| كمال علي الخرس |
من المفترض أن تكون المناسبات والأحداث الوطنية المهمة مثل المشاركة في الانتخابات لاختبار ممثلين للشعب في مجلس الأمة مناسبة لزيادة اللحمة وفرصة للتوحيد، ولا يعني ذلك طمس الهويات، لكن يعني ان يكون الاختيار على اسس الكفاءة وأسس الطرح الواعي البناء.
الناس بطبيعتها تميل إلى القريب منها، او إلى الاقرب فالاقرب، الأقرب في الفكر، وفي المصالح، وفي العرق وفي المذهب، هذا أمر واقع، لكن أن تكون مناسبة الانتخابات مناسبة لتفتيت المجتمع وتوزيعه إلى أعراق بعد ان تم تقطيع اوصاله من قبل بطرق مختلفة، فإن هذه الطريقة سوف تقود وتعزز حالة من التشرذم والتمزق بطريقة لا يمكن معها بناء أوطان.
لا يرغب كاتب هذه السطور ان ينضم إلى حفلة تقسيم المجتمع ويسطر بقلمه اشكال التقسيم العرقي للكويتيين والتي قامت بها جهات مختلفة وساهمت فيها وسائل الاعلام بقصد أو من غير قصد حتى ليخال للمرء وهو يقرأ الخريطة العرقية للكويتيين وكأنه في بلاد الهند من كثرة التنوع العرقي المطروح في وسائل النشر المختلفة، ومرة أخرى ليس المطلوب أن تطمس الهويات والشعور بالانتماء، لكن لا يكون التقسيم لأغراض انتخابية معروفة، وأغراض اخرى لا يعلمها إلا البعض تهدف إلى تفتيت المجتمع الكويتي، لأهداف آنية دون الالتفات إلى خطورة ذلك على سلامة المجتمع وعلى فرص بنائه وتطوره في المستقبل.
تقسيم الناس في بلد صغير حسب اعراقهم انتخابيا أمر مستهجن ومستغرب أيضا فمتى كان العرق يقدم برنامجا انتخابيا، ومتى كان تقسيم الناس حسب اعراقهم يؤدي إلى بناء برنامج وطني متكامل في بلد يعيش وسط اقليم وعالم عاصف تمزقه أيدٍ عابثة عن طريقة استثارة الحس المذهبي والاثني.
كل حزب بما لديهم فرحون، وكل مجموعة تحاول أن تخرج عضو مجلس أمة لها لكي يصبح لها ساعي بريد يلف على الوزارات وينجز المعاملات ولو على حساب المبادئ وعلى حساب الآخرين من الذين لا واسطة لهم، ولا عزاء للإصلاح في البلد. لا بأس أن يدافع النائب عن حق المظلوم ولكن مهمة النائب أكبر من حماية مجموعة أو فئة، انه شخص يمثل الامة ويتابع تحقيق الأهداف الكبرى ويراقب ويشرع.
لعل رعب بعض المواطنين من التيار المعارض الذي كان محاربا للفساد بسبب اخطاء كبيرة ارتكبها، ووجود اعضاء فيه يرفضون الآخر بطريقة قد تهز استقرار البلاد، لعل ذلك جعل المواطن يضحي بالاصلاح ويتقوقع شاء ام ابى تحت ظل عرق لعله يوفر له الامان والاستقرار، ولا عزاء بعد ذلك لشيء اسمه اصلاح.
تفتيت المجتمع إلى اجزاء كل مشغول بنفسه قد يجلب الاستقرار موقتا، لكنه طريق لا يؤدي إلى القضاء على الفساد المستشري، ولا يؤدي إلى اصلاح جذري البلد في حاجة له، وهو بذلك لا يمكن له أن يكون حلا للإصلاح، وباستشراء الفساد فإن مجتمعا مفتتا لا يمكن له أن يحافظ على الاستقرار.
alzoor3@yahoo.com