... تشريع لا تمييع

تصغير
تكبير
المسؤولية تكليف لا تشريف. المسؤولية عمل لا خيبة أمل، إنتاج لا استنتاج، انتقاد واعتراض لا استعراض، تشريع لا تمييع. المسؤولية تعني تغليب مصلحة الكويت والكويتيين على ما عداها، والانسجام مع المبادئ دون توظيفها في دهاليز المصالح الخاصة والسياسات الضيقة. مناسبة الكلام، ما حصل أمس في الجلسة الاستثنائية المخصصة لبحث مشروع حقول الشمال. فهذا المشروع يصح فيه القول، من دون مبالغات، انه الأهم حالياً والمصيري مستقبلاً لما يحمله في طياته من أبعاد اقتصادية وسياسية واجتماعية وأمنية. مشروع الحقول أشبع بحثاً حتى كاد يقتل. خرج من إطاره العام ألف مرة تارة لأسباب شخصية وطوراً لأسباب سياسية. دخل المزايدات في أسواق «الحدود» و«الوجود». ومع ذلك كله، نحترم وجهة النظر الداعية إلى عدم استعجال اقراره قبل تنقيته مما يمكن ان يعتبر مخالفات، لكننا لا نفهم لماذا عرقل النواب عقد الجلسة الخاصة لبحث المشروع بحجة أنهم لا يريدون لضيف عربي أن يحضرها... ومن يقارن بين أهمية الموضوع وهشاشة الحجة يدرك أن ثوب من اؤتمن على المصائر أوسع بكثير من قياس جسمه. لا يجادل اثنان في ضعف السياسات الحكومية وتخبطها وعدم وضوح رؤاها، ولا يجادل اثنان في أن ذلك يرتب مسؤولية أكبر على مجلس الأمة الذي اختار الناس أعضاءه ليكونوا على قدر أهل العزم والمسؤولية. ويعرف الجميع أن جلسة الأمس لم تكن نهائية لأن السادة النواب أقروا بأن الصورة غير مكتملة في ما يتعلق بمشروع الحقول. لكن الجلسة مقررة منذ زمن طويل، ولا يمكن عقدها مجدداً قبل وقت طويل، وامتطى الذين يريدون المماطلة أي حجة أمامهم ـ وصودف أنها كانت حجة وجود السيد فيصل الحسيني ـ للرحيل بعيداً في عالم التأجيل، مع العلم أن هذه الحجة سريعة العطب، فمشاركة الضيف رمزية ووقتها معروف، إضافة إلى أنه كان في الإمكان التصرف الهادئ لحل الموضوع من خلال العلاقات العامة. حجة تعطيل الجلسة لم تنطل حتى على أصحابها، فوراء الأكمة ما وراءها ونخشى أن يؤسس ما حصل لحالة من انعدام الثقة بين النواب والناس الذين اختاروهم للتغيير والتطوير. مجلس الأمة ليس حزباً أو جمعية نفع عام أو ندوة خطابية او حتى جمعية تعاونية... انه بيت الأمة المؤتمن على نبضها وحاضرها ومستقبلها. هذا البيت نريده شامخاً بدوره، كبيراً في مواقفه، وتأجيل بحث مشروع الحقول، الذي يهم كل كويتي، إلى دور الانعقاد المقبل، لا يعكس الصورة التي يريدها الكويتيون من مجلسهم، ويحوّل الأمل إلى خيبة أمل. مرة أخرى: المسؤولية تكليف لا تشريف. رئيس التحرير
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي