الصوت أميركي والصدى نازي


لم ترغب الولايات المتحدة في جعل قضية الشرق الأوسط أولوية، غابت الادارة الجديدة طويلا عنها ولم تعلن سياسة واضحة تجاهها. اختارت التعبئة سياسة والشعار مبادرة وتركت لموازين القوى ان تحدد من هو المنتصر ومن هو المنهزم، ثم تركت للمنهزم خيارا واحدا هو ان يموت شهيدا بدل ان يكون قتيلا وبدأت تحاسبه على «إجرامه»، وتحاسب العرب حتى على... ذرف الدموع عليه.
والسياسة عملية تعبئة يومية: الشهيد قاتل، القاتل ضحية، الاحتلال أمن، الأمن استسلام، المقاومة ارهاب، شارون رجل سلام، مقتل وزير اسرائىلي «مجزرة»، مجزرة جنين «حادث»، اغتيال ابو علي مصطفى «مؤسف»، خطف جندي «أزمة دولية»، خطف شعب بكامله «ضرورة أمنية»... ومن يزرع غير ذلك فسيحصد الوهم.
مجازر الإسرائىليين تحتاج الى ادلة كي يتم الحديث عنها، كما قال سيد البيت الأبيض دفاعا عن فعل شارون الأسود، أما العرب فعليهم قمع مشاعرهم حيال ما يجري وإلا اعتبروا مشاركين في الارهاب.
رسالة سيد البيت الأبيض واضحة، صوتها أميركي وصداها نازي، الحقائق تُقلب ثم تُكرر وتُكرر وتُكرر منتجة حال تعبئة تشكل السقف السياسي لصاحب المطالب، وكم كان «لائقا» زعيم القيم الديموقراطية في العالم وهو يتلو مطالبه على العرب، حين تجنب عبارات مثل: دمهم أغلى، عظمهم أفضل، عرقهم أرقى...
ويا سيد البيت الأبيض، يا سيد النظام الدولي الجديد، حفظنا الدرس عن ظهر قلب لكننا لن ندرجه في مناهجنا.
في مناهجنا كامب ديفيد وأوسلو وواي بلانتيشن، لكن فيها أيضا دير ياسين وكفر قاسم ومدرسة بحر البقر وصبرا وشاتيلا وقانا وجنين ونابلس ورام الله... وهذه طبعا لا تحتاج الى أدلة فهي موثقة اسرائىليا أيضا، ويمكنك الاطلاع على محاضر لجنة كاهان الاسرائىلية لتعرف من هو شارون رجل السلام الذي لا رجل سواه لديك.
... والخطورة كل الخطورة ان فاشيي العصر في اسرائىل لا ينتظرون من سيد العالم سوى ذلك الصدى لترجمته مجازر جديدة.
لا وهم لدينا في أن الحقائق ستبقى مقلوبة ما دام السيف هو الحقيقة الوحيدة في يد شارون وحليفه الاستراتيجي، لكن التاريخ علمنا، وهذا في صلب مناهجنا، ان الدم ينتصر على السيف بقوة الارادة والشهادة.
لا وهم لدينا، ولا نطلب من بوش الانتصار للفلسطينيين بل الانتصار للقيم الأميركية، فبعض العدل أفضل من غيابه، وتصحيح المناهج في المقرر السياسي للادارة تصحيح لموازين الحق، وعودة الحقائق عودة لروح السلام في المنطقة والعالم.
رئيس التحرير