د. فهيد البصيري / حديث الأيام / وزارة التربية والترهيب!

تصغير
تكبير
| د. فهيد البصيري |

عندما قال لنا الأميركيون هذبوا مناهجكم الدراسية يرحمكم الله غضبنا وأقمنا الدنيا ولم نقعدها، وفي ذمتي أن الأميركيين على حق. فمناهجنا الدينية خصوصا ليس فيها إلا قال فلان وقال علان، دونما سند أو برهان علمي أو منطقي على ما يقال، وفي المقابل لا نترك لأبنائنا فرصة للتفكير أو التعبير، فنحن نفكر بالنيابة عنهم، فمناهج وزارة التربية تعلم الغيب وما يخفى، وتستطيع الإجابة عن كل الأسئلة الكونية، ولكن بطريقتها الخاصة وعلى مزاج المسؤولين فيها! لقد خسرنا التعليم منذ زمن بعيد واليوم خسرنا التربية، فمصيبتنا في مناهجنا كبيرة؛ لقد أصبحنا ماكينات تفريخ للإرهاب مع سبق الإصرار والانتحار، وعندما تقع الفأس في الرأس ننقلب على أولادنا ونتبرأ منهم!، وكأننا لم نفعل شيئا لا سمح الله مع أننا السبب في كل ما جرى لهم وما سيجري عليهم، فنحن نحبب لهم التطرف ونطالبهم بالتسامح، ونغرس فيهم الطائفية ونتوقع منهم العقلانية، ونزرع فيهم التعصب لأصولهم، ونناشدهم بالمحافظة على الوحدة الوطنية! وإذا كنتم في ريب مما أقول خذوا منهج الصف الخامس الابتدائي على سبيل المثال لا (الحشر): ففي هذا المنهج التربوي الفاضل موضوع كامل عن يوم الحشر، وبالله عليكم هل يعقل أن نعلم أطفالا كلهم مرح وحيوية وإقبال على الدنيا موضوعاً كموضوع يوم الحشر؟ وتصوروا أطفالا في عمر الزهور لم يروا من الدنيا شيئا نقفز بعقولهم الصغيرة إلى الغيبيات! وهل أدركوا الدنيا لكي يدركوا الآخرة!

المهم أن من كتب هذا الموضوع كتبه بكل (قوة عين) ودون حياء أو خجل، وساق لهم عددا من الأحاديث النبوية، ولا أعلم هل هو متفق عليها أم مرسلة أم هي موضوعة، المهم أنها دُحسَت في المنهج والسلام، وأحد هذه الأحاديث يتكلم عن يوم القيامة! وتصورا أطفالا تشرح لهم أين؟ ومتى؟ وكيف سيأتي يوم القيامة؟! وفي ثنايا هذا الحديث يتضح أن يوم القيامة يبدأ من الشام وأن الشام - لا إله إلا الله - هي أرض المحشر! ولا أدري هل زج هذا الحديث بسبب الحرب الأهلية الدائرة في سورية؟! والحديث الآخر يقول: (حشر الناس حفاة عراة غرلاً قالت عائشة، فقلت: الرجال والنساء جميعاً ينظر بعضهم الى بعض؟ قال : الأمر أشد من أن يهمهم ذلك)! وإلى هنا انتهى الحديث، ولكن بدأت مصيبتنا وضعوا عشرة خطوط حمراء تحت كلمة غرلاً ولكم أن تتخيلوا كيف ستشرح (الأبلة) أي المدرسة معنى كلمة غرلا لفتيات لم تتجاوز أعمارهن السنوات العشر! واسمحوا لي أن أنزل إلى مستوى مناهجنا التربوية واشرح لكم معنى كلمة غرلا، وهي وتعني غير مختون، أي (صاغ سليم)!

لقد كتبت عن هذه المناهج الموبوءة لسنوات طويلة، ولكن لا حياة ولا حياء فيمن تنادي. فكفى تخريفا وكفى تحريفا لعقول أطفالنا، فنحن نستطيع أن نتحمل تواضع المستوى التعليمي في الكويت، ولكننا لا نستطيع أن نتحمل تفريخ أجيال من الإرهابيين المتخلفين تحت ذريعة أي تربية اسلامية.

 

fheadpost@gmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي