معلم تاريخي أعادت الدولة إحياءه... لكن أجواءه وما يحيط به شوّه جمالية المكان ورمزيته

سوق المباركية ... عبق التاريخ تخنقه الروائح الكريهة!

تصغير
تكبير
| كتب محمد صباح وعبدالله راشد |

لا يزال محتفظا بمكانه يحمل بين أروقته وزواياه الكثير من الذكريات المعتقة التي بقيت عالقة في نفوس محبيه الذين ما فتئوا يجددون معه العهد بين حين وآخر.

إنه سوق المباركية الذي أضحى اليوم بما يحمله من تاريخ طويل قبلة لمعظم زوار الكويت يقرأون في تصميمه المميز بمظلاته الخشبية وبسطاته التي تحمل مختلف البضائع قصة لازالت تروى بعشق أهل المكان، يجولون به حيث يأخذهم إلى عبق الماضي في رحلة بين تلك البسطات المتواضعة ومحلات العطارة وأجوائه التراثية.

ولكن بالرغم من مكانه الذي يتوسط العاصمة ومكانته التاريخية التي تحكي حقبة من تاريخ الكويت وتصميمه التراثي المتناسق، يعيش حالة مزرية وصل لها السوق من جراء الروائح الكريهة والمزعجة التي تعم المكان وبعض المظاهر السيئة الأخرى التي أصبحت تشكل عاملا منفرا لرواده الذين يجدون به متنفسا ومعلما تراثياً جميلاً.

ترميم تراثي

وقت طويل مضى على تطوير السوق أظهره بحلة جديدة ابرزت الجانب التراثي والجمالي له من خلال ترميمات عديدة قامت بها الجهات المعنية أعادت من خلالها رسم ملامح السوق بشكله التراثي المطور تضمنت تبليط الارصفة واعادة ترميم أسقف السوق وغيرها من الأعمال حيث يمثل السوق احد اهم المعالم التاريخية التي يحرص الجميع ومن مختلف الشرائح والجنسيات على زيارته كمتنفس لهم يقضون به وقتهم في الجلوس على المقاهي المنتشرة داخله او للتسوق في ممراته.

غير أن الروائح الكريهة التي تغلف أجواء المكان بدلت حال السوق وجعلت متعة قضاء الوقت به نقمة وتجربة سيئة لا يرغب زائر المكان في تكرارها، حيث يبدو واضحا غياب الرقابة وعدم إكتراث البعض في القيام بأعمال النظافة والحرص على إزالة الأوساخ من على الأرض خاصة في الجزء المخصص للمطاعم والتي تحتاج إلى تنظيف الأرضيات بشكل يومي ومعالجة الأوساخ التي غيرت لون الكربستون نتيجة كثرة المشروبات والدهون المتساقطة عليه.

إن الإقبال الشديد على السوق يفرض على القائمين بأعمال صيانته الحرص بشكل أكبر على استمرارية أعمال الصيانة والتنظيف بشكل دائم لا سيما في ظل قلة المرافق العامة حيث يشكل الضغط الكبير على تلك المرافق المحدودة ارتفاعا كبيرا في الروائح المنبعثه منها والتي تتطلب معالجة فعلية وسريعة كزيادة عدد المرافق مع استخدام المنظفات والمعطرات بشكل دائم للحفاظ على جمالية المكان الذي دائما ما كانت تفوح منه روائح الحنة والهيل والعطور التي تنبعث منه.

والحديث عن انبعاث الروائح غير المرغوبة يقودنا إلى سوق السمك واللحوم اللذين أصبحا يشكلان عنصرا مهما في تردي الوضع نتيجة الروائح المنبعثة منها والتي تحتاج إلى معالجة سريعة لها كوضع شفاطات أو غيرها من الأمور التي تقلل من انبعاث تلك الروائح، أضف إلى ذلك حاويات القمامة القريبة من محطة تفريغ وتنزيل الأسماك من الشاحنات والبرادات حيث تقوم تلك السيارات بإفراغ الثلج الذي حفظت به الأسماك في الأرض ورمي التالف منها في الحاويات مما يتسبب في إبعاث روائح لا يمكن تحملها.

ويحدد أغلب رواد السوق ممن التقتهم «الراي» المشكلة في الضغط الكبير على المرافق العامة سواء من قبل زوار السوق نفسه أو العاملين في الأسواق والمجمعات القريبة منه، وذلك لعدم وجود دورات مياه جيدة ونظيفة في محيط المنطقة إلا بما هو موجود في سوق المباركية الأمر الذي يتطلب معه زيادة عدد دورات المياة لاستيعاب الضغط الكبير سواء من قبل رواد السوق أو غيرهم، لافتين إلى غياب واضح لعملية تنظيف الأرضيات من الأوساخ التي تحتاج إلى عملية غسيل يومي لإزالة وتنظيف وتمليع الأرضيات.

معالجة حكومية

وللوقوف على حقيقة الوضع توجهنا الى مراقب عام نظافة العاصمة في بلدية الكويت مشعل العازمي الذي اكد أن البلدية تتجه إلى عمل صيانة وإنشاء 19 دورة مياه عمومية منتشرة في منطقة العاصمة من بينها المتواجدة في محيط سوق المباركية، وهو الأمر الذي سيعمل على تخفيف الضغط عن دورات المياه في السوق، مبينا أن أعداد الحمامات ليست ضمن الامور المتعلقة برقابة النظافة.

وأوضح أن البلدية تفتح أبوابها أمام تلقي شكاوى المواطنين والمقيمين ممن يلمسون أية مخالفات.

بدوره قال مشرف شركة الصيانة علي موسى أن الشركة المسؤولة عن السوق تقوم بصيانة دورية شاملة لجميع مرافق، إضافة إلى تنظيف ومراقبة النظافة بشكل يومي، مشيا إلى أنها قامت بازالة جميع المخلفات والمعدات التي يخزنها اصحاب المحال خلف محلاتهم.

وأضاف أننا نعمل على علاج انـبعاث الروائـــــح الكريهة باستـــمرار من خلال تنـــظـــــيف الممرات والمرافـــق بشكل مستمر، والقادم الى السوق يلحظ ان العمالة في سباق مع الزمن من أجل الحفاظ على الشكل الجميل للسوق.

أما في ما يتعلق بانبعاث الروائح الكريهة قال موسى أننا نعمل على مكافحة ذلك باستمرار ولجأنا الى زيادة أعداد دورات المياه من خلال اقتطاع مساحة من الارض المخصصة لمزاد بيع الاسماك، إذ وفرنا دورتي مياه اضافيتين ليصبح لدينا 5 خصصنا واحدة منها لذوي الاحتياجات الخاصة، إلا أن الضغط الذي نواجهه كبير بسبب توجه عمال ومرتادي المجمعات القريبة مثل سوق الحريم وسوق السلاح وسوق الذهب لاستعمال دورات المياه الخاصة بالمبنى، خصوصا وان المسجد المجاور لنا يقفل ابوابه عند الساعة الثانية عشرة.

وكشف ان الشركة المشرفة تسير وفق جدول زمني للصيانة يتضمن تجديد الارضيات وعمل صبغ عام، بالالتزام بالشروط التي تفرضها بلدية الكويت وإدارة املاك الدولة.

ملاحظات المواطنين

قال أحمد بوغيث أن للسوق أهمية كبيرة لدى الكويتيين لما يحمله من عودة للماضي بسبب تصميمه التراثي، مشيرا الى انه يحتوي على معظم احتياجات المنزل من الخضار واللحوم والاسماك والتوابل وايضا الملابس والادوات المنزلية، إضافة الى اشتهاره بالصناعات اليدوية للادوات والاواني القديمة.

وأضاف أنا أحضر إلى السوق مرات عديدة خلال الشهر الواحد لشراء مستلزمات المنزل من التوابل والخضراوات، مبينا ان معظم الاشياء التي يشتريها من السوق موجودة في معظم اسواق الكويت، الا ان البضائع داخل السوق تتميز بالجودة.

واستنكر بوغيث اهتمام المسؤولين والقائمين على السوق أمام المسؤولين والتلفزيون، مبينا أنه بعد جولات الوزراء والمسؤولين يعود كل شيء الى وضعه الطبيعي وتعود الفوضى وعدم الاهتمام، مدللا على ذلك بالاهتمام الكبير الذي ابداه القائمون على السوق عند تفقد الشيخة أمثال الاحمد له، اذ استنفر الجميع لتنظيف المكان وتزيينه وبمجرد ذهابها عاد كل شيء الى وضعه القديم.

وقال ان السوق بحاجة الى اعادة ترميم وتبديل للارضيات المتسخة والارصفة القديمة، كما أنه بحاجة إلى تنظيف بشكل مستمر مما يستوجب وجود عمال النظافة وتنظيف الحاويات وعدم ترك القمامة فيها حتى لا تتسبب في انبعاث الروائح التي حرمت العديدين من التسوق فيه.

المواد الغذائية

من جانبه أعاد عبدالله ناصر مشكـــلة الــــروائح الــكريهة الى طبيعة المواد الغذائــــــية التي تباع في سوق المباركــــية، قائلا « من الطـــــبيعي ان تنتج تلك الروائح في ظل بيع الاسماك وحتى المجففة منها، اضافة الى بيع اللحوم وانواع متعددة من التوابل».

وأضاف أن السوق بشكل عام مرتب ويعرض فيه اصناف مختلفة من المواد الغذائية وكذلك الاواني وبعض منتجات الخوص التي ربـــما لا تتــــــوفر الا فــــــيه، الا انه بحاجة الى عناية مستمرة خصوصا وهو يمثل معلما يحرص الجميع على ارتياده بما في ذلك زوار الكويت.

وبين ان اجمل معالم سوق المباركية تتمثل في المقاهي الكثيرة التي تنتشر داخله مما يجعله وجهة للكثير من الشباب وايضا العائلات، مشيرا الى ان السوق تتوافر فيه كل سبل الترفيه والتسلية وايضا محلاته جعلت منه مكانا متكاملا يفي باحتياجات الزائر من بضائع سواء كانت استهلاكية او تجميلية.

ولم يخرج كلام ناصر عن اطار حديث والده اذ اكد ان السوق يمثل معلما تاريخيا لما فيه من تجسيد لطراز ونمط الاسواق الكويتية القديمة، وهو بحاجة إلى اهتمام مستمر من قبل القائمين عليه وحتى مرتاديه من خلال المحافظة على نظافته والاهتمام بمرافقه.

واعتبر الازدحام الشديد للسيارات وقلة المواقف المخصصة لها من المشاكل التي تواجهه فهو يضطر الى وضع سيارته في مكان بعيد ويقــــطع المسافة المتبقـــــية ســــيرا على الاقدام، مطالبا بضرورة وضع حل جذري لهذه المشكلة بالعمل على زيادة المواقف المخصصة لرواد السوق.

ولفت الى ضرورة تنظيف السوق بشكل مستمر خلال اليوم للمحافظة على شكله العام وابقاء رائحته عطرة تجذب المتسوقين.

غياب الأمن

بدوره قال حربي العنزي انه يأتي الى السوق بمعدل مرة اسبوعيا بصحبة الاصدقاء لتناول وجبة في احد المطاعم وشراء الاجبان والمخللات من البقالات الصغيرة المنتشرة داخل السوق، والتي تتميز بالنظافة والجودة ودائما يحرص اصحاب هذه البقالات على توفير معظم الانواع من هذه المنتجات لديهم ما يجعلنا نشتري معظم مستلزماتنا من مكان واحد.

وأضاف أن هناك بعض السلبيات التي انتشرت في ظل كثافة الحضور الشبابي مثل معاكسة الفتيات، لاسيما اللاتي يدخن الشيشة، داعيا الى وجود عناصر من الشرطة الرجالية والنسائية على حد سواء لردع المستهترين.

وأشار إلى أن السوق بحاجة الى بعض الامور من بينها زيادة دورات المياه، فهو بالرغم من كبر مساحته لا يتوافر به سوى دورتي مياه ويضطر المتسوق الى انتظار الدور لدخول تلك المرافق المشتركة بين المتسوقين والعمال، والتي لا تتوافر بها النظافة، وبحاجة الى صيانة مستمرة.

من جهته، قال عبدالقادر المانع أن الحاويات التي تتراكم فيها بقايا الاطعمة التي تبيعها المطاعم المختلفة هي المتسبب في الروائح الكريهة المنبعثة في انحاء السوق فتلك البقايا يجب ان تزال بشكل فوري دون انتظار سيارات البلدية التي لا تأتي الا متأخرا.

وأوضح أن السوق يعاني من ضغط شديد على معظم مرافقه لا سيما دورات المياه، بسبب العمالة من الاسواق المجاورة التي تستخدمها ما يجعل العديدين يتجنبون الذهاب اليه.

أما أم ناصر فبينت أنها تقصد السوق لشراء مستلزماتها من الملابس، خاصة المنتجات الجلدية مثل الاحذية التي تنتشر في محال السوق الكثيرة وتتواجد بارخص الاسعار، لافتة الى انها تتبضع من اسواقه الشعبية، خاصة في الايام التي تسبق الاجازات وايام الســــــفر، حيث تبتاع ما تحتاجه لسفرها واسرتها.

وقالت أنها تأتي مع أبنائها في نهاية الأسبوع لانتشار المطاعم التي تقدم الوجبات المتعددة واللذيذة باسعار جيدة، وأخذ يوم اجازة من المطبخ.





مظاهر المعاناة



• مواقف سيارات السوق لا تستوعب العدد الكبير من رواده خاصة في نهاية الاسبوع الذي يشهد اقبالا كبيرا يفوق التوقعات مما يجعل البحث عن مكان لايقــــاف السيـــــارة أمر أشبه بالمستحيل.

• قلة دورات المياه واشتراكها بين المتسوقين والعمال تسببت في خلق طوابير من المنتظرين الذين يندمون بمجرد الدخول للروائح الكريهة.

• تواجد العائلات والشباب من المرتادين يتطلب تواجدا امنيا وهو ما لا يلاحظ في منطقة السوق ويقتصر على سيارات المرور فقط.





مشعل العازمي: البلدية تواصل رقابة السوق حتى في العطل



قال مراقب عام نظافة العاصمة في بلدية الكويت مشعل العازمي إن البلدية تعمل وفق نظام النوبات حتى في أيام العطل من أجل مراقبة المحال في السوق والتأكد من تطبيقها لشروط النظافة والتي من بينها توفير حاويات محكمة الاغلاق أمام المطاعم تتناسب وكميات النفايات التي تخرجها، إذ تلزمها بنقل نفاياتها الى الحاويات الكبيرة المخصصة لتجميع تلك النفايات خارج السوق، لافتا الى الحملات المستمرة لمراقبة النظافة والتي يصاحبها تسجيل غرامات بحق المخالفين.

وعلل العازمي تكدس الحاويات بالنفايات في بعض الاوقات لعدم تمكن آليات النظافة من الوصول اليها لاسيما بعد اغلاق سوق الغربللي وتخصيصه للمشاة فقط.

وقال ان السوق بصدد تطبيق نظام المطهرات الجديد الذي يتم وضعه في المناهيل للقضاء على رائحة الاسماك، خصوصا بعد نجاح تلك التجربة في سلطنة عمان أخيراً.





علي الموسى: بعض الرواد والعمالة يساهمون في المشكلة



قال مشرف شركة الصيانة على السوق علي موسى إنه لابد أن يؤخذ بالحسبان أن السوق يحتوي على محال بيع الاسماك واللحوم والبهارات والأبخرة الناتجه عن الطبخ في المطاعم والتي تتسبب في بعض الروائح غير المحببة، كما اننا نعاني من رمي المخلفات في مناهيل السوق من قبل بعض المارة والعمالة وبالرغم من الصيانة الدورية لشبكات المجاري بواقع 3 مرات في العام بالاتفاق مع احدى الشركات المصنفة الا اننا مازلنا نعاني من تلك المشاكل.

وتابع: ان اجتماعاتنا مستمرة مع البلدية والتي قيدتنا في بعض الامور منها استخدام خراطيم المياه بقوة لعدم التسبب في الخرير الذي يؤثر على الأرضيات بحسبهم، والتي اكتشفنا ان تركيبها تم بطريقة خاطئة، اضافة الى تعامل بعض مرتادي السوق الذي يتعاملون معه على انه سوق شعبي، فيقوم بعض العمالة منهم بسلب ونهب محتويات الحمامات بل ويعرض الارضية للكسر المستمر بسبب سوء الاستخدام، بالرغم من الانذارات المتكررة التي وجهت لهم الا ان احدا لم يتجاوب.











الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي