| د. فهيد البصيري |
حلّفني صديقٌ عزيز، يعمل في جمعية الرفق بالخرفان، بأن أنقل على لسانه هذه الحادثة من دون تحريف أو تخريف، وهي قصة حدثت له مع أحد اقربائه الخرفان، في أحد المسالخ الوطنية، في أول أيام عيد الأضحى المبارك.
يقول صديقي اللدود: بينما كنت أسير خالي البال، أبحث عن خروف افترسه في العيد، صادفت على باب المسلخ احد الخرفان الوطنية، وبالمصادفة كانت تربطني به قرابة دم، فهذا الخروف ليس كأي خروف، لأنه ببساطة أخي في الرضاعة، فقد رضعنا أنا وإياه من أمه نعجة، رحمها الله. المهم.. وبعد السلام وعبث الكلام، انفطر باكيا. وبين شهقة ونشغة، أخذ يشرح لي الظروف التي تمر بها الخرفان العربية هذه الأيام، ويقول: يا أخي نحن بلا مبالغة في طريقنا للانقراض، فأنا لم يبق من سلالتي الا هذه النعجة العرجاء، واليوم هي في طريقها إلى المسلخ البلدي.. كنت اتمنى أن انجب خروفا ليحمل اسمي من بعدي، ولكن ما ان يصل عمر أحدهم إلى شهر أو أقل، حتى يُقتل في ظروف غامضة! وكأنه معارض سياسي، أو عميل أجنبي! يا أخي شباب الخرفان العربية معرض للإبادة بسبب الأنظمة السياسية والثقافية التي لا ترحم.
لقد اصبح متوسط عمر الخرفان لا يتجاوز الشهرين، ومشكلة اخواننا العرب أنهم يذبحوننا على (الطالعة والنازلة)! فإذا تزوج أحدهم ذبحنا! وإذا رزق بمولود ذبحنا! وحتى إذا مات هو ذبحونا أهله وأماتونا معه! ولا تنتهي القصة فإذا احتفل أحدهم فإنه لا يحتفل إلا على جثثنا! وإذا دعا صديق ضيفا عزيزا عليه ذبحنا (كرمال عيونه)! وإذا صام العربي فإنه لا يفطر في العيد إلا علينا! أما إذا جاء عيد الاضحى فأقام علينا مآتما وعويلا، عندها تقام لنا (هولوكست) في جميع أنحاء المعمورة، ولا خروف لمن تنادي. يا اخي صارت الاعياد والافراح تشكل لنا كابوسا مرعبا، ولا ينجو من هذه المجازر إلا الفحل، وتصور ان معيارهم لتربيتنا هي الطاقة الجنسية لا العقلية! فإذا كنت عاجزا جنسيا، تسابقوا على ذبحك. وتهون كل المصائب إلا مصائب الفتاوى الجديدة، فبين الحين والآخر يخرج علينا بعض الدعاة بفتاوى تبيح قتلنا.. هكذا! وكأننا السبب في ذنوب العالمين! فكلما أخطأ أحدهم قتلنا ككفارة لذنبه، فهم يخطئون ونحن ندفع الثمن! حتى صار القتل سنة لهم، وانتقلوا من فتاوى قتل الخرفان إلى فتاوى قتل الإنسان، وكلها بسبب دعواتنا عليهم في كل صلاة وفي كل فلاة.
يا أخي نحن لم نخرج في مظاهرات إلا مرة واحدة عندما طلب منا الرعاة أنفسهم ذلك، ولكن هل سمعت أن الخرفان تريد اسقاط النظام؟ أو انها تريد الاستيلاء على السلطة؟ أو شكلت حزبا سياسيا، أو نادت بتطبيق الشريعة أو بفصل الدين عن السياسة؟ هل سمعت اعتراضا واحدا من الخرفان على الأعلاف الكيماوية التي نتسمم بها كل يوم؟ نحن حتى لم نطالب بالعمل في مراع خارجية، واكتفينا (بالجواخير) سكناً، ومع ذلك يبقى الخروف العربي خروفا، وتصور أن الكلاب على نجاستها افضل حالا منا، ثم سكت طويلا وتنهد وقال : يا ليتني كنت دجاجة لكان العيب أهون، أو ليتني كنت خنزيرا ليحرم لحمي على هؤلاء الذين لا يشبعون من مال ولا يرتوون من زلال.
يقول صديقي: ولم يقطع حديثنا إلا القصاب، عندما سحب الخروف من رجله بينما راح الخروف يصيح في حالة هستيرية: اتقوا الله يا مسلمين في أغنامكم، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته.
fheadpost@gmail.com