| عبدالعزيز صباح الفضلي |
بعد احدى الصلوات جاءني أحد الشباب طالبا استشارتي في أمر أقلقه كثيرا، يقول «منّ الله عليّ بالالتزام قبل سنتين تقريبا، وحرصت منذ التزامي على حفظ القرآن الكريم وطلب العلم، واستشرت أحد المشايخ لإرشادي إلى طلب علم يعينني على طاعة الله، فأشار علي إلى إحدى المجموعات». ويضيف الشاب «التزمت معهم فترة من الزمن، ووجدت أن أكثر ما يطرح في مجالسهم هو التحذير من الجماعات الإسلامية ومن الحزبية»، قال «ولم اهتم لذلك كثيرا لأنني حريص على طلب العلم، إلى أن تمت إضافتي معهم في إحدى (غروبات) التواصل الاجتماعي، وكانت المفاجأة عندما اقترح أحد الشباب استضافة الشيخ محمد حسان بمناسبة وجوده في الكويت لإلقاء محاضرات، وإذ بهم يحذّرون من الشيخ حسان ويهاجمون صاحب الاقتراح حتى اضطر إلى الاعتذار»!!
يقول الشاب وتوجهت قبل فترة إلى العمرة والتقيت بأحد مشايخ السلف المعروفين في الكويت، وعندما رجعت من العمرة قابلت أحد أفراد المجموعة من نفس قبيلة الشيخ وذكرت له أنني سعدت بمقابلته وظننت أن ذلك سيفرحه، إلا أن الأمر الغريب هو تحذير الشاب من ذلك الشيخ بزعم أنه حزبي!!
يقول الشاب منذ أن رافقت هؤلاء وقلبي بدأ يقسو، وضعف عندي حفظ القرآن والمتون، وطلب مني النصيحة.
قلت «لا يخفى عليك أن هؤلاء اشتهروا باسم الجامية، وأن بداية انطلاقتهم كانت بعد احتلال العراق للكويت، وعندما ترددت أنباء عن تواجد القوات الأميركية في الخليج عارضها مجموعة من المشايخ خوفا من خطر التواجد الغربي في الخليج، فكان لا بد من محاربة هذا الفكر عن طريق مشايخ آخرين، فظهرت الجامية وساعتها اشتهروا بالمداخلة نسبة للشيخ ربيع المدخلي الذي تزعم محاربة الدعاة والتشكيك في منهجهم واتهامهم بالخوارج.
ومع أحداث الربيع العربي ظهرت هذه المجموعة مرة أخرى للدفاع عن الأنظمة الظالمة والتي كفّر بعضها أهل العلم كالنظام السوري، وأخذوا يضعون أحاديث طاعة ولي الأمر في غير موضعها حتى كادوا يُألهون الحاكم، فلا يُسأل عما يفعل، فصاروا مرجئة مع الحكام وخوارج مع الدعاة.
وللأسف أنهم يدّعون اتباع منهج السلف وهم أبعد الناس عنه، فلم يكن من منهج السلف تتبع العثرات، ولا إساءة الظن، ولا شق صف المسلمين ولا السكوت عن الظالمين.
لقد أصبحوا سلاحا يستخدمه السلاطين في مواجهة الدعاة والمصلحين، وخذ مثالا على ذلك حزب الزور والمعروف بحزب النور في مصر وكيف خذل الثورة المصرية والمتمسكين بالشرعية والداعين إلى تحكيم الشريعة الإسلامية في مقابل الوقوف مع العسكر والعلمانية.
لما سُئل الشيخ ابن جبريل رحمه الله تعالى عنهم قال في تسجيل صوتي «الجامية يغلب عليهم أنهم متشددون على من خالفهم، والذين يحسدون كل من ظهر وكان له شهرة، فلأجل ذلك صاروا ينتقصون كل من برز من العلماء ويعيبونهم ويتتبعون عثراتهم».
وبلا شك أن الشيخ ابن جبرين لم يتجنّ عليهم فيكفي أن تنظر إلى أسماء العلماء والدعاة الذين هاجمهم الجامية كأمثال المشايخ عبدالرحمن عبدالخالق وصالح المغامسي ومحمد العريفي وسعد البريك وسلمان العودة وغيرهم حتى تدرك صدق ما قاله.
لقد بلغت الخصومة فيهم درجة التحريض على اجتثاث خصومهم كما طالب بذلك أحد كتابهم عندما دعا وزير الأوقاف إلى تطهير الوزارة من قيادات الإخوان، وكما كتب آخر في سبل مواجهة فكر الإخوان بالدعوة إلى طردهم من الإمامة والخطابة والتدريس، وقال لا بد من قطع دابر هؤلاء (الاخوان المسلمين) بالسبل المتاحة كالمراقبة الأمنية!! (مباحث مو مشايخ).
طبعا لا يخفى على أحد الدور المشبوه الذي يقومون به مع الثورة السورية والتي التحقوا بها متأخرين بعد أن كانوا يحذرون من معارضة ولي الأمر بالكلام فضلا عن حمل السلاح.
لذلك كانت نصيحتي لذلك الشاب و لكل من أراد أن يبقى قلبه سليما لإخوانه المسلمين «فرّ من الجامية فرارك من الأسد».
twitter : @abdulaziz2002