كمال علي الخرس / كلمة صدق / القرارات الشعبية ليست شراً

تصغير
تكبير
| كمال علي الخرس |

ليس كل القرارات الشعبية شرا مطلقا كما يروق للبعض الترويج لذلك، ليس كل قرار شعبي امرا سلبيا، وليس كل قرار غير شرعي أمرا ايجابيا وبناء.

البعض يقرع جرس الإنذار بعد كل دورة انتخابات برلمانية ومع تشكيل حكومة جديدة يحذر فيه من اي قرارات تزيد من رفاه المواطن ويسميها بقرارات شعبية ويتهمها بأنها ضد التطور في البلاد، وكأن القرار يجب ان يكون غير شعبي حتى تتطور البلاد ويهنأ العباد في حياتهم.

البعض يضع الأولوية للمشاريع الحيوية، والتركيز على تطوير البنية التحتية، فأهلا وسهلا بكل ذلك، وما دخل ذلك بالقرارات التي تسمى شعبية والتي فيها رفاه المواطن مثل زيادة معاشات المتقاعدين واعادة النظر في قانون سن التقاعد الجديد المجحف، وبعض المنح التي تُعطى للمواطنين لتسهيل حياتهم؟

مرة اخرى هل القرارات الشعبية المعقولة والتي تؤدي الى رفاه المواطن هي التي تعرقل تطور البلاد التي تتربع على كنوز الأرض؟، ثم انه أليس التطوير هو أيضا مطلبا شعبيا، وهل يختلف اثنان على ذلك؟

مازال الذهب الاسود هو الشريان الحيوي الذي يغذي البلاد، وهو الذي يوفر لها على الاغلب مئات المليارات من الفائض في الميزانية، فيا حبذا لو تتنوع مصادر الدخل في البلد فتأكل الكويت مما تزرع وتلبس وتركب مما تصنع، لكن هذا غير موجود فالمنتج الوطني لا يجد له حماية ودعما حتى من قبل الجمعيات التعاونية الاستهلاكية، وأحيانا يبحث المستهلك ويفتش حتى يستطيع ان يرى البضاعة الوطنية مخبأة بين الأرفف.

إن تنوع مصادر الدخل من صناعة أو استثمار حقيقي يعود بالفائدة لأكبر شريحة من المواطنين غير موجود تقريبا، وفي الوقت نفسه ليس هناك تطور حقيقي بالبنية التحتية ولا بالمشاريع الحيوية من مستشفيات ومدارس وطرق سير أفضل، فلماذا يتم بعد ذلك محاربة المواطن البسيط في بعض القرارات التي تسمى شعبية والتي تخفف عنه وطأة الحياة من زحمة في الطرق وتأخر في الاسكان والوقوف في طوابير الانتظار في المستشفيات؟

هل المطلوب فوق فائض الميزانية وفوق الفساد الاداري وفوق العجز في تنفيذ المشاريع الحيوية أن يعاني المواطن أيضا في حياته، في دولة يجب ان تكون اول دولة في الرفاه على جميع المستويات بسبب قلة سكانها وصغر مساحتها وعظم موردها الطبيعي!

بعض الدول الغربية المتطورة تتفاخر في مقدار الرفاه الذي تقدمه للمواطن، وهناك بعض الدول الغربية التي تسمى بدول الرفاه، فلا عيب ولا ضير بأن يكون المواطن مرفها، بل العيب بان تكون الدولة غنية بالموارد وتحرم بعض ابنائها والبعض الاخر يعيش في ترف لا بسبب ما يملك من كفاءات بل بمقدار ما يملك من واسطات.

بعد تحرير الكويت من الغزو العراقي، زادت مظاهر التقشف، وزادت القرارات التي تضغط على المواطن، ولم يحدث أي تطوير حقيقي، وزاد في الوقت نفسه فائض الميزانية، وازداد معه الفساد، على ذلك يمكن القول للبعض ممن ليس من هَم سوى محاربة القرارات التي تزيد من رفاه المواطن بدون مسوغ حقيقي «لا خيركم ولا كفاية شركم.»



alzoor3@yahoo.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي