شرم الشيخ ... مهمتنا أولاً

تصغير
تكبير
هل كان يجب أن نمضي أيامنا في إحصاء عدد قتلانا لنكتشف أن الإرهاب يستهدفنا بالدرجة الأولى، ولو كانت ضرباته بعيدة المدى؟ وأن محاربته مسؤوليتنا أولاً وأخيراً؟ من فجَّر نفسه في مجموعة أطفال في العراق ومن فجَّر نفسه بين مدنيين أبرياء في لندن، ومن فجَّر نفسه أمام مواطنين مصريين وسياح أجانب في شرم الشيخ ... شخص واحد وإن تعددت الوجوه والجنسيات. والضحايا نحن، سواء أكان القتيل عربياً ومسلماً أم غربياً مسيحياً يعيش معنا في ديارنا، أو نعيش معه في دياره. عملية شرم الشيخ لخصت ذلك، فهي هدفت الى ضرب العصب المالي لأكبر دولة عربية، وإضعاف جهود قادتها في مواجهة المصاعب الاقتصادية، وإفراغ مخططات التنمية من رصيد كان ملحوظا لتطوير هذا المرفق او ذاك، ناهيك عن المحاولة الدائمة لزعزعة استقرار مصر والاساءة الى مكانة اجهزتها الامنية، وبالتالي إضعاف دورها المحوري في المنطقة، الدور العاقل، الدور الصلب، الدور المركزي في حل الخلافات وترتيب الحلول السلمية، ووضع آلية لتنفيذها... وليس سرا ان المسؤولين المصريين هم الابطال الحقيقيون للانسحاب الاسرائيلي التاريخي من غزة، وهم الذين وصلوا الليل بالنهار من اجل وحدة الموقف الفلسطيني من جهة، وضمان التزام الجانب الاسرائيلي بتعهداته من جهة اخرى. وليس سرا ايضا ان المتضررين من الدور المصري لا يريدون لمناخه ان يتعمم الى اماكن اخرى في المنطقة، وأفكار اخرى واستراتيجيات اخرى. هو الإرهاب ونحن ضحاياه، القاتل واحد، يحمل جواز سفر اسود وفكرا اسود، والقتلى يحملون جنسية واحدة... جنسية الابرياء المسالمين الذين وجدوا انفسهم فجأة وقودا لمخططات شيطانية. هو الارهاب ونحن ضحاياه، اخطأنا عندما تركناه يحبو بين ظهرانينا، وعندما حولنا المنابر جزرا فكرية معزولة للقادمين من هذا الانغلاق وذاك الظلام، وعندما أرسلنا اولادنا الى مدارس التكفير فتخرجوا انتحاريين بامتياز، وعندما اطعنا ولي الامر الاميركي وارتضينا ان نكون حصانا في رقعة الحرب الباردة، وعندما خاننا التقدير بعد انتهاء الحرب الباردة، وعندما اعتبرنا مواجهة التطرف مهمة مقدسة للعم سام وحده بكل اخطائه وخطاياه، وعندما حشرنا شعوبنا في معادلة مزدوجة: تسهيل مهمات الاميركيين وتسهيل مهمات «مقاوميهم»، وعندما هلل بعضنا لانتصار مارينز هنا وانتحاري هناك... والنتيجة اننا صرنا اسرى مرحلة لا نعرف معها إلا الخسارة والخسارة والخسارة. هل نجلد ذواتنا؟ أبداً على الإطلاق، فالأمور لن تتغير حتى نغير ما بأنفسنا، والموجة لن تنحسر ما لن تصبح مواجهة الارهاب مهمتنا اولا مهما كان الثمن، ونظرة عميقة لما حصل امس في شرم الشيخ تكشف حجم اهداف الارهابيين وحجم... تقاعسنا. اذا اخذنا المبادرة ـ كل في موقعه ـ يمكننا القول: غداً يوم جديد. وإذا بقينا في دائرة التنديد والانتظار يمكننا دائما القول: غدا انفجار جديد وحزن جديد وتراجع جديد وتخلف جديد. إنه خيارنا المتأرجح بين خطوط الامن وحدود المجازر... ولا حياد في ذلك. جاسم بودي
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي