مصارحة


فجأة، صار نقاش مفتوح وفي جلسة مغلقة مع نواب اميركيين وقبل اشهر من اليوم، سلاحا استخدمه البعض لاطلاق الاتهامات وتوزيع ادانات وتصفية حسابات شخصية او ... بالنيابة عن آخرين.
نقاش في مطلع يناير الماضي في مكتبي جمعني مع نواب اميركيين، في حضور عدد من الزملاء، كان عنوانه العلاقات الاميركية العربية عموما والكويتية خصوصا، طلب الضيوف ان يكون خاصا ومغلقا وسجلوه لأرشيفهم الخاص، كما قالوا، لضمان سقف عال من الصراحة التي تعودوها كلما التقوا شخصية كويتية سياسية او عاملة في الحقل العام... ثم سرب جزء من النقاش على احد مواقع الانترنت ليتصل مسؤولون من السفارة الاميركية في الكويت بنا معتذرين، لا عن نشر النقاش فحسب بل ايضا عن الانتقائية التي حكمت عملية النشر بحيث «ساحت» معلومات على بعضها واجتزئت مداخلات وردود وظهرت كأنها جزيرة منفصلة لا سابق لها او لاحق.
عموما، وبعد أشهر من القضية بدأت ماكينة اعلامية وغير اعلامية، مهمة ظاهرها تصفية امور شخصية، وباطنها ابعد من ذلك. ماكينة تناولتنا يوميا واسبوعيا بشكل شخصي قبل زيارة النواب الاميركيين وبعدها، ولم نكن نعير بالا لها، لا نحن ولا الاصدقاء والمحبون والمخلصون من اهل الكويت، لأنهم يعرفون «البير وغطاه» كما في التعبير الدارج، لكن ما حصل في الايام الماضية تعدى الشخصي بكل وضوح الى امور اخرى تمس الكويت ونظامها ورموزها وشعبها، الامر الذي يستدعي التوقف عنده.
اولا، نعم حصل نقاش مفتوح وفي جلسة مقفلة كما اسلفنا، تناول شؤون العلاقات الاميركية ـ الكويتية واخطاء اميركا السياسية في المنطقة وبعض اخطائنا ككويتيين تجاه مسائل الاصلاح والديموقراطية وتطوير الحياة السياسية، وفي النقاش المفتوح الذي علمتنا اياه الديموقراطية الكويتية من الدواوين الى اكبر سلطة في القرار، تقال اشياء كثيرة بعضها من باب التفكير بصوت عال، وبعضها الآخر من باب تسليط الضوء على مشكلة، وكثيرا ما يرمي المحاور كلمة ليستدرج ردا واضحا غير ديبلوماسي... وعلى هامش ذلك كله قد يحصل شطط في التعبير او مبالغة في التشخيص، لكن هذا الشطط أو تلك المبالغة يبقيان داخل جدران غرفة اللقاء، طالما انه خاص وغير معلن، ويصبحان في خانة الخطأ اذا تم تسريب هذا الحوار من جهة وفي خانة الخطأ الاكبر اذا تم العرض بشكل انتقائي، وهو الامر الذي نتحمل بكل شجاعة مسؤولية عدم الانتباه له ويتحمل الضيوف بكل واقعية مسؤولية نشره واجتزائه.
ثانيا، ان اللقاء كما قلنا جرى قبل اشهر ثم «بعث» من جديد اليوم داخل الكويت لاهداف تتجاوز التشهير بنا شخصيا، وهذه الاسباب يعرفها اصحابها والمحركون الحقيقيون لها، فما قاموا به من نشر مستمر وتكرار لعبارات بعينها عمم الاساءة العامة وكل ذلك بحجة التصويب علينا شخصيا.
ثالثا، اكرر انني اتحمل بكل شجاعة مسؤولية اي خطأ ورد في اللقاء، بل اعتذر من كل كويتي وكويتية بدءا من صاحب السمو الامير حفظه الله، اذا اصابهم الضيق مما نشر ولو بشكله الموجه او التحريضي، فالكويت هي الاصل وهي بلدي والكويتيون اهلي والنظام فيها مفخرة للدول القريبة والبعيدة ولا احتاج لشهادة احد في ذلك، كما ان الكويتيين اكبر من شهادتي... والامر موصول للاشقاء والاصدقاء والجيران الذين تعمدت الحملة علينا اظهار مواقفنا تجاههم بغير ما هي عليه من تقدير واحترام.
رابعا، وعلى رغم ان من نشر وعمم الاساءة احيل الى النيابة، وبما ان اسمي قد ورد في كتاب الاحالة، فان ذلك يتيح لي الفرصة للوقوف امام القضاء للادلاء بدلوي وايضاح ملابسات القضية برمتها، فالقضاء درع الكويت وحصنها الحصين وضابط مؤسساتها وحامي ديموقراطيتها.
كما سأتوجه ايضا الى القضاء لحفظ حقوقي الشخصية بعد هذا المسلسل الطويل من الاساءات الذي لم يتوقف منذ اكثر من عام.
خامسا، كنا نلمس الحقد الشخصي من بعض الجهات وادواتها منذ فترة طويلة، حقد تجلى في التهجمات والاتهامات ووصل حدود توزيع مناشير ليلية اصحابها معروفون بلغتهم الركيكة ونفسيتهم الركيكة والبصمات الواضحة، لكن آخر ما كنت انتظره ان يعمي الحقد الشخصي هؤلاء وينتقلوا من القصف المركز الى العشوائي فتتجاوز الشظايا حدود مؤسستنا الى الديرة والاهل والرموز التي نجل ونحترم، بل بلغ هذا القصف العشوائي مبلغا زج معه الحاقدون في خصومتهم لنا باسم صاحب السمو امير البلاد حفظه الله.
«فأما الزبد فيذهب جفاء واما ما ينفع الناس فيمكث في الارض» ... صدق الله العظيم.
جاسم بودي