ظاهرة تخترق كل المجتمعات تختلف أسبابها من شخص لآخر وتتخذ أشكالاً ومظاهر عدة
العنف في المدارس ... ثقافة مكتسبة تحتاج إلى علاج ... أم غريزة تحتاج إلى تهذيب؟!
... وإلى درجة احداث عاهات مستديمة ... وحتى القتل !
ظاهرة العنف بين الطلبة تنامت فوصلت إلى مستويات البلطجة وحرب الشوارع
قسوة المدرس على التلميذ قد تدفعه لارتكاب بعض الحماقات
الاختلاف في وجهات النظر وفي الطبائع يمكن أن يولد شرارة للعنف
| إعداد عبد الله متولي |
بدأ العام الدراسي... وكما جرت العادة في كل عام... تسبقه الاستعدادات الخاصة به... فتشمر الأسر عن ساعديها لتهيئة أبنائها لسنة دراسية** جديدة تحمل آمالا وطموحات وأحلاما، سواء للطالب او لأسرته وفي موازاتها بعض القلق والخوف، او على الأقل الحذر من حدوث ما لا تحمد عقباه، لكن هذه المشاعر والتفاعلات تختلف من أسرة الى أسرة ومن طالب الى طالب، وعليه تختلف أيضا الاحتياطات والمحاذير والاستعدادات... وفي هذا الخضم من التجاذبات تطل برأسها مشكلة المشاكل وصاحبة النصيب الاكبر من المد والجزر أثناء العام الدراسي لما لها من آثار سلبية كبيرة على كافة مفردات العملية التعليمية وأركانها، بل وتنسحب منها الى المجتمع ككل سواء من حيث الاسباب او النتائج، ألا وهي ظاهرة «العنف في المدارس» بجميع أشكالها ومستوياتها... هذه الظاهرة التي تفشت بشكل مخيف خصوصا في السنوات الاخيرة، وأخذت في التطور بشكل ملحوظ ومخيف... فقد أخذت حيزا كبيرا من واقع حياتنا المعيشي حتى أصبحت تقتحم مجال تفكيرنا وسمعنا وأبصارنا ليل نهار.
هذه الظاهرة لها أسباب أدت الى تفشيها بهذا الشكل، ولها خصائص تتصف بها، ولها علاقة بالدوافع النفسية عند الانسان، وهناك عوامل أسست لها، وهناك وسائل ساهمت في تطورها ووصولها الى هذا المستوى... ولهذه الظاهرة أشكال مختلفة، وبالتالي لها آثار مترتبة عليها، ومن المؤكد لها حلول ومعالجات.
لكن لماذا وصل العنف بين طلاب المدارس الى هذا المستوى؟ وأين دور مؤسسات الدولة؟ ومن المتسبب في استفحال هذه الظاهرة؟ وعلى من تقع المسؤولية؟ وماذا سيكون مستقبلها؟
في هذا التحقيق نحاول الاجابة عن كل هذه التساؤلات مع عرض الاسباب والدوافع والمؤثرات، وكذلك الحلول والمعالجات، مع عرض لبعض النظريات الاجتماعية والنفسية والدراسات الاجتماعية التي تناولت هذه الظاهرة، مع التركيز على موقف الاسلام من العنف وكيف وضع الحلول الناجعة لعلاجه والوقاية منه قبل وقوعه، مع الاشارة الى ان ظاهرة العنف في المدارس ظاهرة ذات طابع عالمي لا تقتصر على مجتمع دون الآخر، ولا تفرق بين غني وفقير او مجتمع زراعي وآخر صناعي، او دولة متقدمة وأخرى من دول العالم الثالث... لأنها باختصار ظاهرة انسانية يبقى التساؤل حولها: هل هي ثقافة وأنماط سلوكية مكتسبة... أم غريزة؟
سنحاول تقديم عرض مختصر لكل ما طرحناه لسبر أغوار هذه الظاهرة التي استعصت على العلاج... فتابع معنا:
ليس ثمة شك في أن العنف ظاهرة إنسانية تخترق كل المجتمعات في القديم والحديث، في الشرق والغرب، وهذا ما يؤكد أن هناك أسبابا معينة تؤدي دورًا كبيرًا في انتشار ذلك العنف. ويتضح ذلك من شيوع ظاهرة العنف كسلوك في مختلف البيئات، سواء أكانت فقيرة أم غنية، زراعية أم صناعية، وهو ما يعني أن هناك غريزة ثابتة في البشر تتجه إلى العنف مالم يتم تهذيبها.
وقد صدر في القاهرة كتاب تحت عنوان «ثقافة العنف لدى طلبة المدارس الثانوية» للدكتور محمد توفيق سلام؛ يرصد ظاهرة العنف لدى طلاب المدارس، ويبحث العديد من الأسباب التي تجعل من العنف ثقافة، وما إذا كانت هذه الثقافة مكتسبة -بحسب نظرية التفاعل الاجتماعي التي ترى أن الناس يتعلمون العنف بنفس الطريقة التي يتعلمون بها أي نمط آخر من أنماط السلوك الاجتماعي- أم غريزة؟!
وبالرغم من اختلاف الأسباب التي تؤدي إلى انتشار العنف بين الطلبة، لا سيما في خلفية النشأة الأسرية لكل طالب على حدة؛ إلا أن هناك أسبابًا خاصة بعنف الطلبة؛ أي: ذلك العنف الذي يمكن رصد بعض مؤشراته المشتركة.
وباستقراء الكثير من الدراسات حول عنف الطلاب، كان ما يلي:
العوامل النفسية التي تؤدي بشكل مباشر أو غير مباشر إلى ظاهرة العنف في المدارس، منها: الإحباط والفشل المتكرر، الرغبة في إثبات الذات، الرغبة في السيطرة والتملك، الرغبة في لفت الأنظار، الشعور بالملل، الاضطرابات النفسية.
أما العوامل الاجتماعية المفضية إلى العنف بين طلاب المدارس فيتمثل بعضها في: غياب سلطة الوالدين، أو المعلمين، أو مقاومتها، المشكلات المستمرة بين الوالدين، التفريق في المعاملة بين الأبناء (الكبار والصغار، الأولاد والبنات)، التدليل الزائد من قبل الأب أو الأم.
أما العوامل الثقافية فتندرج فيها مؤثرات كثيرة؛ ذلك أن نسق الثقافة والقيم يشغل مكانة محورية في بناء المجتمع؛ لأن المعايير المشتقة من تلك القيم هي التي تنظم التفاعل الاجتماعي. فمن العوامل المؤثرة ثقافيًّا في انتشار ظاهرة العنف: المدرسة؛ فهي التي تتحمل نقل ثقافة المجتمع، بالإضافة إلى الوسائل الأخرى التي تشكل وعي الطلاب وتنقل لهم القيم، ومن تلك الوسائل: عروض القنوات التلفزيونية لأفلام العنف والمسلسلات المحلية والأجنبية، التركيز على أخبار العنف في الصحف والراديو، انتشار وتداول قصص العنف بين الشباب.
وبالإضافة إلى هذه العوامل هناك أيضًا عوامل اقتصادية تؤدي إلى انتشار العنف كالفقر والبطالة وغيرها. بيد أن هناك عوامل تؤدي الحياة المدرسية معها دورًا في انتشار العنف بين طلاب المدارس، ومن هذه الأسباب: الفجوة في الأفكار والخبرة بين الطالب والمدرس، استخدام القوة وأشكال السيطرة الزائدة من خلال الإدارة المدرسية والمعلمين، سيطرة الخوف على علاقة التفاعل بين المعلم والطالب.
وانطلاقًا من دراسة العوامل المؤدية إلى العنف بصفة عامة تبدو الأسباب المؤدية للسلوك العدواني معقدة، ومختلفة مثل: النمو، والإدراك، والمتغيرات الشخصية والدافعية، والحالة النفسية، والبيئة.
بيد أن هناك مجموعة من الأسئلة لابد من طرحه لمعرفة أبعاد هذه الظاهرة، ومنها: لماذا وصل العنف بين طلاب المدارس الى الحد الاقصى من درجاته ومستوياته؟ وأين كانت مؤسسات الدولة وأين كان المجتمع حتى استفحلت هذه الظاهرة؟ ثم من المتسبب في وجود ظاهرة العنف بين طلاب المدارس الذين يفترض فيهم ان يكونوا على النقيض تماماً؟ وعلى من تقع المسؤولية في وجود مثل هذه الظواهر السلبية بين المراهقين والشباب؟ واذا كان هذا هو حال الناشئة فكيف سيكون المستقبل؟
لكن قبل محاولة الاجابة عن هذه التساؤلات وتحديد الاسباب والمسؤوليات وسبل العلاج، لابد من توضيح معنى العنف كما عرفته النظريات المختلفة بأنه: كل تصرف يؤدي الى إلحاق الاذى بالآخرين، وقد يكون الاذى جسمياً أو نفسياً، فالسخرية والاستهزاء من الفرد وفرض الآراء بالقوة واسماع الكلمات البذيئة جميعها أشكال مختلفة لنفس الظاهرة.
والملاحظ ان ظاهرة العنف بشكل عام قد شهدت تطوراً كبيراً في الآونة الاخيرة ليس فقط في كمية أعمال العنف وانما في الأساليب التي يستخدمها الطلاب في تنفيذ السلوك العنيف.
وبناء على تعريف العنف، وملاحظة تطوره بين طلاب المدارس، فإننا نؤكد من خلال استقراء الواقع ومتابعة الأحداث ان ظاهرة العنف في المدارس سواء في المجتمع الكويتي أو في المجتمعات العربية، موجودة منذ سنوات طويلة وأخذت أشكالاً ومراحل مختلفة، وتنامت وتطورت وقفزت قفزات واسعة لكنها قوبلت بتجاهل كبير من المجتمع بشكل عام سواء كان هذا التجاهل عن علم بالظاهرة رافقه التهوين بنتائجها ومخرجاتها، أو عن جهل بها وبأسبابها ودوافعها لانشغال المجتمع بالسباق المادي المحموم الذي فرض على مجتمعاتنا وأقحمت فيه حتى أفقدها الكثير من عاداتها ومبادئها وجزءا كبيرا من هويتها التي كانت الحصن الحصين لها في مواجهة اي سلوك خارج إطار القيم المجتمعية.
أسباب ونتائج
نعود إلى الاسئلة التي طرحناها، ونرى انه من الطبيعي ان نبدأ بالأسباب المؤدية لظاهرة العنف بين الطلاب وكما يراها الأكاديميون والمنظرون ومعدو الدراسات والابحاث ذات الصلة بهذا الموضوع، وعليه فإن البعض يرى أن اسباب تفشي ظاهرة العنف تتمثل في:
1 - عدم وجود وعي وفهم كافيين عند الطلاب لطبيعة وهدف المدرسة وعدم ادراكهم انها تجمع علمي هدفه العلم وبناء الذات.
2 - وجود خلل في الأساليب التربوية المتبعة في المدرسة والتي من شأنها تقوية الروابط بين الطلاب.
3 - سوء معاملة المدرسين للطلاب وخاصة اتباع أسلوب التفريق بين الطلاب ما يمكن لنمو مشاعر الغيرة والكره بين الطلاب ويقود في النهاية الى الصدام المباشر.
4 - الاختلاف في وجهات النظر وفي الطبائع يمكن أن تولد شرارة للعنف.
5 - التنافس العلمي بين الطلاب أحياناً يولد مشاعر الغيرة وهي بدورها تدفع الطلاب للتصادم.
6 - عدم وجود استقرار أسري داخل أسر بعض الطلاب وكثرة المشاكل الأسرية تشحن نفس الطفل وتجعله عصبياً ومضطرباً ما يدفعه لارتكاب المشاجرات مع أقرانه للتنفيس عن الاحتقان الناتج عن توترات داخل الأسرة التي ينتمي إليها.
7 - البعض يتبع أسلوب العنف لإثبات نفسه وهذا أمر مرده الى وجود شعور بالنقص في نفس الطفل وهذا الشعور ينتج عن سوء التربية الأسرية للطالب.
وأصحاب هذه النظرية يرون أن العنف بين الطلاب وفقاً للأسباب السابقة ينتج عنها الآتي:
1 - تعرض الطلاب إلى إيذاء جسدي ومعنوي يؤثر بشكل مباشر عليهم.
2 - تعرض بعض الطلاب إلى تدهور في ثقتهم بأنفسهم، خصوصا ان كانوا هم الجانب الأضعف دوماً في الشجار.
3 - تراجع ملموس في المستوى التعليمي للطلاب الممارسين للعنف وتحول تركيزهم عن الدراسة إلى الشجار.
4 - تأثر الطلاب الآخرين بعنف بعض الطلاب ما يؤهلهم مستقبلاً ليتحولوا إلى طلاب عنيفين.
5 - العنف داخل المدرسة يمكن أن ينتقل إلى خارجها ويكون أشد خطورة (وهذا قد حدث بالفعل).
6 - الإساءة إلى هيئة المدارس وإلى رسالتها السامية.
ويؤكد أصحاب هذا الاتجاه على أنه أمام هذه النتائج الوخيمة فلا بد من أن يكون هناك تحرك سريع ومدروس من قبل إدارة المدرسة بالتعاون مع الأهل لوضع حلول جذرية للمشكلة والقضاء عليها قبل استفحالها ووصولها إلى مرحلة لا تجدي معها أي معالجات لأنها ستكون القاصمة (كما حدث).
وقد وضعوا بعض الأمور المساعدة على حل مشكلة العنف بين الطلاب، ومنها:
1 - سرعة التحرك لاحتواء أي شجار ينشأ بين الطلاب وعدم إهمال الأمر كي لا يتفاقم.
2 - دراسة الحالة النفسية للطلاب العنيفين والمثيري الشغب من خلال اختصاصيين تربويين ونفسيين لمعرفة أسباب الشجار.
3 - التواصل مع أولياء الأمور والتعاون معهم لوضع أفضل الحلول لهذه المشكلة.
4 - تحسين الأساليب التربوية والتوعية للطلاب.
5 - الاهتمام بطريقة تعاطي المدرسين مع الطلاب والابتعاد عن الأساليب التي تؤدي إلى التفرقة والإهانة للبعض.
6 - تخصيص حصص تربوية وتأهيلية للطلاب في محاولة لتفريغ شحنات الغضب في نفوسهم.
7 - محاولة التعاون مع الأهل لحل المشكلة التي قد يعاني منها بعض الطلاب خارج المدرسة.
وأكد أصحاب هذا التوجه أنه قد لا نتمكن من منع العنف نهائياً ولكن من المؤكد اننا نستطيع الحد منه ووضعه في اطار نوعا ما مقبول.
جهات مسؤولة
هذه هي أسباب ونتائج وحلول ظاهرة العنف في المدارس كما يراها الأكاديميون والمنظرون، لكن هناك أسباباً لم يتكلم فيها أحد، وان اقترب منها تكلم بشكل سطحي.
وهنا سنحاول من وجهة نظرنا أن نوضح دور بعض الجهات ومسؤوليتها عن تفشي ظاهرة العنف في المدارس... وبالطبع سنقصر الحديث على الجهات والأشخاص وتبقى الصلة المباشرة مع الطلاب، ومنها:
أولاً: المعلم... من المؤكد أن بعض المعلمين يتحملون المسؤولية مباشرة في تفشي ظاهرة العنف بين الطلاب، وقبل أن يتهمنا البعض بالتجني على المعلم والقسوة عليه رغم ما يتحمله من مشاق في سبيل تأدية رسالته، نقول: عندما تهاون المعلم في علاقته مع الطلاب، ووصل الأمر ببعضهم إلى التعامل مع الطالب كصديق أو صاحب، وأصبح للمصالح الشخصية مجال بين المعلم والطالب، فتقلصت مساحة الاحترام، واختفت رهبة الطالب من معلمه... عندما يصل الأمر في العلاقة بين الطالب والمعلم إلى هذا الحد من المؤكد أن تأثير المعلم في طلابه سينعدم ويفلت زمام أمرهم لأن الرقيب (المعلم) دوره يكاد يكون منعدما... ولن يستطيع أن يكبح جماح الطالب المثير للشغب أو العنف.
ثانياً: المدرسة... عندما تتهاون المدرسة في مسؤولياتها التربوية، ولا تتخذ مواقف رادعة وصارمة في مواجهة صاحب السلوك الشاذ عن المنظومة التربوية، وان عاقبت يكون العقاب غير مناسب للخطأ، والبعض أحياناً يقبل الوساطات ويعمل ألف حساب للموازنات... وساعتها يشعر الطالب (الحدث) بالزهو والانتصار... فيكرر الخطأ مرات ومرات وبأساليب ووسائل أشد لأنه أمن العقاب فأساء التصرف والسلوك والأدب.
وعندما يكون هذا هو حال المدرسة فلماذا نتساءل عن تفشي ظاهرة العنف المدرسي؟
ثالثاً: وزارة التربية... لقد فقدت معظم وزارات التربية والتعليم في العالم العربي كثيرا من دورها التربوي وحتى التعليمي، وأصبحت مجرد جهاز إداري أكثر ما يشغله هو تنظيم التحاق الطلاب بالمدارس وتخرجهم فيها وتوفير المعلمين والأبنية التعليمية والكتب والمناهج التي عليها الكثير من علامات الاستفهام، إن وزارات التربية لم تقدم شيئاً ملموساً في مواجهة ظاهرة العنف في المدارس وبين الطلاب، هذه الظاهرة التي أطلت برأسها منذ سنوات وأخذت في النمو والتطور من دون أن تحاول القضاء عليها أو الحد فيها... وعليه فإن وزارات التربية والتعليم تتحمل نصيبا كبيرا من المسؤولية عن تفشي العنف في المدارس.
رابعاً: الأهل... إن دور الأسرة أو أهل الطالب هو الأهم والأبرز في تحوله إلى السلوك العنيف... وهذا الدور يتخذ أشكالاً كثيرة، منها إهمال الطالب وعدم متابعته في المدرسة، ومعرفة أحواله العلمية والسلوكية، والأخطر من الاهمال هو محاولة الأهل الانتصار لابنهم حتى ولو كان مخطئاً، والسعي بكل السبل لعدم معاقبته مهما كان خطأه، ومن يرد التأكد من ذلك فليسأل مخافر الشرطة عن كم معلم تم أخذه من المدرسة مخفورا في أيدي رجال الشرطة لأنه ضرب طالبا...! وطبعاً هذا بمساعدة إدارة المدرسة التي تتقاعس في الدفاع عن المعلم لابعاد المشكلة عن دائرة اختصاصها، ولأن المعلم يكون دائماً هو الحلقة الأضعف في القضية...!
ثم يتساءلون بعد ذلك عن السبب في ممارسة الطلاب للعنف بالمدارس!
هؤلاء هم أصحاب النصيب الأكبر في مسؤولية انتشار العنف في المدارس. وهناك بالتأكيد مسؤوليات أخرى للإعلام والمجتمع بكل مؤسساته، كلنا يا سادة شركاء في المسؤولية ويلزمنا في مثل هذه القضايا ألا نتهرب ونلقي باللوم على الآخرين ويتوقف دورنا عند التنظير والتصريحات والبيانات لمجرد الظهور في الصورة وإيهام الناس بالمشاركة في وضع الحلول الناجعة لهذه الظاهرة أو غيرها... اننا في حاجة إلى حلول مخلصة ليوفقنا الله في النتائج.
مكارم الأخلاق
إن تعاليم الإسلام تدعو إلى بناء الإنسان وبناء المجتمع بناء طيباً صالحاً يعيش فيه الإنسان بطمأنينة، حيث تنهي عن الرذيلة وتحارب الفساد وتدعو إلى الفضيلة وحسن الخلق والتخلق بالأخلاق الحسنة، والتخلق بالأخلاق الحسنة هو عنوان رسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي قال: «إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، ورب العزة يصفه في كتابه العزيز بقوله تعالى: «وإنك لعلى خلق عظيم».
وحسن الخلق قرب من الله سبحانه وتعالى وقرب من رسوله.
فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «إن أحبكم إليَّ وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحسنكم أخلاقاً، الموطأون أكنافا، الذين يألفون ويؤلفون». ولا عجب أن يطلب صاحب الخلق العظيم من المسلمين أن يتحلوا بالأخلاق الحسنة. فهو يقول: «انكم لن تسعوا الناس بأموالكم، ولكن يسعهم منكم بسط الوجه وحُسن الخلق».
ورأي الرسول في المؤمن واضح. فهو يقول: «مثل المؤمن مثل النحلة، لا تأكل إلا طيباً، ولا تطعم إلا طيباً».
وموقف الإسلام واضح في هذا الشأن، فهو يدعو إلى اللين والرفق والتسامح وحُسن المعاملة وينبذ كل مظاهر العنف والقسوة، ففي سورة فصلت، آية 34، يبين الله سبحانه وتعالى النهج الذي يريده ممن يدعو لدينه، فهو يخاطب نبيه قائلاً: «ادفع بالتي هي أحسن، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم»، فهو يطالب في هذه الآية بمقابلة الاساءة بالإحسان والذنب بالغفران، وهذا التصرف حري بإنهاء العداوات وتقريب القلوب، وفي موقع آخر يقول: «وأحسنوا إن الله يحب المحسنين».
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المجال: «اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن»، ويقول أيضاً: «صل من قطعك، وأحسن إلى من أساء اليك، وقل الحق ولو على نفسك، عد من لا يعودك، واهد لمن يهدي اليك».
ويدعو الإسلام إلى الصبر على مقاطعة الآخرين وإلى هجرهم هجرا جميلاً، يقول تعالى: «واصبر على ما يقولون، واهجرهم هجرا جميلاً»، وتعني الآية بالهجر الجميل، الهجر الذي لا يغلق أبواب الأمل في رجوع المياه إلى مجاريها بين المتباعدين، ويدعو أيضاً للعفو والصفح فيقول: «فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين».
الإسلام والعنف
في بحث للدكتور جمال ماضي أبوالعزايم أحد علماء الصحة النفسية على مستوى العالم يقول في هذا الموضوع:
كلمة الإسلام مشتقة من كلمة «السلام» ويشكل السلام أحد الأركان المهمة في العقيدة الإسلامية. وقد ذكرت كلمة «السلام» في القرآن أكثر من 14 مرة، ويؤكد الإسلام على نبذ العنف والقتل ويقول القرآن «من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً» (السورة 5 - الآية 32)، وقد بين النبي محمد صلوات الله وسلامه عليه السلوك الصحيح للمسلم فقال: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده»، وقد أشار القرآن لهذا الموضوع في مراحل الوقاية الثلاث.
الوقاية الأولية
يبدأ اسلوب الإسلام في الوقاية من العنف قبل الميلاد حيث يوصي الزوج باختيار شريكة حياته من مجتمع جيد مسالم فيقول الحديث الشريف «تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس» «كما يوصي الرسول بتجنب زواج الأقارب فيقول الحديث الشريف «اغتربوا لا تضووا».
ويوصي الرسول صلوات الله عليه - الشباب الا يتزوج فتاة لجمالها فقط اذا كانت قد نشأت في بيئة سيئة لأن مثل هذه الفتاة تشبه زهرة نمت في بيئة فاسدة فيقول «اياكم وخضراء الدمن وهي المرأة الجميلة في منبت السوء» وهذه الوصايا لتجنب الجينات المريضة».
ويعطي الإسلام للأيام الأولى في الحياة أهمية خاصة ففيها تشكل شخصية الفرد ولهذا السبب يؤكد الإسلام على اهمية هذه الأيام ويحرص على نضج الأخلاقيات والسلوك الحميد وتنشيط الارادة.
ويؤكد الرسول صلوات الله عليه على التأكيد لتعليم الابناء مبادئ الصلاة قبل السابعة، وهذا يتطلب النظافة والوضوء وقراءة القرآن وتقليد سلوك الوالدين اثناء الصلاة والاستماع اليهم وهم يقرأون القرآن والاجابة عما يوجه اليهم من اسئلة اثناء هذه الفترة الحرجة من العمر.
وتؤدي هذه الخطوات إلى النضج السريع الصحي الخالي من العدوان والعنف والذي يتسم بالسلام والحب والطاعة وهذه الوقاية الأولية مسؤولية عدة اطراف، فالوالدان والأسرة يأتيان أولا يليها المدرسة والنادي والجيران والاصدقاء والزملاء ووسائل الإعلام والقادة أو الزعماء في كل منطقة. كما انها لها اهمية كبرى في أماكن العبادة كالمساجد.
الوقاية الثانية
قد ينشأ العنف في كثير من الاسباب المرضية سواء كانت اجتماعية أو نفسية أو عضوية أو اقتصادية أو غير ذلك. والتشخيص المبكر مهم جداً لمعالجة هذه الأمراض المختلفة والتعامل معها. ولا بد للمجتمع ان يكون مستعداً لإقامة مراكز العلاج اللازم لمواجهة هذه الحالات واعطاء العلاج المبكر والمتابعة. ولا بد للطبيب النفسي والاخصائي النفسي والاخصائي الاجتماعي والمرشد الديني ان يعملوا كفريق واحد في هذه المراكز.
ويؤكد القرآن هذا الاتجاه حيث يقول «ولتكن منكم امة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون» السورة 3 الآية (104).
وإذا نجح المجتمع في تحقيق هذه الأهداف فان مشكلة العنف سوف تقل... ان العنف يولد العنف، ولا بد للجهات المعنية ان تعالج هذه الظاهرة في جميع المجالات. فلا بد من تحليل العنف ومعرفة دوافعه ومعالجتها حسب طبيعتها. ويقول القرآن «ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي احسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم».
الوقاية الثالثة
قد تستمر حالات العنف بسبب خطأ العلاج أو غير ذلك من الأمراض وهذه الحالات تحتاج التأهيل والعلاج في مراكز خاصة تستعمل احدث الاجهزة والاساليب التي من بينها الاسلوب الديني. ولا بد للمجتمع ان يسهل انشاء هذه المراكز وتبني سياستها الوقائية على الاسلوب الاجتماعي الديني.
ولا بد ان تبتعد هذه المراكز عن المفاهيم القديمة على اعتبار انها مراكز للعقوبة ويؤكد القرآن على هذه المبادئ فيقول: «ولا تؤتوا السفهاء اموالكم التي جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولاً معروفا» والكثير من الحالات تستجيب للوقاية الثالثة ويعودون إلى المجتمع الذي يجب عليه ان يسهل حياتهم ويقبلهم كمواطنين عاديين وهذا يتطلب القيام بدور المتابعة لتجنب النكسة.
العدالة والعنف
لقد وضع الإسلام حدودا معينة لا يجب تجاوزها كما ان هناك انواعاً خاصة من العقوبة تطبق على من يتجاوز هذه الحدود وذلك لتحقيق التوازن في المجتمع وللحيلولة دون احتمال الأخذ بالثأر. ولكن على الرغم من كل هذه الاحتياطات فإن الإسلام يشجع الناس على التسامح والعفو، وهذا الاتجاه يساعد على تقوية صلابة شخصية الفرد المسلم واستقرارها ويقول القرآن في هذا المعنى «فمن عفا واصلح فاجره على الله». ان الإسلام عندما يوفر قاعدة عريضة لمقاومة العنف فإنه يكون بذلك قد حفظ حقوق الأفراد واكد على التزاماتهم ويكون بذلك قد ساعد على إيجاد مجتمع متوازن.
المدرس بين العنف المدرسي والتحولات المجتمعية
يكشف العديد من الدراسات واستطلاعات الرأي في العديد من دول العالم تنامي ظاهرة العنف بين الطلاب كظاهرة إنسانية عامة؛ فالتقرير السنوي لليونسيف لعام 1999م حول وضع الأطفال في العالم والتعليم يذكر أن العنف من المشكلات الرئيسية في مدارس البلدان الصناعية والعالم الأول. ولقد ارتفعت نسب العنف في مدارس الولايات المتحدة في بعض استطلاعات الرأي إلى 60 في المئة من عدد الطلاب، وهي بطبيعة الحال نسبة مخيفة. وهناك نسب مقاربة لها في الأرجنتين والمكسيك، وغيرهما من الدول.
فظاهرة العنف في المدارس ظاهرة ذات طابع عالمي لا تقتصر على مجتمع دون الآخر، ولا ترتبط بغنى أو فقر، او قوة وضعف،او تقدم وتخلف، فهي تبقى في النهاية سلوكا إنسانيا له اسباب ودوافع أخرى تتشابه في الكثير من المجتمعات وقد تختلف في بعضها البعض لعوامل بيئية أو اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية أو غيرها، وهذه نماذج من بعض الدول:
أستراليا
قال وزير التربية والتعليم في كوينزلاند في يوليو 2009 ان مستويات العنف في المدارس المرتفعة «غير مقبولة على الإطلاق» واعترف بأنه لم تبذل جهود كافية لمكافحة العنف. وفي العام 2008، فُصل 55000 طالب في مدارس حكومية وكان قرابة الثلث منهم فصلوا بسبب «سوء السلوك الجسدي». أما في جنوب أستراليا، فقد سجل 175 اعتداء عنيفا على الطلاب أو الموظفين في عام 2008.
بلجيكا
أظهرت دراسة حديثة أن العنف الذي يتعرض له المعلمون في بلجيكا الفرنكوفونية كان من الأسباب الرئيسة لترك مهنة التدريس.
بلغاريا
بعد «تقارير عديدة خلال العقد الماضي عن العنف في المدارس»، وضع وزير التربية والتعليم في عام 2009 قوانين أكثر صرامة لسلوك الطلاب، بما في ذلك ارتداء اللباس غير المناسب، والحضور في حالة سكر، وحمل الهواتف النقالة. وقرر إعطاء المعلمين صلاحيات جديدة لمعاقبة الطلاب المشاغبين.
فرنسا
ادعى وزير التربية والتعليم الفرنسية في عام 2000 أن 39 مدرسة حكومية من أصل 75000 كانت «تعاني من العنف بدرجة خطيرة» و300 مدرسة كانت «تعاني من العنف بعض الشيء».
اليابان
أظهرت دراسة أجرتها وزارة التربية والتعليم أن الطلاب في المدارس الحكومية دخلوا في الرقم قياسي في حوادث العنف في 2007 حيث وصل عدد الحالات إلى 52.756 حالة، أي بزيادة قدرها نحو 8000 عن العام الذي سبقه. وكان الضحايا فيما يقارب من 7000 من هذه الحوادث هم المعلمون.
بولندا
استجابة لانتحار فتاة تعرضت لتحرش جنسي في المدرسة في عام 2006، أطلق وزير التربية والتعليم البولندية رومان جيرتيتش، خطة إصلاحية للمدارس «بلا تسامح». وبموجب هذه الخطة، فإن المعلمين يعدون قانونيا في منصب الخدمة المدنية، مما يجعل عقوبات جرائم العنف التي تقع عليهم أشد. ومدير المدرسة سيكون، من الناحية النظرية، قادرا على إرسال التلاميذ العدوانيين لأداء أعمال تتعلق بخدمة المجتمع، وقد يغرم آباء هؤلاء الطلاب أيضا. ويمكن أن يواجه المعلمون الذين لا يبلغون عن أعمال العنف في المدرسة عقوبة السجن. طابع عالمي للعنف في المدارس
بعدما كان المدرِّسُ النبراسَ وحاملَ الرسالة السامية، وقُطب الرحى في منظومة الحياة المجتمعية برمَّتها، أضحى في الآونة الأخيرة أيقونةً للتهكم والاستهزاءِ والسخرية، بل والتعنيف، سواء كان ماديًّا أو رمزيًّا. ورغم أن أحد المربِّين قد أشار إلى أهمية المدرسة، ومن ضِمنها المدرِّس، إلى جانب المؤسسات الأخرى في البناء الحضاري والتنموي بقوله: «هناك خمسُ مؤسسات رئيسة تتولى أمرَ الحضارة، وهي: البيت، المدرسة، الدولة، مؤسسة الدين، مؤسسة العمل» فإن أطرافًا متعددة ساهمت في محاولة تخريبها، من خلال آليَّات الهدم المختلفة، بالرغم من محاولات البناء المتكررة.
فالعنف سلوك عدواني هدَّام للأخلاق والقِيَم الفاضلة، تتضافر عواملُ متشابكة في إنتاجه، منها ما هو اقتصادي، وسياسي، واجتماعي، وثقافي، وتعليمي، هذه العوامل التي تمثِّل سيفًا ذا حدَّين: سلبًا أو إيجابًا.
ولعل من أهمِّ هذه الأدوات التي تنخر جسدَ المنظومة التعليمية، وتشجِّع على استفحال ظاهرةِ العنف المدرسي إن لم يتمَّ توظيفُها واستغلالُها وتكوينها وتربيتها لخدمة أهداف الأمة المجتمعية - ما يلي:
الإعــلام:
وقد كان المفكِّر اليهودي محقًّا عندما قال: «في عهد المركانتيلية من يملِك الذهبَ يملِك العالم، وحاليًّا من يملِك الإعلام يملِك العالم»؛ إذ تعمل بعضُ المؤسسات الإعلامية على تشويه صورةِ المدرِّس، من خلال عرض مسلسلات هزْلية، تستهدف كِيانَه وقيمتَه الاجتماعية، فيصبح مادةً دسمةً للسُّخرية من قِبَل المتعلِّمين!
المواقع الإلكترونية:
بالرغم من الطَّفرة النوعية التي حققتها الثورةُ التكنولوجية فإنَّ اتجاهاتِ المتعلِّمين أخذت مسارًا منحرفًا، شوَّه مظهرَهم الخُلقي والخَلْقي؛ إذ باتوا يوظِّفون - مثلاً - المواقع الاجتماعية - مثلاً الفيس بوك - في الاتِّفاق على طريقة الغش في الامتحانات، بل هناك فيديوهات حول العنف المدرَسي على الشبكة العنكبوتية، تُرشد المتعلِّمين - الذين يرتادونها بعيدًا عن واجباتهم المدرسية - إلى تصيُّدِ ما يمكن أن يربكَ الصف المدرسي، فيرشد بقية المتعلمين إلى تنفيذ العمليات البهلوانية.
الأسرة
إذ تمثِّل الأسرة: «أول محيطٍ اجتماعي يتعلَّم فيه الطفلُ الأنماطَ التي ستشكل السماتِ الأساسيةَ لشخصيَّته، ففيه يكتسب بذورَ الحبِّ والكراهية والتعاون والتنافس والنزوع نحو التسلُّطِ والخنوع، كما تتكوَّن النماذجُ الأولى لأهمِّ الاتجاهات التي تحدِّد شخصيته مستقبلاً؛ أي: شخصيتَه وهو مراهق، ثم شخصيتَه وهو راشد»
دون أن ننسى الدورَ الهدَّام للتفكُّكِ الأُسري الذي يساهم في انحراف أفرادِها؛ إذ إن الحرمانَ العاطفي من أخطرِ أساليب التنشئة الأسرية الخاطئة، ويرى بعضُ العلماء أن من أهمِّ أسباب عصبية الأبناء وقلقِهم النفسي والشعور بالعداوة والعزلة - حرمانَهم من الدِّفء العاطفي، وعدم إشباعهم لحاجات الحبِّ
الشارع:
إن الشارعَ بطبيعته - وتبعًا لتصور المجتمع له - هو مكانٌ عمومي، ومن ثم فقد يكون أحيانًا مجلبةً لكل رذيلة، في ظل التزايد المَهُول للأوكار والأماكن التي تؤوي المنحرفين، دون ارتيادِ أماكنَ تساعدهم على تطوير ملَكاتهم المعرفية، كدور القرآن، أو المعاهد العلمية، أو ما شابه.
المدرِّس:
قد يساهم المدرس في دفع بعض المتعلِّمين إلى ارتكاب بعض الحماقات؛ نتيجةَ سوء تصرُّفِه وتعامله مع تلاميذه، وهذا ما أكَّده «ماسلو Maslow»، أن الإحباطَ الناشئ من التهديد واستخدامِ كلمات التحقير أمام زملاء الطفل والاستهزاء بقدراته، يؤثِّر تأثيرًا كبيرًا في سلوكِه.
المتعلم الفاشل:
نتيجةً لعجزه وتهاونه في مساره الدراسي، يُضطَرُّ إلى التشويش على زملائه، بل قد يجرُّ معه فئةً أخرى من التلاميذ إلى تكوين تحالُف تلاميذي يعكِّر صفوَ الدراسة.
غياب قانون رادع للتلاميذ: إذ يتم في بعض الأحيان توقيفُ المتعلِّم كعقاب لمدة أسبوع أو أكثر أو أقل نتيجة ارتكابه العنفَ تجاه المدرِّس أو المتعلِّم، وفي أقصى الحالات يتمُّ نقلُه مِن مؤسسة تربوية إلى أخرى، دون أن يتمَّ اتخاذ قرارات زجرية؛ ليكونَ عبرة لبقية المتعلمين في أفق الحدِّ من هذه الأزمة القِيَمية التي باتت تنخر مؤسساتِنا التعليمية.
وخلاصة القول:
يتفق التربويون على أن المدرِّس هو أحدُ العوامل الرئيسة المؤثِّرة في سلوك التلاميذ وشخصياتهم، إن لم يكن أهمَّها، وأنه جزء لا يتجزأ من البيئة المدرسية، ومن دونه لا يمكن تحقيقُ مواقف تعليمية جديدة، لكن لا يمكن تحقيقُ ذلك ما لم تُعَدْ له كرامتُه التي سُلبت منه، من الأدوات والأجهزة والمؤسسات السابقة، كما أنه لا يمكن أن تعودَ له قيمتُه الاجتماعية إلا بتضافر الأستاذ والأُطر الإدارية، والتلاميذ، وأولياء الأمور، وبقية المؤسسات الأخرى في تقويم السلوكيَّات السلبية التي تظهر على التلميذ؛ كالعنف، وذلك عن طريق رصد مسبباتها، والعملِ على الحدِّ منها أو التخفيف - على الأقلِّ - من تأثيرها.
أشكال العنف بين الطلاب
للعنف المدرسي عدة مظاهر وأشكال منها:
1 - من طالب لطالب آخر:
- الضرب: باليد - بالدفع - بأداة - بالقدم وعادة ما يكون الطفل المعتدى عليه ضعيفا لا يقدر على المواجهة وبالذات لو اجتمع عليه أكثر من طفل.
- التخويف: ويكون عن طريق التهديد بالضرب المباشر نتيجة لأنه أكثر منه قوة أو التهديد بشلة الأصدقاء أو الأقرباء.
- التحقير من الشأن: لكونه غريبا عن المنطقة أو لأنه أضعف جسما أو لأنه يعاني مرضا او إعاقة أو السمعة السيئة لأحد أقاربه.
- نعته بألقاب معينة لها علاقة بالجسم كالطول أو القصر أو غير ذلك، أولها علاقة بالأصل (قرية - قبيلة).
- السب والشتم.
2 - من طالب على الأثاث المدرسي
- تكسير الشبابيك والأبواب ومقاعد الدراسة.
- الحفر على الجدران.
- تمزيق الكتب.
- تكسير وتخريب الحمامات.
- تمزيق الصور والوسائل التعليمية والستائر.
3 - من طالب على المعلم أو الإدارة المدرسية:
- تحطيم أو تخريب متعلقات خاصة بالمعلم أو المدير.
- التهديد والوعيد.
- الاعتداء المباشر.
- الشتم أو التهديد في غياب المعلم أو المدير.
4 - من المعلم أو المدير على الطلبة:
- العقاب الجماعي (عندما يقوم المعلم بعقاب جماعي للفصل سواء بالضرب والشتم، لأن طالبا أو مجموعة من الطلبة يثيرون الفوضى).
- الاستهزاء أو السخرية من طالب أو مجموعة من الطلبة.
- الاضطهاد.
- التفرقة في المعاملة.
- عدم السماح بمخالفته الرأي حتى ولو كان الطلب على صواب.
- التهميش.
- التجهم والنظرة القاسية.
- التهديد المادي أو التهديد بالرسوب.
- اشعار الطالب بالفشل الدائم.
كيفية الحد من ظاهرة العنف المدرسي
1 - الجانب الوقائي بحيث تتم مكافحة العوامل المسببة للعنف والتي من أهمها:
- نشر ثقافة التسامح ونبذ العنف.
- نشر ثقافة حقوق الإنسان وليكن شعارنا التعلم لحقوق الإنسان وليس تعليم حقوق الإنسان.
- عمل ورشات ولقاءات للأمهات والآباء لبيان أساليب ووسائل التنشئة السليمة التي تركز على منح الطفل مساحة من حرية التفكير وإبداء الرأي والتركيز على الجوانب الإيجابية في شخصية الطفل واستخدام أساليب التعزيز. - التشخيص المبكر للأطفال الذين يقعون تحت ظروف الضغط والذين من الممكن ان يطوروا أساليب غير سوية.
- تنمية الجانب القيمي لدى التلاميذ.
- عمل ورشات عمل للمعلمين يتم من خلالها مناقشة الخصائص النمائية لكل مرحلة عمرية والمطالب النفسية والاجتماعية لكل مرحلة.
- التركيز على استخدام أساليب التعزيز بكافة أنواعها.
- استخدام مهارات التواصل الفعالة القائمة على الجانب الإنساني والتي من أهمها حسن الاستماع والإصغاء وإظهار التعاطف والاهتمام.
- إتاحة مساحة من الوقت لجعل الطالب يمارس العديد من الأنشطة الرياضية والهوايات المختلفة.
2 - الجانب العلاجي:
- استخدام أساليب تعديل السلوك والبعد عن العقاب والتي منها (التعزيز السلبي - تكلفة الاستجابة - التصحيح الزائد - كتابة الاتفاقيات السلوكية الاجتماعية - المباريات الصفية). - استخدام الأساليب المعرفية والعقلانية الانفعالية السلوكية في تخفيف العنف والتي من أهمها: معرفة أثر النتائج المترتبة على سلوك العنف - تعليم التلاميذ مهارة أسلوب حل المشكلات - المساندة النفسية - تعليم التلاميذ طرق ضبط الذات - توجيه الذات - تقييم الذات - تنمية المهارات الاجتماعية في التعامل - تغير المفاهيم والمعتقدات الخاطئة عند بعض التلاميذ في ما يتعلق بمفهوم الرجولة.
- الإرشاد بالرابطة الوجدانية والتي تقوم على إظهار الاهتمام والتوحد والانفعال وتوظيف الإيماءات والتلميحات ولغة الجسم عموما من قبل المعلم لإظهار اهتمامه بالطالب. - طريقة العلاج القصصي: فالقصص تساعد على التخلص من عوامل الإحباط وتعمل على تطوير القدرات الإدراكية، ومن خلال القصص يدرك الطفل أن هناك العديد من الأطفال لهم نفس مشكلاته، وتفجر القصص المشاعر المكبوتة عندما يدخل الطفل في تجربة قوية من خلال تماثله أو رفضه الشديد لتصرفات قامت بها شخصية من الشخصيات ما يخفف الضغط النفسي عنده.
- ضبط السلوك وتحديد عوامله وأسبابه ثم نقوم بضبطه تدريجيا حتى نصل إلى مرحلة ضبط السلوك العنيف وفي نفس الوقت إعطاء السلوك الايجابي البديل. دور العاملين في مجال التوجيه والإرشاد وحقوق الإنسان في الحد من ظاهرة سلوك العنف المدرسي: يقوم العاملون في هذا المجال بالعديد من الفعاليات والأنشطة للتخفيف من هذا السلوك سواء لدى المعلمين أو الطلبة أو الأهالي تجاه أبنائهم ومن هذه الفعاليات والأنشطة:
1 - تنفيذ العديد من الندوات لأولياء الأمور في أساليب التنشئة الاجتماعية المناسبة لكل مرحلة عمرية باعتبار أن الأسرة هي المصدر الأساسي في تأسيس سلوك العنف لدى الأطفال.
2 - تنفيذ العديد من الندوات لأولياء الأمور حول حقوق الطفل في الرعاية الصحية والنفسية والاجتماعية وحقه في اللعب والمشاركة والتعبير عن الرأي،وحقه في الشعور بالأمن النفسي والاجتماعي.
3 - تنفيذ العديد من الندوات واللقاءات مع المعلمين والإدارات المدرسية حول الخصائص النمائية لكل مرحلة عمرية والمشكلات النفسية والاجتماعية المترتبة عليها وخصوصا مرحلة المراهقة وكيفية التعامل مع هذه المشكلات وخصوصا سلوك العنف.
4 - تنفيذ العديد من الندوات للمعلمين والإدارات المدرسية حول حقوق الطفل النفسية والاجتماعية والمدنية والسياسية.
5 - المشاركة في تشكيل البرلمان الطلابي كتجسيد واقعي لفكرة الديموقراطية والتعبير عن الرأي والمشاركة في صنع القرارات خصوصا التي تتعلق بشؤونهم.
6 - عقد دورات للمشرفين التربويين والمديرين والمديرات والمعلمين والمعلمات في حقوق الإنسان والوساطة الطلابية وحل النزاعات ومنحى التواصل العنفي.
7 - تفعيل برنامج الوساطة الطلابية باعتباره وسيلة تربوية في إشراك الطلبة في حل مشكلاتهم دون إحساسهم بضغوط الكبار.
8 - الأشراف على برنامج الحكومة المدرسية الذي يهدف في الأساس إلى تعليم مبادئ الديموقراطية والحوار ونبذ الصراعات والدفاع عن الحقوق بأساليب الحوار الهادئ البناء.
9 - الإشراف على برنامج بناء والذي من ضمن أهدافه الكشف عن التلاميذ المتأثرين بالصدمة والتي من ضمن آثارها سلوك العنف حيث يقدم هذا البرنامج العديد من الأنشطة والفعاليات التي تحد من هذا السلوك.
10 - تنفيذ العديد من المخيمات الصيفية والأشراف عليها والتي من ضمن أهدافها التفريغ الانفعالي عن طريق الأنشطة الحركية والرسم والتمثيل والفنون الشعبية والتي تسهم في خفض العدوانية بالإضافة إلى أنشطة متنوعة ذات صلة بمفاهيم حقوق الإنسان.
11 - تنفيذ العديد من المعارض والمهرجانات والتي تحتوي على ركن أساسي خاص بحقوق الطفل سواء من حيث الفقرات التي تقدم أو المجسمات والرسومات التي تعبر عن حقوق الطفل وكذلك الفقرات التي تحتوي على مضمون توجيهي إرشادي لبعض القضايا التي تهم الطفل.
12 - التنسيق مع المؤسسات غير الحكومية التي تعمل في مجال حقوق الإنسان والدعم النفسي الاجتماعي لمساعدة الأطفال في هذا المجال.
13 - توزيع النشرات والملصقات الخاصة بحقوق الطفل، وتوزيع النشرات الخاصة بالآثار المترتبة على استخدام العقاب والعنف تجاه الطلبة والوسائل البديلة للعقاب والعنف.
14 - تنفيذ العديد من المسابقات التي تتناول موضوعات حقوق الطفل والتوجيه والارشاد.
بدأ العام الدراسي... وكما جرت العادة في كل عام... تسبقه الاستعدادات الخاصة به... فتشمر الأسر عن ساعديها لتهيئة أبنائها لسنة دراسية** جديدة تحمل آمالا وطموحات وأحلاما، سواء للطالب او لأسرته وفي موازاتها بعض القلق والخوف، او على الأقل الحذر من حدوث ما لا تحمد عقباه، لكن هذه المشاعر والتفاعلات تختلف من أسرة الى أسرة ومن طالب الى طالب، وعليه تختلف أيضا الاحتياطات والمحاذير والاستعدادات... وفي هذا الخضم من التجاذبات تطل برأسها مشكلة المشاكل وصاحبة النصيب الاكبر من المد والجزر أثناء العام الدراسي لما لها من آثار سلبية كبيرة على كافة مفردات العملية التعليمية وأركانها، بل وتنسحب منها الى المجتمع ككل سواء من حيث الاسباب او النتائج، ألا وهي ظاهرة «العنف في المدارس» بجميع أشكالها ومستوياتها... هذه الظاهرة التي تفشت بشكل مخيف خصوصا في السنوات الاخيرة، وأخذت في التطور بشكل ملحوظ ومخيف... فقد أخذت حيزا كبيرا من واقع حياتنا المعيشي حتى أصبحت تقتحم مجال تفكيرنا وسمعنا وأبصارنا ليل نهار.
هذه الظاهرة لها أسباب أدت الى تفشيها بهذا الشكل، ولها خصائص تتصف بها، ولها علاقة بالدوافع النفسية عند الانسان، وهناك عوامل أسست لها، وهناك وسائل ساهمت في تطورها ووصولها الى هذا المستوى... ولهذه الظاهرة أشكال مختلفة، وبالتالي لها آثار مترتبة عليها، ومن المؤكد لها حلول ومعالجات.
لكن لماذا وصل العنف بين طلاب المدارس الى هذا المستوى؟ وأين دور مؤسسات الدولة؟ ومن المتسبب في استفحال هذه الظاهرة؟ وعلى من تقع المسؤولية؟ وماذا سيكون مستقبلها؟
في هذا التحقيق نحاول الاجابة عن كل هذه التساؤلات مع عرض الاسباب والدوافع والمؤثرات، وكذلك الحلول والمعالجات، مع عرض لبعض النظريات الاجتماعية والنفسية والدراسات الاجتماعية التي تناولت هذه الظاهرة، مع التركيز على موقف الاسلام من العنف وكيف وضع الحلول الناجعة لعلاجه والوقاية منه قبل وقوعه، مع الاشارة الى ان ظاهرة العنف في المدارس ظاهرة ذات طابع عالمي لا تقتصر على مجتمع دون الآخر، ولا تفرق بين غني وفقير او مجتمع زراعي وآخر صناعي، او دولة متقدمة وأخرى من دول العالم الثالث... لأنها باختصار ظاهرة انسانية يبقى التساؤل حولها: هل هي ثقافة وأنماط سلوكية مكتسبة... أم غريزة؟
سنحاول تقديم عرض مختصر لكل ما طرحناه لسبر أغوار هذه الظاهرة التي استعصت على العلاج... فتابع معنا:
ليس ثمة شك في أن العنف ظاهرة إنسانية تخترق كل المجتمعات في القديم والحديث، في الشرق والغرب، وهذا ما يؤكد أن هناك أسبابا معينة تؤدي دورًا كبيرًا في انتشار ذلك العنف. ويتضح ذلك من شيوع ظاهرة العنف كسلوك في مختلف البيئات، سواء أكانت فقيرة أم غنية، زراعية أم صناعية، وهو ما يعني أن هناك غريزة ثابتة في البشر تتجه إلى العنف مالم يتم تهذيبها.
وقد صدر في القاهرة كتاب تحت عنوان «ثقافة العنف لدى طلبة المدارس الثانوية» للدكتور محمد توفيق سلام؛ يرصد ظاهرة العنف لدى طلاب المدارس، ويبحث العديد من الأسباب التي تجعل من العنف ثقافة، وما إذا كانت هذه الثقافة مكتسبة -بحسب نظرية التفاعل الاجتماعي التي ترى أن الناس يتعلمون العنف بنفس الطريقة التي يتعلمون بها أي نمط آخر من أنماط السلوك الاجتماعي- أم غريزة؟!
وبالرغم من اختلاف الأسباب التي تؤدي إلى انتشار العنف بين الطلبة، لا سيما في خلفية النشأة الأسرية لكل طالب على حدة؛ إلا أن هناك أسبابًا خاصة بعنف الطلبة؛ أي: ذلك العنف الذي يمكن رصد بعض مؤشراته المشتركة.
وباستقراء الكثير من الدراسات حول عنف الطلاب، كان ما يلي:
العوامل النفسية التي تؤدي بشكل مباشر أو غير مباشر إلى ظاهرة العنف في المدارس، منها: الإحباط والفشل المتكرر، الرغبة في إثبات الذات، الرغبة في السيطرة والتملك، الرغبة في لفت الأنظار، الشعور بالملل، الاضطرابات النفسية.
أما العوامل الاجتماعية المفضية إلى العنف بين طلاب المدارس فيتمثل بعضها في: غياب سلطة الوالدين، أو المعلمين، أو مقاومتها، المشكلات المستمرة بين الوالدين، التفريق في المعاملة بين الأبناء (الكبار والصغار، الأولاد والبنات)، التدليل الزائد من قبل الأب أو الأم.
أما العوامل الثقافية فتندرج فيها مؤثرات كثيرة؛ ذلك أن نسق الثقافة والقيم يشغل مكانة محورية في بناء المجتمع؛ لأن المعايير المشتقة من تلك القيم هي التي تنظم التفاعل الاجتماعي. فمن العوامل المؤثرة ثقافيًّا في انتشار ظاهرة العنف: المدرسة؛ فهي التي تتحمل نقل ثقافة المجتمع، بالإضافة إلى الوسائل الأخرى التي تشكل وعي الطلاب وتنقل لهم القيم، ومن تلك الوسائل: عروض القنوات التلفزيونية لأفلام العنف والمسلسلات المحلية والأجنبية، التركيز على أخبار العنف في الصحف والراديو، انتشار وتداول قصص العنف بين الشباب.
وبالإضافة إلى هذه العوامل هناك أيضًا عوامل اقتصادية تؤدي إلى انتشار العنف كالفقر والبطالة وغيرها. بيد أن هناك عوامل تؤدي الحياة المدرسية معها دورًا في انتشار العنف بين طلاب المدارس، ومن هذه الأسباب: الفجوة في الأفكار والخبرة بين الطالب والمدرس، استخدام القوة وأشكال السيطرة الزائدة من خلال الإدارة المدرسية والمعلمين، سيطرة الخوف على علاقة التفاعل بين المعلم والطالب.
وانطلاقًا من دراسة العوامل المؤدية إلى العنف بصفة عامة تبدو الأسباب المؤدية للسلوك العدواني معقدة، ومختلفة مثل: النمو، والإدراك، والمتغيرات الشخصية والدافعية، والحالة النفسية، والبيئة.
بيد أن هناك مجموعة من الأسئلة لابد من طرحه لمعرفة أبعاد هذه الظاهرة، ومنها: لماذا وصل العنف بين طلاب المدارس الى الحد الاقصى من درجاته ومستوياته؟ وأين كانت مؤسسات الدولة وأين كان المجتمع حتى استفحلت هذه الظاهرة؟ ثم من المتسبب في وجود ظاهرة العنف بين طلاب المدارس الذين يفترض فيهم ان يكونوا على النقيض تماماً؟ وعلى من تقع المسؤولية في وجود مثل هذه الظواهر السلبية بين المراهقين والشباب؟ واذا كان هذا هو حال الناشئة فكيف سيكون المستقبل؟
لكن قبل محاولة الاجابة عن هذه التساؤلات وتحديد الاسباب والمسؤوليات وسبل العلاج، لابد من توضيح معنى العنف كما عرفته النظريات المختلفة بأنه: كل تصرف يؤدي الى إلحاق الاذى بالآخرين، وقد يكون الاذى جسمياً أو نفسياً، فالسخرية والاستهزاء من الفرد وفرض الآراء بالقوة واسماع الكلمات البذيئة جميعها أشكال مختلفة لنفس الظاهرة.
والملاحظ ان ظاهرة العنف بشكل عام قد شهدت تطوراً كبيراً في الآونة الاخيرة ليس فقط في كمية أعمال العنف وانما في الأساليب التي يستخدمها الطلاب في تنفيذ السلوك العنيف.
وبناء على تعريف العنف، وملاحظة تطوره بين طلاب المدارس، فإننا نؤكد من خلال استقراء الواقع ومتابعة الأحداث ان ظاهرة العنف في المدارس سواء في المجتمع الكويتي أو في المجتمعات العربية، موجودة منذ سنوات طويلة وأخذت أشكالاً ومراحل مختلفة، وتنامت وتطورت وقفزت قفزات واسعة لكنها قوبلت بتجاهل كبير من المجتمع بشكل عام سواء كان هذا التجاهل عن علم بالظاهرة رافقه التهوين بنتائجها ومخرجاتها، أو عن جهل بها وبأسبابها ودوافعها لانشغال المجتمع بالسباق المادي المحموم الذي فرض على مجتمعاتنا وأقحمت فيه حتى أفقدها الكثير من عاداتها ومبادئها وجزءا كبيرا من هويتها التي كانت الحصن الحصين لها في مواجهة اي سلوك خارج إطار القيم المجتمعية.
أسباب ونتائج
نعود إلى الاسئلة التي طرحناها، ونرى انه من الطبيعي ان نبدأ بالأسباب المؤدية لظاهرة العنف بين الطلاب وكما يراها الأكاديميون والمنظرون ومعدو الدراسات والابحاث ذات الصلة بهذا الموضوع، وعليه فإن البعض يرى أن اسباب تفشي ظاهرة العنف تتمثل في:
1 - عدم وجود وعي وفهم كافيين عند الطلاب لطبيعة وهدف المدرسة وعدم ادراكهم انها تجمع علمي هدفه العلم وبناء الذات.
2 - وجود خلل في الأساليب التربوية المتبعة في المدرسة والتي من شأنها تقوية الروابط بين الطلاب.
3 - سوء معاملة المدرسين للطلاب وخاصة اتباع أسلوب التفريق بين الطلاب ما يمكن لنمو مشاعر الغيرة والكره بين الطلاب ويقود في النهاية الى الصدام المباشر.
4 - الاختلاف في وجهات النظر وفي الطبائع يمكن أن تولد شرارة للعنف.
5 - التنافس العلمي بين الطلاب أحياناً يولد مشاعر الغيرة وهي بدورها تدفع الطلاب للتصادم.
6 - عدم وجود استقرار أسري داخل أسر بعض الطلاب وكثرة المشاكل الأسرية تشحن نفس الطفل وتجعله عصبياً ومضطرباً ما يدفعه لارتكاب المشاجرات مع أقرانه للتنفيس عن الاحتقان الناتج عن توترات داخل الأسرة التي ينتمي إليها.
7 - البعض يتبع أسلوب العنف لإثبات نفسه وهذا أمر مرده الى وجود شعور بالنقص في نفس الطفل وهذا الشعور ينتج عن سوء التربية الأسرية للطالب.
وأصحاب هذه النظرية يرون أن العنف بين الطلاب وفقاً للأسباب السابقة ينتج عنها الآتي:
1 - تعرض الطلاب إلى إيذاء جسدي ومعنوي يؤثر بشكل مباشر عليهم.
2 - تعرض بعض الطلاب إلى تدهور في ثقتهم بأنفسهم، خصوصا ان كانوا هم الجانب الأضعف دوماً في الشجار.
3 - تراجع ملموس في المستوى التعليمي للطلاب الممارسين للعنف وتحول تركيزهم عن الدراسة إلى الشجار.
4 - تأثر الطلاب الآخرين بعنف بعض الطلاب ما يؤهلهم مستقبلاً ليتحولوا إلى طلاب عنيفين.
5 - العنف داخل المدرسة يمكن أن ينتقل إلى خارجها ويكون أشد خطورة (وهذا قد حدث بالفعل).
6 - الإساءة إلى هيئة المدارس وإلى رسالتها السامية.
ويؤكد أصحاب هذا الاتجاه على أنه أمام هذه النتائج الوخيمة فلا بد من أن يكون هناك تحرك سريع ومدروس من قبل إدارة المدرسة بالتعاون مع الأهل لوضع حلول جذرية للمشكلة والقضاء عليها قبل استفحالها ووصولها إلى مرحلة لا تجدي معها أي معالجات لأنها ستكون القاصمة (كما حدث).
وقد وضعوا بعض الأمور المساعدة على حل مشكلة العنف بين الطلاب، ومنها:
1 - سرعة التحرك لاحتواء أي شجار ينشأ بين الطلاب وعدم إهمال الأمر كي لا يتفاقم.
2 - دراسة الحالة النفسية للطلاب العنيفين والمثيري الشغب من خلال اختصاصيين تربويين ونفسيين لمعرفة أسباب الشجار.
3 - التواصل مع أولياء الأمور والتعاون معهم لوضع أفضل الحلول لهذه المشكلة.
4 - تحسين الأساليب التربوية والتوعية للطلاب.
5 - الاهتمام بطريقة تعاطي المدرسين مع الطلاب والابتعاد عن الأساليب التي تؤدي إلى التفرقة والإهانة للبعض.
6 - تخصيص حصص تربوية وتأهيلية للطلاب في محاولة لتفريغ شحنات الغضب في نفوسهم.
7 - محاولة التعاون مع الأهل لحل المشكلة التي قد يعاني منها بعض الطلاب خارج المدرسة.
وأكد أصحاب هذا التوجه أنه قد لا نتمكن من منع العنف نهائياً ولكن من المؤكد اننا نستطيع الحد منه ووضعه في اطار نوعا ما مقبول.
جهات مسؤولة
هذه هي أسباب ونتائج وحلول ظاهرة العنف في المدارس كما يراها الأكاديميون والمنظرون، لكن هناك أسباباً لم يتكلم فيها أحد، وان اقترب منها تكلم بشكل سطحي.
وهنا سنحاول من وجهة نظرنا أن نوضح دور بعض الجهات ومسؤوليتها عن تفشي ظاهرة العنف في المدارس... وبالطبع سنقصر الحديث على الجهات والأشخاص وتبقى الصلة المباشرة مع الطلاب، ومنها:
أولاً: المعلم... من المؤكد أن بعض المعلمين يتحملون المسؤولية مباشرة في تفشي ظاهرة العنف بين الطلاب، وقبل أن يتهمنا البعض بالتجني على المعلم والقسوة عليه رغم ما يتحمله من مشاق في سبيل تأدية رسالته، نقول: عندما تهاون المعلم في علاقته مع الطلاب، ووصل الأمر ببعضهم إلى التعامل مع الطالب كصديق أو صاحب، وأصبح للمصالح الشخصية مجال بين المعلم والطالب، فتقلصت مساحة الاحترام، واختفت رهبة الطالب من معلمه... عندما يصل الأمر في العلاقة بين الطالب والمعلم إلى هذا الحد من المؤكد أن تأثير المعلم في طلابه سينعدم ويفلت زمام أمرهم لأن الرقيب (المعلم) دوره يكاد يكون منعدما... ولن يستطيع أن يكبح جماح الطالب المثير للشغب أو العنف.
ثانياً: المدرسة... عندما تتهاون المدرسة في مسؤولياتها التربوية، ولا تتخذ مواقف رادعة وصارمة في مواجهة صاحب السلوك الشاذ عن المنظومة التربوية، وان عاقبت يكون العقاب غير مناسب للخطأ، والبعض أحياناً يقبل الوساطات ويعمل ألف حساب للموازنات... وساعتها يشعر الطالب (الحدث) بالزهو والانتصار... فيكرر الخطأ مرات ومرات وبأساليب ووسائل أشد لأنه أمن العقاب فأساء التصرف والسلوك والأدب.
وعندما يكون هذا هو حال المدرسة فلماذا نتساءل عن تفشي ظاهرة العنف المدرسي؟
ثالثاً: وزارة التربية... لقد فقدت معظم وزارات التربية والتعليم في العالم العربي كثيرا من دورها التربوي وحتى التعليمي، وأصبحت مجرد جهاز إداري أكثر ما يشغله هو تنظيم التحاق الطلاب بالمدارس وتخرجهم فيها وتوفير المعلمين والأبنية التعليمية والكتب والمناهج التي عليها الكثير من علامات الاستفهام، إن وزارات التربية لم تقدم شيئاً ملموساً في مواجهة ظاهرة العنف في المدارس وبين الطلاب، هذه الظاهرة التي أطلت برأسها منذ سنوات وأخذت في النمو والتطور من دون أن تحاول القضاء عليها أو الحد فيها... وعليه فإن وزارات التربية والتعليم تتحمل نصيبا كبيرا من المسؤولية عن تفشي العنف في المدارس.
رابعاً: الأهل... إن دور الأسرة أو أهل الطالب هو الأهم والأبرز في تحوله إلى السلوك العنيف... وهذا الدور يتخذ أشكالاً كثيرة، منها إهمال الطالب وعدم متابعته في المدرسة، ومعرفة أحواله العلمية والسلوكية، والأخطر من الاهمال هو محاولة الأهل الانتصار لابنهم حتى ولو كان مخطئاً، والسعي بكل السبل لعدم معاقبته مهما كان خطأه، ومن يرد التأكد من ذلك فليسأل مخافر الشرطة عن كم معلم تم أخذه من المدرسة مخفورا في أيدي رجال الشرطة لأنه ضرب طالبا...! وطبعاً هذا بمساعدة إدارة المدرسة التي تتقاعس في الدفاع عن المعلم لابعاد المشكلة عن دائرة اختصاصها، ولأن المعلم يكون دائماً هو الحلقة الأضعف في القضية...!
ثم يتساءلون بعد ذلك عن السبب في ممارسة الطلاب للعنف بالمدارس!
هؤلاء هم أصحاب النصيب الأكبر في مسؤولية انتشار العنف في المدارس. وهناك بالتأكيد مسؤوليات أخرى للإعلام والمجتمع بكل مؤسساته، كلنا يا سادة شركاء في المسؤولية ويلزمنا في مثل هذه القضايا ألا نتهرب ونلقي باللوم على الآخرين ويتوقف دورنا عند التنظير والتصريحات والبيانات لمجرد الظهور في الصورة وإيهام الناس بالمشاركة في وضع الحلول الناجعة لهذه الظاهرة أو غيرها... اننا في حاجة إلى حلول مخلصة ليوفقنا الله في النتائج.
مكارم الأخلاق
إن تعاليم الإسلام تدعو إلى بناء الإنسان وبناء المجتمع بناء طيباً صالحاً يعيش فيه الإنسان بطمأنينة، حيث تنهي عن الرذيلة وتحارب الفساد وتدعو إلى الفضيلة وحسن الخلق والتخلق بالأخلاق الحسنة، والتخلق بالأخلاق الحسنة هو عنوان رسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي قال: «إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، ورب العزة يصفه في كتابه العزيز بقوله تعالى: «وإنك لعلى خلق عظيم».
وحسن الخلق قرب من الله سبحانه وتعالى وقرب من رسوله.
فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «إن أحبكم إليَّ وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحسنكم أخلاقاً، الموطأون أكنافا، الذين يألفون ويؤلفون». ولا عجب أن يطلب صاحب الخلق العظيم من المسلمين أن يتحلوا بالأخلاق الحسنة. فهو يقول: «انكم لن تسعوا الناس بأموالكم، ولكن يسعهم منكم بسط الوجه وحُسن الخلق».
ورأي الرسول في المؤمن واضح. فهو يقول: «مثل المؤمن مثل النحلة، لا تأكل إلا طيباً، ولا تطعم إلا طيباً».
وموقف الإسلام واضح في هذا الشأن، فهو يدعو إلى اللين والرفق والتسامح وحُسن المعاملة وينبذ كل مظاهر العنف والقسوة، ففي سورة فصلت، آية 34، يبين الله سبحانه وتعالى النهج الذي يريده ممن يدعو لدينه، فهو يخاطب نبيه قائلاً: «ادفع بالتي هي أحسن، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم»، فهو يطالب في هذه الآية بمقابلة الاساءة بالإحسان والذنب بالغفران، وهذا التصرف حري بإنهاء العداوات وتقريب القلوب، وفي موقع آخر يقول: «وأحسنوا إن الله يحب المحسنين».
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المجال: «اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن»، ويقول أيضاً: «صل من قطعك، وأحسن إلى من أساء اليك، وقل الحق ولو على نفسك، عد من لا يعودك، واهد لمن يهدي اليك».
ويدعو الإسلام إلى الصبر على مقاطعة الآخرين وإلى هجرهم هجرا جميلاً، يقول تعالى: «واصبر على ما يقولون، واهجرهم هجرا جميلاً»، وتعني الآية بالهجر الجميل، الهجر الذي لا يغلق أبواب الأمل في رجوع المياه إلى مجاريها بين المتباعدين، ويدعو أيضاً للعفو والصفح فيقول: «فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين».
الإسلام والعنف
في بحث للدكتور جمال ماضي أبوالعزايم أحد علماء الصحة النفسية على مستوى العالم يقول في هذا الموضوع:
كلمة الإسلام مشتقة من كلمة «السلام» ويشكل السلام أحد الأركان المهمة في العقيدة الإسلامية. وقد ذكرت كلمة «السلام» في القرآن أكثر من 14 مرة، ويؤكد الإسلام على نبذ العنف والقتل ويقول القرآن «من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً» (السورة 5 - الآية 32)، وقد بين النبي محمد صلوات الله وسلامه عليه السلوك الصحيح للمسلم فقال: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده»، وقد أشار القرآن لهذا الموضوع في مراحل الوقاية الثلاث.
الوقاية الأولية
يبدأ اسلوب الإسلام في الوقاية من العنف قبل الميلاد حيث يوصي الزوج باختيار شريكة حياته من مجتمع جيد مسالم فيقول الحديث الشريف «تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس» «كما يوصي الرسول بتجنب زواج الأقارب فيقول الحديث الشريف «اغتربوا لا تضووا».
ويوصي الرسول صلوات الله عليه - الشباب الا يتزوج فتاة لجمالها فقط اذا كانت قد نشأت في بيئة سيئة لأن مثل هذه الفتاة تشبه زهرة نمت في بيئة فاسدة فيقول «اياكم وخضراء الدمن وهي المرأة الجميلة في منبت السوء» وهذه الوصايا لتجنب الجينات المريضة».
ويعطي الإسلام للأيام الأولى في الحياة أهمية خاصة ففيها تشكل شخصية الفرد ولهذا السبب يؤكد الإسلام على اهمية هذه الأيام ويحرص على نضج الأخلاقيات والسلوك الحميد وتنشيط الارادة.
ويؤكد الرسول صلوات الله عليه على التأكيد لتعليم الابناء مبادئ الصلاة قبل السابعة، وهذا يتطلب النظافة والوضوء وقراءة القرآن وتقليد سلوك الوالدين اثناء الصلاة والاستماع اليهم وهم يقرأون القرآن والاجابة عما يوجه اليهم من اسئلة اثناء هذه الفترة الحرجة من العمر.
وتؤدي هذه الخطوات إلى النضج السريع الصحي الخالي من العدوان والعنف والذي يتسم بالسلام والحب والطاعة وهذه الوقاية الأولية مسؤولية عدة اطراف، فالوالدان والأسرة يأتيان أولا يليها المدرسة والنادي والجيران والاصدقاء والزملاء ووسائل الإعلام والقادة أو الزعماء في كل منطقة. كما انها لها اهمية كبرى في أماكن العبادة كالمساجد.
الوقاية الثانية
قد ينشأ العنف في كثير من الاسباب المرضية سواء كانت اجتماعية أو نفسية أو عضوية أو اقتصادية أو غير ذلك. والتشخيص المبكر مهم جداً لمعالجة هذه الأمراض المختلفة والتعامل معها. ولا بد للمجتمع ان يكون مستعداً لإقامة مراكز العلاج اللازم لمواجهة هذه الحالات واعطاء العلاج المبكر والمتابعة. ولا بد للطبيب النفسي والاخصائي النفسي والاخصائي الاجتماعي والمرشد الديني ان يعملوا كفريق واحد في هذه المراكز.
ويؤكد القرآن هذا الاتجاه حيث يقول «ولتكن منكم امة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون» السورة 3 الآية (104).
وإذا نجح المجتمع في تحقيق هذه الأهداف فان مشكلة العنف سوف تقل... ان العنف يولد العنف، ولا بد للجهات المعنية ان تعالج هذه الظاهرة في جميع المجالات. فلا بد من تحليل العنف ومعرفة دوافعه ومعالجتها حسب طبيعتها. ويقول القرآن «ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي احسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم».
الوقاية الثالثة
قد تستمر حالات العنف بسبب خطأ العلاج أو غير ذلك من الأمراض وهذه الحالات تحتاج التأهيل والعلاج في مراكز خاصة تستعمل احدث الاجهزة والاساليب التي من بينها الاسلوب الديني. ولا بد للمجتمع ان يسهل انشاء هذه المراكز وتبني سياستها الوقائية على الاسلوب الاجتماعي الديني.
ولا بد ان تبتعد هذه المراكز عن المفاهيم القديمة على اعتبار انها مراكز للعقوبة ويؤكد القرآن على هذه المبادئ فيقول: «ولا تؤتوا السفهاء اموالكم التي جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولاً معروفا» والكثير من الحالات تستجيب للوقاية الثالثة ويعودون إلى المجتمع الذي يجب عليه ان يسهل حياتهم ويقبلهم كمواطنين عاديين وهذا يتطلب القيام بدور المتابعة لتجنب النكسة.
العدالة والعنف
لقد وضع الإسلام حدودا معينة لا يجب تجاوزها كما ان هناك انواعاً خاصة من العقوبة تطبق على من يتجاوز هذه الحدود وذلك لتحقيق التوازن في المجتمع وللحيلولة دون احتمال الأخذ بالثأر. ولكن على الرغم من كل هذه الاحتياطات فإن الإسلام يشجع الناس على التسامح والعفو، وهذا الاتجاه يساعد على تقوية صلابة شخصية الفرد المسلم واستقرارها ويقول القرآن في هذا المعنى «فمن عفا واصلح فاجره على الله». ان الإسلام عندما يوفر قاعدة عريضة لمقاومة العنف فإنه يكون بذلك قد حفظ حقوق الأفراد واكد على التزاماتهم ويكون بذلك قد ساعد على إيجاد مجتمع متوازن.
المدرس بين العنف المدرسي والتحولات المجتمعية
يكشف العديد من الدراسات واستطلاعات الرأي في العديد من دول العالم تنامي ظاهرة العنف بين الطلاب كظاهرة إنسانية عامة؛ فالتقرير السنوي لليونسيف لعام 1999م حول وضع الأطفال في العالم والتعليم يذكر أن العنف من المشكلات الرئيسية في مدارس البلدان الصناعية والعالم الأول. ولقد ارتفعت نسب العنف في مدارس الولايات المتحدة في بعض استطلاعات الرأي إلى 60 في المئة من عدد الطلاب، وهي بطبيعة الحال نسبة مخيفة. وهناك نسب مقاربة لها في الأرجنتين والمكسيك، وغيرهما من الدول.
فظاهرة العنف في المدارس ظاهرة ذات طابع عالمي لا تقتصر على مجتمع دون الآخر، ولا ترتبط بغنى أو فقر، او قوة وضعف،او تقدم وتخلف، فهي تبقى في النهاية سلوكا إنسانيا له اسباب ودوافع أخرى تتشابه في الكثير من المجتمعات وقد تختلف في بعضها البعض لعوامل بيئية أو اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية أو غيرها، وهذه نماذج من بعض الدول:
أستراليا
قال وزير التربية والتعليم في كوينزلاند في يوليو 2009 ان مستويات العنف في المدارس المرتفعة «غير مقبولة على الإطلاق» واعترف بأنه لم تبذل جهود كافية لمكافحة العنف. وفي العام 2008، فُصل 55000 طالب في مدارس حكومية وكان قرابة الثلث منهم فصلوا بسبب «سوء السلوك الجسدي». أما في جنوب أستراليا، فقد سجل 175 اعتداء عنيفا على الطلاب أو الموظفين في عام 2008.
بلجيكا
أظهرت دراسة حديثة أن العنف الذي يتعرض له المعلمون في بلجيكا الفرنكوفونية كان من الأسباب الرئيسة لترك مهنة التدريس.
بلغاريا
بعد «تقارير عديدة خلال العقد الماضي عن العنف في المدارس»، وضع وزير التربية والتعليم في عام 2009 قوانين أكثر صرامة لسلوك الطلاب، بما في ذلك ارتداء اللباس غير المناسب، والحضور في حالة سكر، وحمل الهواتف النقالة. وقرر إعطاء المعلمين صلاحيات جديدة لمعاقبة الطلاب المشاغبين.
فرنسا
ادعى وزير التربية والتعليم الفرنسية في عام 2000 أن 39 مدرسة حكومية من أصل 75000 كانت «تعاني من العنف بدرجة خطيرة» و300 مدرسة كانت «تعاني من العنف بعض الشيء».
اليابان
أظهرت دراسة أجرتها وزارة التربية والتعليم أن الطلاب في المدارس الحكومية دخلوا في الرقم قياسي في حوادث العنف في 2007 حيث وصل عدد الحالات إلى 52.756 حالة، أي بزيادة قدرها نحو 8000 عن العام الذي سبقه. وكان الضحايا فيما يقارب من 7000 من هذه الحوادث هم المعلمون.
بولندا
استجابة لانتحار فتاة تعرضت لتحرش جنسي في المدرسة في عام 2006، أطلق وزير التربية والتعليم البولندية رومان جيرتيتش، خطة إصلاحية للمدارس «بلا تسامح». وبموجب هذه الخطة، فإن المعلمين يعدون قانونيا في منصب الخدمة المدنية، مما يجعل عقوبات جرائم العنف التي تقع عليهم أشد. ومدير المدرسة سيكون، من الناحية النظرية، قادرا على إرسال التلاميذ العدوانيين لأداء أعمال تتعلق بخدمة المجتمع، وقد يغرم آباء هؤلاء الطلاب أيضا. ويمكن أن يواجه المعلمون الذين لا يبلغون عن أعمال العنف في المدرسة عقوبة السجن. طابع عالمي للعنف في المدارس
بعدما كان المدرِّسُ النبراسَ وحاملَ الرسالة السامية، وقُطب الرحى في منظومة الحياة المجتمعية برمَّتها، أضحى في الآونة الأخيرة أيقونةً للتهكم والاستهزاءِ والسخرية، بل والتعنيف، سواء كان ماديًّا أو رمزيًّا. ورغم أن أحد المربِّين قد أشار إلى أهمية المدرسة، ومن ضِمنها المدرِّس، إلى جانب المؤسسات الأخرى في البناء الحضاري والتنموي بقوله: «هناك خمسُ مؤسسات رئيسة تتولى أمرَ الحضارة، وهي: البيت، المدرسة، الدولة، مؤسسة الدين، مؤسسة العمل» فإن أطرافًا متعددة ساهمت في محاولة تخريبها، من خلال آليَّات الهدم المختلفة، بالرغم من محاولات البناء المتكررة.
فالعنف سلوك عدواني هدَّام للأخلاق والقِيَم الفاضلة، تتضافر عواملُ متشابكة في إنتاجه، منها ما هو اقتصادي، وسياسي، واجتماعي، وثقافي، وتعليمي، هذه العوامل التي تمثِّل سيفًا ذا حدَّين: سلبًا أو إيجابًا.
ولعل من أهمِّ هذه الأدوات التي تنخر جسدَ المنظومة التعليمية، وتشجِّع على استفحال ظاهرةِ العنف المدرسي إن لم يتمَّ توظيفُها واستغلالُها وتكوينها وتربيتها لخدمة أهداف الأمة المجتمعية - ما يلي:
الإعــلام:
وقد كان المفكِّر اليهودي محقًّا عندما قال: «في عهد المركانتيلية من يملِك الذهبَ يملِك العالم، وحاليًّا من يملِك الإعلام يملِك العالم»؛ إذ تعمل بعضُ المؤسسات الإعلامية على تشويه صورةِ المدرِّس، من خلال عرض مسلسلات هزْلية، تستهدف كِيانَه وقيمتَه الاجتماعية، فيصبح مادةً دسمةً للسُّخرية من قِبَل المتعلِّمين!
المواقع الإلكترونية:
بالرغم من الطَّفرة النوعية التي حققتها الثورةُ التكنولوجية فإنَّ اتجاهاتِ المتعلِّمين أخذت مسارًا منحرفًا، شوَّه مظهرَهم الخُلقي والخَلْقي؛ إذ باتوا يوظِّفون - مثلاً - المواقع الاجتماعية - مثلاً الفيس بوك - في الاتِّفاق على طريقة الغش في الامتحانات، بل هناك فيديوهات حول العنف المدرَسي على الشبكة العنكبوتية، تُرشد المتعلِّمين - الذين يرتادونها بعيدًا عن واجباتهم المدرسية - إلى تصيُّدِ ما يمكن أن يربكَ الصف المدرسي، فيرشد بقية المتعلمين إلى تنفيذ العمليات البهلوانية.
الأسرة
إذ تمثِّل الأسرة: «أول محيطٍ اجتماعي يتعلَّم فيه الطفلُ الأنماطَ التي ستشكل السماتِ الأساسيةَ لشخصيَّته، ففيه يكتسب بذورَ الحبِّ والكراهية والتعاون والتنافس والنزوع نحو التسلُّطِ والخنوع، كما تتكوَّن النماذجُ الأولى لأهمِّ الاتجاهات التي تحدِّد شخصيته مستقبلاً؛ أي: شخصيتَه وهو مراهق، ثم شخصيتَه وهو راشد»
دون أن ننسى الدورَ الهدَّام للتفكُّكِ الأُسري الذي يساهم في انحراف أفرادِها؛ إذ إن الحرمانَ العاطفي من أخطرِ أساليب التنشئة الأسرية الخاطئة، ويرى بعضُ العلماء أن من أهمِّ أسباب عصبية الأبناء وقلقِهم النفسي والشعور بالعداوة والعزلة - حرمانَهم من الدِّفء العاطفي، وعدم إشباعهم لحاجات الحبِّ
الشارع:
إن الشارعَ بطبيعته - وتبعًا لتصور المجتمع له - هو مكانٌ عمومي، ومن ثم فقد يكون أحيانًا مجلبةً لكل رذيلة، في ظل التزايد المَهُول للأوكار والأماكن التي تؤوي المنحرفين، دون ارتيادِ أماكنَ تساعدهم على تطوير ملَكاتهم المعرفية، كدور القرآن، أو المعاهد العلمية، أو ما شابه.
المدرِّس:
قد يساهم المدرس في دفع بعض المتعلِّمين إلى ارتكاب بعض الحماقات؛ نتيجةَ سوء تصرُّفِه وتعامله مع تلاميذه، وهذا ما أكَّده «ماسلو Maslow»، أن الإحباطَ الناشئ من التهديد واستخدامِ كلمات التحقير أمام زملاء الطفل والاستهزاء بقدراته، يؤثِّر تأثيرًا كبيرًا في سلوكِه.
المتعلم الفاشل:
نتيجةً لعجزه وتهاونه في مساره الدراسي، يُضطَرُّ إلى التشويش على زملائه، بل قد يجرُّ معه فئةً أخرى من التلاميذ إلى تكوين تحالُف تلاميذي يعكِّر صفوَ الدراسة.
غياب قانون رادع للتلاميذ: إذ يتم في بعض الأحيان توقيفُ المتعلِّم كعقاب لمدة أسبوع أو أكثر أو أقل نتيجة ارتكابه العنفَ تجاه المدرِّس أو المتعلِّم، وفي أقصى الحالات يتمُّ نقلُه مِن مؤسسة تربوية إلى أخرى، دون أن يتمَّ اتخاذ قرارات زجرية؛ ليكونَ عبرة لبقية المتعلمين في أفق الحدِّ من هذه الأزمة القِيَمية التي باتت تنخر مؤسساتِنا التعليمية.
وخلاصة القول:
يتفق التربويون على أن المدرِّس هو أحدُ العوامل الرئيسة المؤثِّرة في سلوك التلاميذ وشخصياتهم، إن لم يكن أهمَّها، وأنه جزء لا يتجزأ من البيئة المدرسية، ومن دونه لا يمكن تحقيقُ مواقف تعليمية جديدة، لكن لا يمكن تحقيقُ ذلك ما لم تُعَدْ له كرامتُه التي سُلبت منه، من الأدوات والأجهزة والمؤسسات السابقة، كما أنه لا يمكن أن تعودَ له قيمتُه الاجتماعية إلا بتضافر الأستاذ والأُطر الإدارية، والتلاميذ، وأولياء الأمور، وبقية المؤسسات الأخرى في تقويم السلوكيَّات السلبية التي تظهر على التلميذ؛ كالعنف، وذلك عن طريق رصد مسبباتها، والعملِ على الحدِّ منها أو التخفيف - على الأقلِّ - من تأثيرها.
أشكال العنف بين الطلاب
للعنف المدرسي عدة مظاهر وأشكال منها:
1 - من طالب لطالب آخر:
- الضرب: باليد - بالدفع - بأداة - بالقدم وعادة ما يكون الطفل المعتدى عليه ضعيفا لا يقدر على المواجهة وبالذات لو اجتمع عليه أكثر من طفل.
- التخويف: ويكون عن طريق التهديد بالضرب المباشر نتيجة لأنه أكثر منه قوة أو التهديد بشلة الأصدقاء أو الأقرباء.
- التحقير من الشأن: لكونه غريبا عن المنطقة أو لأنه أضعف جسما أو لأنه يعاني مرضا او إعاقة أو السمعة السيئة لأحد أقاربه.
- نعته بألقاب معينة لها علاقة بالجسم كالطول أو القصر أو غير ذلك، أولها علاقة بالأصل (قرية - قبيلة).
- السب والشتم.
2 - من طالب على الأثاث المدرسي
- تكسير الشبابيك والأبواب ومقاعد الدراسة.
- الحفر على الجدران.
- تمزيق الكتب.
- تكسير وتخريب الحمامات.
- تمزيق الصور والوسائل التعليمية والستائر.
3 - من طالب على المعلم أو الإدارة المدرسية:
- تحطيم أو تخريب متعلقات خاصة بالمعلم أو المدير.
- التهديد والوعيد.
- الاعتداء المباشر.
- الشتم أو التهديد في غياب المعلم أو المدير.
4 - من المعلم أو المدير على الطلبة:
- العقاب الجماعي (عندما يقوم المعلم بعقاب جماعي للفصل سواء بالضرب والشتم، لأن طالبا أو مجموعة من الطلبة يثيرون الفوضى).
- الاستهزاء أو السخرية من طالب أو مجموعة من الطلبة.
- الاضطهاد.
- التفرقة في المعاملة.
- عدم السماح بمخالفته الرأي حتى ولو كان الطلب على صواب.
- التهميش.
- التجهم والنظرة القاسية.
- التهديد المادي أو التهديد بالرسوب.
- اشعار الطالب بالفشل الدائم.
كيفية الحد من ظاهرة العنف المدرسي
1 - الجانب الوقائي بحيث تتم مكافحة العوامل المسببة للعنف والتي من أهمها:
- نشر ثقافة التسامح ونبذ العنف.
- نشر ثقافة حقوق الإنسان وليكن شعارنا التعلم لحقوق الإنسان وليس تعليم حقوق الإنسان.
- عمل ورشات ولقاءات للأمهات والآباء لبيان أساليب ووسائل التنشئة السليمة التي تركز على منح الطفل مساحة من حرية التفكير وإبداء الرأي والتركيز على الجوانب الإيجابية في شخصية الطفل واستخدام أساليب التعزيز. - التشخيص المبكر للأطفال الذين يقعون تحت ظروف الضغط والذين من الممكن ان يطوروا أساليب غير سوية.
- تنمية الجانب القيمي لدى التلاميذ.
- عمل ورشات عمل للمعلمين يتم من خلالها مناقشة الخصائص النمائية لكل مرحلة عمرية والمطالب النفسية والاجتماعية لكل مرحلة.
- التركيز على استخدام أساليب التعزيز بكافة أنواعها.
- استخدام مهارات التواصل الفعالة القائمة على الجانب الإنساني والتي من أهمها حسن الاستماع والإصغاء وإظهار التعاطف والاهتمام.
- إتاحة مساحة من الوقت لجعل الطالب يمارس العديد من الأنشطة الرياضية والهوايات المختلفة.
2 - الجانب العلاجي:
- استخدام أساليب تعديل السلوك والبعد عن العقاب والتي منها (التعزيز السلبي - تكلفة الاستجابة - التصحيح الزائد - كتابة الاتفاقيات السلوكية الاجتماعية - المباريات الصفية). - استخدام الأساليب المعرفية والعقلانية الانفعالية السلوكية في تخفيف العنف والتي من أهمها: معرفة أثر النتائج المترتبة على سلوك العنف - تعليم التلاميذ مهارة أسلوب حل المشكلات - المساندة النفسية - تعليم التلاميذ طرق ضبط الذات - توجيه الذات - تقييم الذات - تنمية المهارات الاجتماعية في التعامل - تغير المفاهيم والمعتقدات الخاطئة عند بعض التلاميذ في ما يتعلق بمفهوم الرجولة.
- الإرشاد بالرابطة الوجدانية والتي تقوم على إظهار الاهتمام والتوحد والانفعال وتوظيف الإيماءات والتلميحات ولغة الجسم عموما من قبل المعلم لإظهار اهتمامه بالطالب. - طريقة العلاج القصصي: فالقصص تساعد على التخلص من عوامل الإحباط وتعمل على تطوير القدرات الإدراكية، ومن خلال القصص يدرك الطفل أن هناك العديد من الأطفال لهم نفس مشكلاته، وتفجر القصص المشاعر المكبوتة عندما يدخل الطفل في تجربة قوية من خلال تماثله أو رفضه الشديد لتصرفات قامت بها شخصية من الشخصيات ما يخفف الضغط النفسي عنده.
- ضبط السلوك وتحديد عوامله وأسبابه ثم نقوم بضبطه تدريجيا حتى نصل إلى مرحلة ضبط السلوك العنيف وفي نفس الوقت إعطاء السلوك الايجابي البديل. دور العاملين في مجال التوجيه والإرشاد وحقوق الإنسان في الحد من ظاهرة سلوك العنف المدرسي: يقوم العاملون في هذا المجال بالعديد من الفعاليات والأنشطة للتخفيف من هذا السلوك سواء لدى المعلمين أو الطلبة أو الأهالي تجاه أبنائهم ومن هذه الفعاليات والأنشطة:
1 - تنفيذ العديد من الندوات لأولياء الأمور في أساليب التنشئة الاجتماعية المناسبة لكل مرحلة عمرية باعتبار أن الأسرة هي المصدر الأساسي في تأسيس سلوك العنف لدى الأطفال.
2 - تنفيذ العديد من الندوات لأولياء الأمور حول حقوق الطفل في الرعاية الصحية والنفسية والاجتماعية وحقه في اللعب والمشاركة والتعبير عن الرأي،وحقه في الشعور بالأمن النفسي والاجتماعي.
3 - تنفيذ العديد من الندوات واللقاءات مع المعلمين والإدارات المدرسية حول الخصائص النمائية لكل مرحلة عمرية والمشكلات النفسية والاجتماعية المترتبة عليها وخصوصا مرحلة المراهقة وكيفية التعامل مع هذه المشكلات وخصوصا سلوك العنف.
4 - تنفيذ العديد من الندوات للمعلمين والإدارات المدرسية حول حقوق الطفل النفسية والاجتماعية والمدنية والسياسية.
5 - المشاركة في تشكيل البرلمان الطلابي كتجسيد واقعي لفكرة الديموقراطية والتعبير عن الرأي والمشاركة في صنع القرارات خصوصا التي تتعلق بشؤونهم.
6 - عقد دورات للمشرفين التربويين والمديرين والمديرات والمعلمين والمعلمات في حقوق الإنسان والوساطة الطلابية وحل النزاعات ومنحى التواصل العنفي.
7 - تفعيل برنامج الوساطة الطلابية باعتباره وسيلة تربوية في إشراك الطلبة في حل مشكلاتهم دون إحساسهم بضغوط الكبار.
8 - الأشراف على برنامج الحكومة المدرسية الذي يهدف في الأساس إلى تعليم مبادئ الديموقراطية والحوار ونبذ الصراعات والدفاع عن الحقوق بأساليب الحوار الهادئ البناء.
9 - الإشراف على برنامج بناء والذي من ضمن أهدافه الكشف عن التلاميذ المتأثرين بالصدمة والتي من ضمن آثارها سلوك العنف حيث يقدم هذا البرنامج العديد من الأنشطة والفعاليات التي تحد من هذا السلوك.
10 - تنفيذ العديد من المخيمات الصيفية والأشراف عليها والتي من ضمن أهدافها التفريغ الانفعالي عن طريق الأنشطة الحركية والرسم والتمثيل والفنون الشعبية والتي تسهم في خفض العدوانية بالإضافة إلى أنشطة متنوعة ذات صلة بمفاهيم حقوق الإنسان.
11 - تنفيذ العديد من المعارض والمهرجانات والتي تحتوي على ركن أساسي خاص بحقوق الطفل سواء من حيث الفقرات التي تقدم أو المجسمات والرسومات التي تعبر عن حقوق الطفل وكذلك الفقرات التي تحتوي على مضمون توجيهي إرشادي لبعض القضايا التي تهم الطفل.
12 - التنسيق مع المؤسسات غير الحكومية التي تعمل في مجال حقوق الإنسان والدعم النفسي الاجتماعي لمساعدة الأطفال في هذا المجال.
13 - توزيع النشرات والملصقات الخاصة بحقوق الطفل، وتوزيع النشرات الخاصة بالآثار المترتبة على استخدام العقاب والعنف تجاه الطلبة والوسائل البديلة للعقاب والعنف.
14 - تنفيذ العديد من المسابقات التي تتناول موضوعات حقوق الطفل والتوجيه والارشاد.