ارفعوا أيديكم عن الجامعة


ثروة الدول الحقيقية تقاس بعقول أبنائها وقدرتهم على إدارة شؤون حياتهم بأساليب وأنظمة عصرية ومتطورة.
نفط بلا إدارة وطنية سلعة خارج السيادة الوطنية.
واستثمارات بلا إدارة وطنية أشبه بإدارات تجارية لمصالح خارجية.
ومؤسسات ومرافق بلا إدارة وطنية سليمة عملية خطف حقيقية للأجيال واحتجاز مستقبلهم رهينة.
ووطن بلا جامعة عصرية ومتطورة يستحيل أن ينتج إدارة وطنية.
معادلة مترابطة، مناسبتها العيد الـ 35 لجامعة الكويت، مناسبة يجب ألا تقل أهميتها عن أهمية أي حدث آخر يتعلق بالكيان والمصير. فهنا المقياس الحضاري للاستقلال، وهنا الرهان الفعلي للتطور، وهنا البرهان على أننا شعب استحققنا إدارة دولة ومستقبل.
جامعة الكويت هي الكويت الجامعة، نموذج مصغر لدولة ومجتمع، ساحة لقاء، ومنبر متقدم للحريات، وصرح علمي، ورسالة إنسانية واضحة لمستقبل متجدد.
الجامعة لا تخرج طلاباً فقط وإنما صناع قرار في مختلف المجالات: سياسيين ونقابيين وصناعيين وتربويين واقتصاديين ومصرفيين وأكاديميين وحرفيين وتجاراً ومهندسين وأطباء ومديرين وإعلاميين... والبيئة التي تنتج هؤلاء أهم بكثير من شهادات تخرجهم.
الجامعة اليوم، مثل أي جامعة أخرى، تعاني من مشاكل كثيرة وتحتاج إلى دعم كبير لكل مرافقها، لكن أصعب همومها يكمن في المحاولات المستمرة لإدخالها سوق المزايدات السياسية، وبالتالي تسييس طابعها الأكاديمي تمهيداً لإضعافها.
بقاء الجامعة قوية شامخة، هو في حد ذاته فعل سيادة وصمام أمان للحياة السياسية والاجتماعية الكويتية، فهي المعبر الضروري للمستقبل مهما حاول كثيرون «تفخيخ» هذا المعبر بمختلف أنواع المتفجرات السياسية والحزبية الضيقة.
هي المنطقة الحرة التي نريدها أن تتطور خارج أسوار السجال النيابي - الحكومي الذي يبدو أنه أصبح عنواناً لحياة سياسية لا مساحات فيها إلاّ لغيره.
هي المخزن الأساسي للثروة الحقيقية التي نريدها نقية نظيفة، فلا غسيل أموال ولا غسيل أدمغة ولا تهريب ولا سرقات... فعندما تقاس الأمم تقاس بعقول أبنائها وعلمهم وخبراتهم وثقافتهم وتطورهم.
الحرب على الجامعة هي عملياً حرب على الكويت... ارفعوا أيديكم عنها.
رئيس التحرير