أبو ... بهاء لبنان

تصغير
تكبير
اغتيال رفيق الحريري قصة اكبر من ان تدرج في اطار الاغتيالات العادية التي شهدها لبنان، فقامة الرجل تتجاوز بلده، ودور الرجل لا تحده حدود عربية او دولية، وقيمة الرجل تتعدى موقعه السياسي الى مواقع السلم والتنمية والبناء والاعمار والاستقرار والتعايش. كان الحريري جسر السلام بعد الحرب وجسر الاعمار بعد الهدم وجسر التعايش بعد الانقسام وجسرا بين لبنان والعرب بل جسرا بين العرب والعالم. كان على نقيض الحرب في كل شيء لذلك سار في حقول ألغام متعددة متشابكة لأكثر من عقدين الى ان انفجر آخرها به امس...وربما تجاوزت شظايا الانفجار سيارة الفقيد الى لبنان بأسره. اعتبر استقرار لبنان وسلامه وتنميته واعماره ورفعة انسانه وعلاقاته العربية جزءا من الامن القومي العام، لم تهن له كرامة، لم تحن المحن ظهره، لم تثقل الاعباء كاهليه... حارب كل محاولات الشقاق بين اللبنانيين بعزيمة وبصيرة، وكل محاولات الشقاق بين لبنان والعرب بأريحية «اهل البيت» فقد كان، رحمه الله، واحدا من اهل بيت القادة العرب، وهذا الموقع كان كفيلا حل اي خلاف او سوء تفاهم بين لبنان والعرب يمكن ان يتسبب فيه هذا الطرف او ذاك بحسن نية او بسوئها. ولم يكن الحريري طرفا لبنانيا، كان مقاما سياسيا واعتباريا جامعا لكل الاطراف، لم يمثل فئة، كان حكما بين فئات متضادة، ولم ينشئ محورا مع هذا الفريق العربي او ذاك انما كان الفضاء العربي محوره والعلاقة الجيدة بين العرب والعالم هاجسه، فهو احد القلائل الذين اتقنوا لغة العالم وفهموا معطياته. كبيرا كان في دوره، ديموقراطيا كان في ممارساته، انسانيا كان في تحركاته، عظيما كان في اهدافه، اولها لبنان وآخرها لبنان... وربما كان ذلك السبب الرئيسي لاغتياله. رحمك الله يا ابا بهاء، يا بهاء لبنان والعرب، واسكنك فسيح جناته والهم اهلك ومحبيك الصبر والسلوان. جاسم بودي
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي