| د. فهيد البصيري |
لا أعرف كيف يحلل السياسيون وتبعهم من الناشطين السياسيين ولفيفهم نتائج هذه الانتخابات وكأنها انتخابات الرئاسة الأميركية، رغم أن هذه الانتخابات ومجلسها محلولة سلفا.
ومن (مسخرات) القدر أن بعضهم يرى أن هذه (الخلطة)، هي الخلطة النموذجية لإخراج الكويت من الظلمات إلى النور ومن القاع إلى اليفاع!
ولا يحلو الحديث عن هؤلاء المحللين إلا من خلال سرد طرائفهم النادرة، ومن هذه أنهم اتفقوا على أن هذه الانتخابات أعطت الأقليات فرصة للظهور لم تكن متوافرة في السابق! وكأن مجلس الأمة يجب أن يكون مجلس محاصصة للطوائف والقبائل والمذاهب، وليس مجلسا يمثل التيارات السياسية التي تمتلك رؤية فكرية وسياسية تهم الشعب الكويتي كافة.
وحتى لا أقسو على هؤلاء، فإنني سأتفق معهم بأن المشاركة كانت خمسين في المئة بعد طلعة الروح، وهو انجاز يحسب لهذه الانتخابات قياسا بالانتخابات السابقة، ومع ذلك بقي هناك الكثير من المقاطعين، وقد تتعدى نسبتهم الثلاثين في المئة وهي نسبة غير قليلة، وتعني والحمد لله أن الحس الوطني بالمصلحة العامة لا زال موجودا وكافيا وزيادة، فلا يوجد وطن كله من الابطال ويخلو من المحتالين السياسيين.
والسبب في الارتفاع النسبي للمشاركة، يعود لعوامل كثيرة، أولها التأثير الديني الذي مارسته القوى الدينية على الناس الاتقياء، كالتيارات الشيعية، والتيارات السلفية، فلا سلطان يفوق سلطان الفتوى الدينية، وثاني هذه العوامل هو فتح خزينة علي بابا، وبدء مشروع الرشوة بإغراء بعض المرشحين وبعض الناخبين للمشاركة، وثالثها الفزعة القبلية القادمة من كهوف التاريخ التي أحياها نظام الصوت الواحد، ورابعها هو المعارضة المراهقة، التي لم تنضج لكي تقدم الإجابة على الأسئلة الرئيسية التي يطرحها عليها أنصارها، والذين تخلوا عنها بعد أن قدموا لها الكثير ولم تقدم لهم من الحلول سوى المقاطعة.
وقد لعبت المشاكل التي تعاني منها المعارضة دورا رئيسيا في ارتفاع المشاركة في الانتخابات الأخيرة، فقد وقفت المعارضة مترددة أمام تقديم تصور واضح ومتفق عليه لكيفية حل الأزمة السياسية المزمنة التي تعاني منها الكويت، مما جعل الناس تذهب للحل الأسهل وهو التغيير من الداخل، وكأنهم حصان طروادة، ومع ذلك سيخيب مسعاهم وسيخيب من رجاهم، فالحكومة المحكومة، تملك خيوط المجلس الجديد ولا أدري كم رقم هذا المجلس، ولكني سأسميه مجلس (القرقيعان) تمييزا له عن المجلس السابق مجلس (ابو طقه)، ومع أن الحكومة فعلت المستحيل لإنجاح الانتخابات الأخيرة إلا أن المشكلة لم تنتهِ و لن تنتهي بل ستتعقد الامور وستشتعل النار بالهشيم.
وأُطمئن المعارضة المتعارضة، فرب ضارة نافعة، فقد ذهب الزبد وبقي ما يروي الكبد. وأقول لها نحن في الصيف، وحطوا ببطونكم بطيخة صيفي، واتركوا التصريحات ولو إلى حين، حتى يرى الناس بأم أعينهم ما قدمت أيديهم وما أخرّت.
fheadpost@gmail.com