| د. فهيد البصيري |
الحمد لله انني لم أكن زعيما، ويا ساتر لو كنت زعيما عربيا وتجسست أو تحسست عليّ المخابرات الأميركية عندها ستكون فضيحتي وفضيحتكم بزلازل.
لأنهم سيكتشفون أنني اتجسس عليكم، وسيكتشفون أننا ليس لدينا من أسرار الدنيا وهمومها إلا الجنس والدين، وهما أشياء عفى وحثى عليها الزمن بالنسبة لهم، والمرأة عندهم كالرجل، فليس هناك معنى للجنس، والدين عندهم لله، ولا دخل له في حياتهم الدنيوية والعياذ بالله، وفي كل الأحوال لا يوجد سبب مقنع للتجسس علي فأنا في الأصل جاسوس لهم عليكم.
وتجسس هذه الأيام يختلف تماما عن التلصص العربي العريق، فتجسس هذه الأيام يدور حول الاقتصاد والمال، وحول آخر الابتكارات والاختراعات العلمية التي من الممكن أن تقلب الدنيا، وتقدم أمة وتؤخر أخرى. والمخابرات الأميركية تتجسس لصالح الشركات الأميركية واقتصادها، ودول العالم غير العربي يتجسس بعضها على بعض بشكل يومي ومستمر، وهو وضع منطقي ومتوقع، فالعالم يتحارب على لقمة العيش التي أصبحت قنبلة عيش.
وكنت أتمنى أن تتجسس علينا المخابرات الأميركية، ولكن المشكلة أنها أعقل وأثقل من أن تضيع وقتها على الكلام الفارغ الذي نردده منذ عقود وبلا فائدة، واقتصادهم في مأمن من اقتصادات العالم العربي بطوله وعرضه، ومرحلة احتكار النفط ولت إلى غير رجعة بعد اكتشاف النفط والغاز الصخري، والعالم يتطور، ونحن نتعور، والغرب يخترع، ونحن ننخلع.
ولم نسمع أن الأحياء يتجسسون على الأموات، ففلسفتنا في الحياة تختلف كليا عن فلسفتهم أو نظرتهم لها، فهم يصنعون الأمل، ونحن نقتل البراءة في مهدها، وطبيعي أن غربيا حيا لن يخشى 300 مليون أسد عربي ميت!
fheadpost@gmail.com