| د. فهيد البصيري |
بما أن الشعب الكويتي يغط في نوم عميق أو (يتغطغط) ويتعامى عما يدور حوله ويحاك له، فمن المناسب أن أكتب عن الشأن السوري كونه الشغل الشاغل هذه الأيام للكويتيين والشعوب الخليجية جمعاء وكأن سبب معاناتها اليومية هو نظام بشار!
وقبل أن أغوص في (مهمهان) أو معمعان السياسة أحب أن أعترف تحت تعذيب تأنيب الضمير أنني في بعض الأحيان قد أخطئ، وقد نبهني أحد الاصدقاء على بعض الأخطاء المصطلحية التي وقعت في مقالتي السابقة والمسماة بإذن الله (سورية الشرقية وسورية الغربية)، وسبحان من لا يخطئ فقد اسميت روسيا باسمها الاسطوري القديم وهو الاتحاد السوفياتي، وهو خطأ مصطلحي لا شك فيه ولا فيكم، والحقيقة أن روسيا اليوم لا تزال اتحادا ولكنها اتحاد روسي فقط وبعدد سكان يفوق الـ 150 مليون نسمة وتُعد قوة اقتصادية طموحة وقوة عسكرية جامحة.
ورغم أنني أخطأت في التسمية إلا ان تحليلي السابق للأحداث لم يكن خطأ وهو الأهم بل جاء مطابقا لما قلت وهو ان الأميركيين سيفكرون الف مرة ومرة قبل توجيه أي ضربة لسورية، وأن روسيا لهم بالمرصاد، ولا يزال الاحتمال قائما ولكن بشكل ضعـــــيف جــــدا، ولا يــــرى بالعين المجردة، ولكي نفهم ما يحدث اليوم يجب أن نرجع لما حدث بالأمس، فاليوم هو نتاج ما اقترفت أيدينا بالأمس، وعندما شن النظام السوري هجومه الكيماوي المميت لم يكن ذلك عبثا بل كان مخططا له وبعناية، وكان الهدف منه هو الوصول لحالة الشلل الأميركي التي يعاني منها الرئيس الاميركي اليوم، ولو حصدنا النتائج فإن النظام السوري يدفع العالم الغربي لوضع حل سياسي للأزمة لأن الانتصار العسكري بات مستحيلا.
وعن طريق استخدام السلام الكيماوي أصبح الشأن السوري شأنا دوليا بامتياز، ولا حظوا أن روسيا لا تزال بالمرصاد، وبعد تقديم روسيا لمقترح وضع السلاح الكيماوي السوري تحت المراقبة الدولية نكون دخلنا وضعا سياسيا جديدا، وكما قلت لكم فإن الدول الكبرى أدرى بمصالحها، وما أتوقعه في هذه الحالة أي لو وضعت نفسي في مكان الرئيس الأميركي لا سمح الله، فإنني سأقبل العرض الروسي (بالزغاريد) خصوصا وأن الكونغرس الأميركي ليس مجلس الأمة الكويتي ولا يمكن إقناعه (بحبة خشم) أو حبة حلوى، كما أن ضرب سورية بشكل محدود لن يحل المشكلة بل سيعقدها وقد يعقد الوضع الإقليمي في المنطقة برمتها، والأسلم للأميركيين في هذه الحالة هو قبول المقترح الروسي لضمان السيطرة على سلاح سورية الكيماوي الذي يشكل تهديدا مباشرا لإسرائيل ولمنع استخدامه ضد الثوار في المستقبل، لكي تعود معادلة الحرب بين النظام والثورة السورية لوضعها الطبيعي، وما على الأميركيين بعد ذلك إلا دعم الثوار بشكل أكبر وبأسلحة متطورة ودون شروط، ومن هنا يتم ضمان إدامة أجل الحرب وإنهاك الأعداء التقليديين لإسرائيل ولهم أي ايران وحزب الله، وبذا كفا الله الاميركيين شر القتال.
fheadpost@gmail.com