نحن والفلوجة والنجف . . . السيف سيد المرحلة


حتى الآن، يبدو ما يحدث في الفلوجة والنجف وما بينهما هو الاقرب للنظام العربي الحالي والقادم، تشبيها وتعميما، من النظام الديموقراطي التعددي الذي تحاول أميركا أن تقنع نفسها وتقنعنا انه سيسود العراق ويُعمم على الشرق الاوسط.
وحده العاجز والمتخلف والمريض نفسيا هو الذي يرفض ويقاوم نظاما عربيا حرا وديموقراطيا في العراق وغير العراق... لكن الغبي وحده هو من يرفض النظر إلى الأمور بمنظار واقعي.
التفاعل العربي مع ما يحصل في الفلوجة والنجف وما بينهما، اكبر بكثير من التفاعل الذي واكب اعادة بناء النظام العراقي على اسس ديموقراطية تعددية، فبعض العرب ارسل مقاتلين بدل ان يرسل خبراء قانونيين ودستوريين للاستفادة والافادة، وبعضهم الآخر جند وسائل اعلامه في خدمة التطرف بدل ان يعطي القليل القليل لصورة الاعتدال ، وكثيرون هللوا للعمليات العسكرية حتى وان حصدت مدنيين واطفالا على اساس ان كل ارباك للمشروع الاميركي هو انتصار لهم وعلى اساس ان الدم سلعة لا بأس من تقديمها في خدمة هذا الشعار او ذاك او هذه القضية او تلك.
والتفاعل العربي مع ما يحصل في الفلوجة والنجف وما بينهما اعاد تظهير الصورة الحقيقية للعرب... صورة الانقسامات الطائفية والمذهبية والولاءات الضيقة التي يحاولون عبثا تغليفها بشعارات الوحدة والاتحاد و«الارتقاء الى مستوى التحديات» ، وها هي خطب المساجد من المحيط الى الخليج تتحدث عن الفلوجة اذا كان الخطيب سنيا وعن النجف اذا كان الخطيب شيعيا، وها هي القوى السياسية ايضا في المستنقع نفسه، فالفلوجة «خط نارواستنهاض» للقوى السنية داخل العراق وخارجه والنجف «خط احمر» بالنسبة للقوى الشيعية داخل العراق وخارجه.
بين الفلوجة والنجف طريق يشبهنا ونشبهه، قوى كبرى متعثرة غبية صلفة لا تستطيع الخروج من شعاراتها ولا تعرف سبيلا الى تصحيح الخطأ إلا بمزيد من الخطأ، وقوى محلية لا مشروع لديها سوى ردود الفعل والمواجهة حتى وان حصد غيرها النتائج. وعلى هامش السجال بالنار، صراع على السلطة بين سلطات «رسمية» واخرى «شعبية»، وصراع بين سلطة دينية وقوى امر واقع تلتزم عباءتها اذا ايدتها وتخرج عليها اذا عارضتها، وصراع على النفوذ بين داخل وداخل، وخارج وخارج، يرتدي اللبوس الديني والطائفي من اجل حشد الشارع ويقدم للشبان الدم قبل الامل وفرص العمل.
حتى الآن، ليس بعيدا عن واقعنا ما نراه بين الفلوجة والنجف... البعيد ما نسمعه عن عراق ديموقراطي تعددي ، والخوف كل الخوف ان تستسلم النخب العربية الرسمية والشعبية لخيارين لا ثالث لهما: الضرب بسيف اميركا او ضرب اميركا بالسيف، فالخياران نتائجهما سلبية واسوأ ما فيهما ان السيف يبقى سيد المرحلة.
جاسم بودي