لماذا صباح الأحمد؟

تصغير
تكبير
قلما عرفت الكويت قامة ديناميكية كقامته وهدوءا وروية كرويته، فهو جاور الأمير الراحل الشيخ جابر منذ نعومة أظفاره وكان معه في كل تفاصيل التجربة، ورافق سموالشيخ سعد العبد الله أطال الله في عمره في كل مراحله مخلصاّ أميناّ يضيء له طرق العلاقات مع العالم ويستفيد من آرائه وتوجيهاته. باختصار كان للرجل دور محوري في كل مفاصل الحكم، حفظ تاريخ السياسة الكويتية مع العالم عن ظهر قلب ثم تحول مدرسة حقيقية للديبلوماسية العربية يلجأ إليها كل طالب استشارة ونجاح، وعاش السياسة المحلية الكويتية بكل اقتدار منذ أن فوض الإدارة الفعلية لدفة الحكم إثر مرض الراحل الكبير الشيخ جابر والوضع الصحي المؤسف لسمو الشيخ سعد العبدالله، فمزج بين تقاليد الحكم والرؤية العصرية له سائراً في دروب شديدة الحساسية بين متطلبات الداخل المتمثلة بالضرورات التنموية وتطوير النظام السياسي من جهة وبين تحديات الخارج التي زاد سعيرها نظام صدام حسين وسياساته. هكذا كان وضع الشيخ صباح في مسيرة الحكم الفعلي للأمور، عين على التنمية والتطوير وقلب على الوطن من تهديدات الخارج، حتى إذا ما سقط نظام صدام حسين قاد الرجل ورشة عمل تنموية حققت في أشهر إنجازات كبيرة وكأنه كان ينتظر بشغف تبريد جبهة الشمال لإشعال جبهات التنمية والتطوير... ومن ينظر إلى الكويت بين عامي 2003 و2005 يلمس الفارق الكبير ليس في البنيان والمرافق فحسب وإنما في التشريعات والقوانين المتعلقة بالإصلاح الاقتصادي والتنمية الاجتماعية، وهي التشريعات التي بقيت شغله الشاغل وإن اضطره الأمر إلى القيام بجولة طويلة على الدول الناجحة في هذه المجالات متقصياّ ظواهر التجربة وبواطنها للاستفادة منها ما أمكن في مختلف المجالات. أما على صعيد تأصيل الديموقراطية وتطوير الحريات العامة فيكفي الشيخ صباح أنه قاد باقتدار ما بعده اقتدار معركة حصول المرأة الكويتية على حقوقها السياسية وأنه يقود معركة ناجحة لإقرار قانون جديد للإعلام يوسع فيه الهامش الإعلامي، وأنه منفتح على كل الصيغ الكفيلة بتحسين النظام السياسي، من قانون الانتخاب إلى قوانين المشاركة الشعبية في مختلف الأطر والهيئات والجمعيات والنقابات. وقبل كل هذا وذاك فالشيخ صباح الأحمد هو رجل الحوار الأول بلا منازع، يستمع للنقد قبل المديح، ويعترف بالخطأ قبل الجميع، يجادل بالتي هي أحسن دائماّ حتى لو لم يتمكن من إخفاء غضبه أو امتعاضه، ثم تنتهي كل الإشكالات حين تحضر مصلحة الكويت والكويتيين ويقفل الشيخ صباح محضر النقاش بابتسامته المشهورة تقابلها قبلة من الطرف الآخر على كتفه أو جبينه. وفي انتظار سمو الشيخ صباح الأحمد الكثير الكثير لإنجازه والكثير الكثير من التحديات والكثير الكثير من ورش العمل لتطوير هياكل الحكم وتطوير النظام وتكثيف المشاركة الشعبية، وكأننا بكل قبلة مبايعة طبعت على كتفه أمس رغبة في تحميله مسؤوليات جديدة لم يكن ليدير لها ظهره منذ أن تولى العمل في الشأن العام. ويا صباح الأحمد، يا من كنت وستبقى صوت الكويت وصورتها، حكمتك هي المطلوبة أكثر من أي وقت مضى لإغلاق ملفات فرضتها جملة ظروف لا داعي للحديث عنها مجددا، ورؤيتك هي المطلوبة أكثر من أي وقت مضى لطي صفحة وفتح أخرى، وعزيمتك هي المطلوبة أكثر من أي وقت مضى للمضي قدما في ترسيخ التجربة الكويتية النموذجية في المنطقة، تجربة العهد والعقد بين الحاكم والمحكوم... عهد المبايعة وعقد الشراكة. لأنه القوي الأمين، القوي بالكويت والأمين عليها. جاسم بودي
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي