سليم نصر الرقعي / السؤال المهم الآن في قضية لوكربي؟


ان السؤال المهم الذي تطرحه علينا عقولنا أو نطرحه نحن على عقولنا اذا لم تبادر هي بذاتها الى طرحه علينا هو كالتالي: لماذا تحركت قضية المقرحي الآن فقط؟ هل هي صحوة ضمير اعترت العالم الغربي بشكل مفاجئ بعد طول بيات وسبات؟ أم أن «المصالح السياسية» و«لعبة الأمم» هي ما حرك القضية وسمح بتحريكها في اتجاه الافراج عن المقرحي وتبرئة نظام القذافي من هذه الجريمة؟ هذا ما يجب أن تطرحه علينا عقولنا أو نطرحه عليها نحن اليوم، لأن أصحاب العقول لن يصدقوا حكاية «صحوة الضمير» المزعومة هذه التي حدثت في هذا الوقت بالذات للساسة الغربيين وللشهود الرئيسيين في القضية فبدأوا واحداً بعد الآخر، يعترفون بأنهم كانوا يدلون بشهادات كاذبة ضد المقرحي مقابل «رشاوى» دفعتها لهم (جهة ما)! فلماذا حدثت «صحوة الضمير» هذه فقط بعد أن قدم النظام لأميركا وبريطانيا كل ما هو مطلوب منه وزيادة، وآخرها كان مطلب اطلاق سراح البلغاريات مع أن القضاء الليبي حكم عليهن بالاعدام، ثم أخذ رأس النظام يردد في تذمر وضجر: «أين المكافأة؟ أين المكافأة عن هذه التنازلات كلها والانصياعات والمعلومات الكبيرة والخطيرة والمريرة التي قدمناها لكم؟ أين مقابل كل هذه التعهدات والصفقات الأمنية والاقتصادية والسياسية التي عقدناها معكم سراً وعلانية؟ أين «قطعة الحلوى» التي وعدتمونا بها يا أسياد العالم؟... وهل جزاء الاحسان الا الاحسان؟
هكذا ظل يردد النظام، ولايزال، أحياناً بلسان الحال وأحياناً بلسان المقال! ولذلك فلعل الأمور تسيّر حالياً (تسيّر بالتشديد) في اتجاه اطلاق سراح المقراحي، لأن الغرب لم يعد يحتاج اليه، خصوصاً وأن النظام عوض أهالي الضحايا بمبالغ فلكية ولا في الأحلام؟ ولعل أسياد العالم يحتاجون اليوم هذا الملف نفسه، أي قضية لوكربي، من أجل ممارسة لعبة الضغط والابتزاز والتركيع نفسها مع دول أخرى مازالت أميركا تعتبرها دولاً مارقة ولا تستجيب للمطالب والشروط الأميركية بنسبة 100 في المئة كسورية وايران!
من يدري؟ قد يكون المقرحي بريئاً بالفعل وقد يكون «رهينة سياسية» بالفعل! أنا لا أقطع بأنه مجرم، ولا بأنه بريء! الله أعلم بحاله! والعدالة الغربية لا تسعفنا هنا بالحقيقة مادام الساسة وأرباب المال الكبار يملكون أن يتلاعبوا بها حسب مصالحهم! ولكن أنا هنا أتحدث عن «لعبة الأمم» التي يديرها الكبار وكيف أن تحريك قضية لوكربي الآن، والآن فقط! في اتجاه تبرئة النظام واطلاق سراح المقرحي لا يأتي نتيجة صحوة ضمير غربية مفاجئة أو لدوافع أخلاقية تتعلق بسير العدالة، بل ان «الحكاية وما فيها» أن المصالح الاقتصادية والسياسية والأمنية الغربية اقتضت أن تسيّر الأمور في هذا الاتجاه، خصوصاً بعد أن تم تطويع وتركيع النظام الحالي في ليبيا، خصوصاً وأنه تخلى نهائياً عن شعار الوحدة العربية وتحرير فلسطين من البحر الى النهر، وأصبح يروج اليوم لدولة يطلق عليها اسم «اسراطين»، ثم، وكما ذكرنا آنفاً، فلعل أسياد العالم يحتاجون الى ملف لوكربي للعبة مقبلة وخبيثة أخرى يحاولون فيها تركيع وتطويع دولة أخرى، كما ركعوا وطوعوا دولة الصقر الأوحد المزعوم! أنا لا أفرض عليكم هذا الرأي والتحليل الخاص، ولكني فقط أدعوكم الى التفكر بهذه المسالة، بعيداً عن التسريبات الاعلامية الخادعة التي تقوم بها حالياً (جهة دولية ما؟) من أجل خداع الرأي العام العالمي وتهيئته ذهنياً ونفسياً لقبول عملية اطلاق المقرحي تماماً، كما خدعت هذا الرأي العام نفسه من قبل، وأقنعته أن ليبيا هي بالفعل من ارتكب هذه الجريمة! انهم يعبثون بالحقيقة والعدالة ويلعبون بعقولنا فقط من أجل مصالحهم السياسية المتقلبة، فهل انتم منتبهون؟
سليم نصر الرقعي
كاتب ليبي