صوت صباح الكويت

تصغير
تكبير
قبل غزو العراق للكويت قاد «وزير الخارجية» صباح الأحمد مهمة عربية لحل الأزمة اللبنانية تمخض عنها لاحقاً اتفاق الطائف الذي وضع حداً للحرب وأعاد لبنان الى خريطة الاستقرار والبناء. وبعد تحرير العراق قاد «رئيس الوزراء» صباح الأحمد مهمة كويتية وعربية وإسلامية، مازالت في بدايتها لتثبيت تحالفات ونزع فتائل ألغام والمساهمة في رؤية أوضح لحلول عادلة. قبل المهمتين، عشرات الأدوار الكويتية لخدمة قضايا العرب والمسلمين. وبين المهمتين 13 عاماً غدر فيها من غدر وعبر الحدود من عبر، فانكفأت نسبياً الأدوار الخارجية لمصلحة إعادة الكويت إلى خريطة الاستقرار والبناء. أما اليوم فالتجربة صقلت الأولويات، والتحولات نظمت الخطاب السياسي الكويتي وانضجته، والخبرات التي تراكمت في ذاكرة وملفات ومواقف صباح الأحمد قطعت ثلاثة أرباع الطريق إلى علاقات أفضل مع العالم. بين التعاطف والتضامن بلا حساب مع قضايا العرب والمسلمين من جهة، ودعوات الانكفاء والتعاون بــ «حساب» من جهة ثانية، اختط الشيخ صباح طريقاً وسطياً في زيارته للولايات المتحدة، رفع فيه شعار «الكويت أولاً» من دون التقصير في طرح القضايا الأخرى، عربياً وإسلامياً، بنخوة... وواقعية. كويتياً، حمل الرجل همّ تحصين العلاقات الثنائية بالصراحة من موقع الصداقة، وهمّ تثبيت الأمن من خلال الاتفاقات الموقعة، وهم تطوير الاقتصاد من خلال المنطقة الحرة وحصول رجال الأعمال الكويتيين والشركات المحلية على امتيازات خاصة في عقود إعمار العراق، وهمّ الكويتيين سواء كانوا طلاباً يريدون حل مشاكل التأشيرات والتسجيل الدراسي أو محتجزين في قاعدة غوانتانامو. خليجياً، اختصر الشيخ صباح تصوراته بنقطتين: تعزيز استقرار المنطقة داخلياً وتنقية الأجواء المحيطة بها خارجياً. من هنا انتقد الحملة على السعودية داعياً إلى مساعدتها في حربها على الارهاب لا مساعدة الارهاب في حربه عليها، ومن هنا أيضاً دعوته إلى انفراج العلاقة الأميركية - الإيرانية ومقابلة الأصوات المعتدلة في منتصف الطريق، ونصائحه لتثبيت استقرار الوضع الداخلي العراقي، وهي النصائح التي وصلت بتفاصيلها مع مسؤولي وزارة الدفاع الأميركية حد التمني بدفع رواتب عناصر الأجهزة العسكرية العراقية في أوقاتها ومن دون تأخير. عربياً، خاطب الشيخ صباح الأميركيين بلغة واقعية يستطيعون التفاعل معها، لغة المصلحة المشتركة بالاستقرار والتنمية. كما ناقش الجهات التي طلبت وساطته في طلبها، متمنياً - بديبلوماسيته وخبرته - أن يكون معقولاً ومنطقياً، تسقط منه الشعارات والمناورات وتعلو فيه حسابات الفائدة. هكذا تحدث في الشأن الفلسطيني موافقاً على بعض الملاحظات الأميركية حول تعدد الأجهزة الأمنية وغياب القرار في الوقت الذي تعارضت تماماً وجهات النظر حول الممارسات الاسرائيلية التي رأى أنها المعطل الحقيقي لقطار السلام. وهكذا تحدث في الشأن السوري ناقلاً رغبة في علاقات أفضل، وحاملاً في المقابل نصائح لخريطة الطريق إلى هذه العلاقات. إسلامياً، بقي الخطاب الكويتي على سلاحه رافضاً محاولة دوائر أميركية وإسرائيلية وضع المسلمين جميعاً في سلة واحدة مع حفنة من الارهابيين، وكرر الشيخ صباح في واشنطن ونيويورك أن نجاح الجهد الدولي في القضاء على الارهاب يتوقف إلى حد بعيد على مدى قدرة المجتمع الدولي على التعامل مع القضايا والتحديات التي أصبحت تشكل مصدراً لليأس والبؤس والاحباط والضياع والشعور بالظلم، طارحاً مجموعة من الأفكار بدءاً من عدل أكثر لمواجهة الاحتلال والقهر وانتهاء بعدل أكثر لمواجهة الفقر. خطاب الكويت في محافل العالم عنوان مساحتها الحقيقية، عنوان القيادة التي تتخذ قراراتها لمصلحة بلدها ومواطنيها أولاً وما تعتقد أنه الأفضل لمصلحة الشأن العربي والاسلامي ثانياً، وتعتمد الواقعية مذهباً سياسياً تحت سقف الثوابت الوطنية والقومية والدينية ثالثاً. قد لا يعود الشيخ صباح من الولايات المتحدة بحصاد وفير وفوري، فالمهمة مازالت في بدايتها، المهم أن الكويت عادت إلى دورها بواقعية أكبر وفاعلية أقوى... وهذا هو الحصاد. جاسم بودي
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي