د. مبارك الذروه / رواق الفكر / وهم العرس الديموقراطي

تصغير
تكبير
| د. مبارك الذروه |

هنيئا للرجعية والتخلف والقبلية والعنصرية والطائفية نجاحها..! هنيئا للأشلاء الممزقة في وطن جريح مبعثر.. هنيئا للمرتشين من أصابوه من أوساخ المرتشين وفضلات أموالهم..!

ثلاث تهاني أشاهدها تتبختر في اعراس الناجحين بكل مكان دون وعي وإدراك لمستقبل سياسي معتم.. تهان ثلاث على ماذا؟ على الردة السياسية، التفكك الاجتماعي، المال الانتخابي والسياسي!

فأولى التهاني هي حالة النكوص من الفضاء الرحب العام للأمة إلى أصغر وحدات المجتمع حيث العائلة والقبيلة والطائفة.. فأضحت العروة القبلية هي الوثقى وتأصل مفهوم انا واخي على ابن عمي،وأنصر أخاك، وتمثل فيها قول الشاعر أنا من غزية أن خزت وأن ترشد غزية أرشد!

فالصوت الواحد أحيا الحمية.. وأشعل روح القبلية والفزعة على حساب الوطن والأمة.. ولم تكن الطائفة الشيعية هي الاخرى بمعزل عن حالة النكوص بل تقسمت وتجزأت وعادت إلى تنوعاتها المرجعية وظهرت توجيهات الأئمة لصالح البعض والوقوف ضد البعض الآخر.. فالصوت الواحد أحيا انقسام الحسينيات من جديد وأحرق التنوع وقضى على فرص الاختيار وقوة المشاركة.

لقد جلبت انتخابات الصوت الواحد - لنا رغم تعدد المشاركين من جميع فصائل المجتمع - اشكالية التفكك الاجتماعي عند بعض وحدات المجتمع التي لم يكن لها خيار اختيار أكثر من مرشح واحد!

فبعض القبائل في تشاورياتها أخرجت مرشحا واحدا أو اثنين أو أكثر فوجدت عددا آخر خارج السرب لم يخضع لشأن القبيلة مما أضعف قدرتها على النجاح أو شتت أصواتها وما تبع ذاك من تفكك لروح الأسرة ورابطة الدم فضلا عن خسارتها لكرسي القبيلة المزعوم في دائرتها..! والعوائل التي أخرجت مرشحا وجدت مختلفا عنها ومنشقا منها يرغب في النزول وما تبع ذلك من عدوانيات لفظية وقطيعة لن تمحيها الأيام بسهولة.. ومثل ذلك وجدنا في الأحزاب والطائفة التي اختلفت في عدد المرشحين المتعارضة مع انحسار الانتخاب بالصوت الواحد! وما نتج عن ذلك من طعن وشتم وربما قضايا أخرى لا تزال تحت الرماد!

ثالث الاثافي وأخطرها المال السياسي والفساد الذمي والذي اصبح هذه المرة بالمكشوف وعلى عينك يا تاجر! فبيع قواعد انتخابية بالأسماء والأرقام وتداول اسماء الوسطاء وكبسات الداخلية المشهورة والمعلن عنها كشفت عن قيم هابطة واتجاه سياسي يشكل بعض مشاهد حياتنا السياسية.. وقد نبهنا أن البلطجة الدموية والإرهاب وانتشار العدوانية والعنف إنما هي ثقافة تبدأ من ممارسات خاطئة في المجتمع وأحدها لا شك عندي بيع الذمة المالية وموت الضمير الإنساني بين الراشي والمرتشي والساعي بينهما! فمن يهن يسهل الهوان عليه.. ومن سرق دينارا يستحل مئة.. ومن اتبع خطوات الشيطان وقع فريسة له..

نعم نجح التخلف والانتهاز والنمط الجاهلي وسقطت مفاهيم التقدم والحرية والرقي..! نجح التفكك والانشقاق والانكفاء على الذات وسقطت الوحدة الوطنية وتلاحم النسيج الواحد سوى من شعارات باهتة كاذبة يطلقها المتنفعون الذين يخادعون انفسهم!

نجحت قوى المال السياسي نجاح الخاسرين اعمالا في إفساد ذمم البعض وشراء كرامتهم ولعنوا بما فعلوا لتنتشر مع الوقت قيم ضالة من بيع الضمير ورفع المزاد على الوطن المكسور في سوق السياسة الديموقراطي المتبرج..

ان نجاح العرس الديموقراطي وهم مزور نعيشه ونتغنى به ولا يراه سوى من أراد أن يقرأ الحقيقة ولا تخدعه الوان المعاريس!

وان انتكاسة الحياة السياسية لن تعيدها الى الامام سوى المنشطات القيمية التربوية طويلة المدى وصبر على إعادة الحياة فيها من جديد.

 

maltherwa@yahoo.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي