للبـحـرين عـرس وللكـويـت درس


من البحرين هذه المرة عرس ودرس، عرس ديموقراطي حقيقي قوامه عزم ثابت على السير في طريق التقدم والتطور والتنمية وحقوق الإنسان، ودرس لنا في منظومة مجلس التعاون الخليجي وتحديداً... في الكويت.
البحرين دولة صغيرة، وقدر هذه الدول دائماً أن تعوض صغر مساحتها بكبر رسالتها وعميق قيمها، وإلا خسرت مكانها بين الأمم. والقدر قدر، مهما وضعت الظروف الإقليمية والسياسية و«الرياح الخارجية» حواجز وسدوداً على طريق العيش تحت كنف تلك الرسالة.
هنا، كان لابد من الديموقراطية والتعددية والانفتاح داخلياً وخارجياً لتكوين الثروة الحقيقية لمستقبل الأجيال، وتأمين مشاركة شعبية حقيقية في القرار السياسي عبر مجلس بلدي منتخب وبرلمان منتخب مع إعطاء المرأة، نصف المجتمع، حقوقها السياسية.
وهنا، كان لابد من تطوير النظام السياسي في اتجاه ملكية دستورية، يكون الدستور فيها هو اليد اليمنى لملك عادل.
وهنا، كان لابد من أجهزة رقابة ومحاسبة مستقلة مصونة من تدخل السلطات وقادرة على ممارسة دورها لخدمة المواطن وحماية الوطن وصون سمعته. فوطن لا أجهزة رقابة فيه لا أفق اقتصادياً له.
وهنا، كان لا بد من فصل السلطات مع إعطاء المواطن حق الطعن أمام المحاكم الدستورية.
وهنا، وهو الأهم، كان لابد من رؤية مستقبلية مبنية على دراية عميقة بمشاكل الحاضر وعلى قراءة سليمة للظروف الاجتماعية والسياسية إقليمياً ودولياً، وعلى مواكبة حثيثة لروح العصر. وبهذا تتقدم القيادات الشابة صفوف الحكم بعزم واقتدار فتجدد شبابه وشباب الوطن.
ومن العرس درس، بل دروس. فقد أدركنا في الكويت أن ثروتنا الحقيقية ليست في نفطنا فحسب، بل في الحرية والتعددية وحقوق الإنسان، وفي رسالتنا الحضارية إسلامياً وعربياً ودولياً، وفي قيام الدستور وصونه وتطويره ليتماشى مع ضرورات العصر، وفي تفعيل أجهزة الرقابة والمحاسبة وتعديل الأنظمة والقوانين الاقتصادية لاجتذاب الرساميل وتوسيع الاستثمارات وتسريع عجلة الإنتاج...
كنا ندرك ذلك كله وكنا، فعلياً، الدولة الوحيدة في الخليج القادرة على إصابة غيرها بـ «العدوى الإيجابية» لهذه القيم، لكن «رياح الخارج» من جهة و«خلافات الداخل» من جهة أخرى، وغياب الرؤية المستقبلية من جهة ثالثة، والتأخر في إيلاء دور للقيادات الشابة من جهة رابعة، وغياب القرار الحاسم في اللحظة المطلوبة، وطريقة اتخاذ القرار، والبقاء أسرى بيروقراطية الماضي، وإدخال الخطط الاقتصادية في اللعبة السياسية الداخلية، وغيرها وغيرها الكثير... كلها جعلت الحواجز والسدود في طريق التطوير أكبر من الطريق نفسه، فرحل الاقتصاد إلى أماكن أخرى حيث القرار أسرع والبيروقراطية أقل والحماية أقوى، وها هي الديموقراطية ترتدي «حلة جديدة» وتبدأ مسيرتها بما لم نستطع الوصول إليه بعد.
للبحرين عرس وللكويت درس، وفق الله ملكها الشاب وأخذ بيده لما فيه خير بلده وشعبه.
رئيس التحرير