| د. فهيد البصيري |
لا إله إلا الله. لقد انقلبت الدنيا، أو اقتربت الساعة كما يقول مشايخ هذه الأيام. لقد جرت انتخابات المجلس البلدي من دون أن يعلم بها أحد، أو علم بها الناس (وطنشوها)، وحتى الجرائد اليومية (استخسرت) أن تضع لها مساحة أكبر من رأس القلم ولولا الحياء لألحقتها بزاوية الوفيات.
والمهم أن الانتخابات صارت وانتهت وفاز من فاز وخسر من خسر ولم يجد أحدا يسمي عليه، لأن الناس نسيت شيئا اسمه الانتخابات، وكرهت شكل صناديق الاقتراع، وملت الوقوف في الطوابير وكأنها تتسول حريتها وحقوقها ممن لا يخاف الله.
ولم يحدث في الكويت ولا في غيرها أن وصلت نسبة التصويت إلى هذه النسبة المتدنية من الحضور حتى أن لجان الانتخابات استحت من ذكر نسبة الحضور واكتفت بذكر عدد المرشحين.
وانتخابات المجالس البلدية في الدول الأخرى أهم من انتخابات رئيس الدولة عندهم، فالبلدية هي كل شيء لهم، وكل شيء عليهم، فهي التي تخطط وترسم، وتبني وتهدم، وتدفع وتأخذ، وتصفح وتعاقب، إنها محور حياتهم اليومية واسلوب عيشهم، ولكنها في الكويت لا تعني سوى مجاملة فلان على حساب علان، واطلاق اسمائنا على الشوارع في احسن الأحوال، ولا أريد أن أدخل في تفاصيل الدور الذي تلعبه المجالس البلدية في دول خلق الله فالمقارنة مفجعة، ولكن ما حدث للمجلس البلدي هو نفسه ما حدث للمرحوم مجلس الامة فقد أفرغ من صلاحياته وأصبح مجلس عزاء يترحم على فضائل المجالس السابقة.
والسبب في استخفاف الناس بكل شيء فيه انتخاب هو اكتشافهم أنهم أصبحوا كالموظفين لدى لجنة الانتخابات من دون راتب ومن دون فائدة، والسبب الثاني بالنسبة للبلدية هو التعديلات التي جرت على قانون المجلس البلدي، والتي حولته من مجلس بلدي إلى مجلس بلا أيدي لا نرتجي منه حقاً ولا يدفع عنا باطلاً، وما فعله هذا القانون كارثة، فقد جرد المجلس البلدي من صلاحياته ووضعها بيد الوزير، و«شال» صلاحيات الوزير ووضعها في يد مجلس الوزراء، ورفع صلاحيات مجلس الوزراء، ووضعها في كيس وقال للبلدية «شيلوها»!
وما وصلنا إليه اليوم من هجر وقطيعة مع مجالسنا النيابية ومجالسنا البلدية هو بيت القصيد لمن يريد أن يحول هذه المجالس إلى مجالس وجاهة وأعيان ليس لها من الصلاحيات إلا الكلام ورد السلام، وتفسير الأحلام... وآه يا بلدي.
fheadpost@gmail.com