الديبلوماسية الكويتية... قمة


الديبلوماسية الكويتية قبل قمة عمّان وخلالها كانت,,, في القمة، كانت سلاحاً كويتياً بامتياز واجه آلة اعلامية وسياسية عراقية ضخمة تتحرك في منطقة «العاطفة» العربية المنكوبة بالانحياز الدولي لإسرائيل.اربعة محاور كانت ميدان هذه الديبلوماسية, الأول في الخليج والثاني على مستوى العلاقات الرسمية العربية، والثالث على مستوى الشارع العربي، والرابع في الكويت نفسها, أما الهدف فهو إظهار أن النظام العراقي هو الذي لا يريد رفع الحصار عن شعبه.خليجياً، ذهبت المرونة الكويتية تجاه ما يتعلق برفع المعاناة عن العراقيين حدا جعل الأوراق المشتتة هنا وهناك تلتف مجدداً حول موقف موّحد عبّر عنه بيان وزراء الخارجية الخليجيين في الرياض مباشرة قبل القمة, وكان الطرح واضحاً لجهة ضرورة عدم اظهار الكويت وكأنها تقود تيار «الصقور» في مواجهة تيار «الحمائم»، فالنظام العراقي لا يستهدف نظاماً معيناً أو أرضاً معينة، وإنما المنطقة باسرها، وجردة سريعة للخطاب الإعلامي والسياسي العراقي خلال السنوات الأخيرة تظهر حجم النيات تجاه دول الخليج مجتمعة.ويذكر في هذا الاطار أن ما وافقت عليه الكويت في الورقة الخليجية التي تحولت ورقة عربية، يتجاوز بمراحل «المبادرة القطرية»التي سميت أفكاراً ونصت على رفع الحصار عن العراقيين بعد أربع مراحل.كما يذكر أن الزيارات المكوكية التي قام بها وكيل وزارة الخارجية خالد الجارالله الى عدد من العواصم الخليجية ساهمت في بلورة المواقف المتقاربة.وعلى المستوى الرسمي العربي، سمع وزراء الخارجية العرب في اجتماعاتهم التحضيرية في القاهرة من وزير الدولة للشؤون الخارجية الشيخ محمد الصباح خطاباً مشابهاً للخطاب الذي يتحدثون به، واستاؤوا كثيراً من ردود فعل وزير خارجية العراق محمد سعيد الصحاف الذي كان الشيخ محمد يخاطبه بـ «معالي الوزير» وهو يستخدم عبارات غير لائقة.وفي الجولة التي قام بها النائب الأول لرئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ صباح الأحمد، سمع القادة العرب، حرصاً كويتياً دائماً على الالتزام بميثاق جامعة الدول العربية وضرورة قيام عهد جديد في العلاقات بين الدول العربية لمواجهة تحديات الداخل والخارج, حتى ان بعض القادة قال لوزراء شاركوا في اللقاء مع الشيخ صباح ان ما تطرحه الكويت متقدم على طرح دولته في ما يتعلق بالقضية العراقية.وكان اكبر دليل على نجاح جولة الشيخ صباح العربية الحملة المسعورة التي شنتها وسائل الإعلام العراقية عليه.وعلى مستوى الشارع العربي، خاضت الديبلوماسية الكويتية بالتناغم مع هيئات وزارة الإعلام، حرب مواجهة حقيقية للخطاب العراقي، واستطاعت تسجيل اختراقات كبيرة من خلال توضيحها لمواقفها الداعمة للانتفاضة الفلسطينية والمنددة بفكرة نقل السفارة الاميركية إلى القدس، والرافضة للأعمال العسكرية تجاه العراق من خارج قرارات مجلس الأمن، والكيل بمكيالين في قضيتي العراق وفلسطين، والمتحفظة عن سياسة العقوبات الجديدة، وكان الشيخ محمد الصباح طالب في لقاءات تلفزيونية وإعلامية بـ «استراتيجية ذكية» بدل «العقوبات الذكية».وعلى مستوى الكويت، كانت الحقوق والسيادة والاستقلال والأسرى والمفقودين والأمن,,, عناوين الديبلوماسية التي قادها الشيخ صباح الأحمد، رافضاً التنازل عن أي منها، ويشهد جميع الذين حضروا لقاءاته مع الزعماء العرب خلال القمة على الصلابة التي تحدث بها خصوصاً الشعار الذي كان يرفعه عند كل محاولة لتليين موقفه: «الكويت فوق كل اعتبار»، ليخرج النص المتعلق بـ «الحالة بين العراق والكويت» متضمناً كل هذه العناوين التي رفضها العراق, ولم يدرج بند الحالة في البيان الختامي للقمة التي أعلن الصحاف أنها «فشلت».
«الرأي العام»