميتا، ويشبه ذلك المليارات التي أنفقت في سبيل إسقاط الرئيس مرسي.

من دروس الهجرة التي نتعلمها أنه ينبغي أن نبذل الأسباب للوصول إلى الغايات والأهداف وهو ما قام به النبي عليه الصلاة قبل وأثناء الهجرة، وهنا ندعو كل من يسعى لإسقاط الانقلاب أن ينظم صفوفه ويشحذ جميع الطاقات من مختلف الأعمار والتخصصات لتحقيق هدفه، ولقد شارك في نجاح الهجرة الغلام علي والرجل أبو بكر، وابنته أسماء مفخرة النساء.

لكي يتحقق لك النجاح فلابد من التوكل على الله والثقة به وهو ما دل عليه قول النبي عليه الصلاة والسلام لصاحبه وهما في الغار (لا تحزن إن الله معنا).

الأمر الذي لابد من اليقين به أن الله تعالى ينصر عباده ولو بأضعف مخلوقاته وأنه تعالى لكيد الماكرين بالمرصاد، لذلك كان بيت العنكبوت الذي نسج على الغار أحد أسباب نجاة النبي عليه الصلاة والسلام عندما حاصره المشركون (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين)، لذلك مكر الانقلابيين سيقابله مكر من الله ضدهم والنتائج في نصر الحق ستظهر ولو بعد حين، ولقد تمكن الرسول عليه الصلاة والسلام بعد 8 سنوات من الهجرة من الرجوع إلى مكة فاتحا وهو يردد : قل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا.

مصر بين محاكمتين

توقفت عند مقارنة جميلة بين محاكمة الرئيس مرسي وبين أشهر قضية في تاريخ القضاء المصري وهي قضية نبي الله يوسف عليه السلام، فيوسف الصديق اتهمته امرأة العزيز بأنه أراد بها السوء، فتمت مباشرة اجراءات التحقيق بالاستماع الى أقوال المجني عليها فنسبت اتهامها إليه وطالبت بتوقيع العقوبة عليه ثم استمع المحقق إلى أقوال المشكو فى حقه فقال (هي راودتني عن نفسي)، وجاء تقرير الطبيب الشرعي ليثبت أن قميص يوسف مزّق من الخلف ما يدل على براءته، فلما ظهرت الحقيقة أمام القضاة كان يقينا أن يحكموا ببراءته إلا أن الحكم جاء كالصاعقة (ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين)!

لقد ظلموا نبي الله يوسف وهم يعلمون بحقيقة براءته واليوم يُظلم الرئيس مرسي بخطفه ومنعه من محادثة معاونيه ويتهم بالتحريض على قتل متظاهرين اثنين عند الاتحادية أثناء حكمه، وهم يعلمون بأنه بريء من ذلك كله، لكنهم يريدونها محاكمة سياسية لا جنائية.

لقد خرج يوسف عليه السلام عزيزا مكرما بعد بضع سنين ليحكم مصر وتصبح على يديه في أزهى عصورها، وسيعود مرسي بإذن الله ليحكم مصر، وستدور الدوائر على قادة الانقلاب وسيحاكمهم الشعب المصري على آلاف الشهداء الذين سقطوا في رابعة والنهضة والحرس الجمهوري والنصب التذكاري.

فلا تحزن يا من تناصر الشرعية، فبرغم سواد الصورة وقتامة المنظر، إلا أنك لا تدري ما الخير الذي ينتظر أهل مصر، وسيجعل الله تعالى بعد عسر يسرا.

 

twitter :@abdulaziz2002
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي