رسالة إلى وطن

تصغير
تكبير
ماذا يجري وهل نعرف إلى أين نسير؟ العلاقة بين السلطتين شابتها اخطاء كثيرة لكنها اليوم تسير في اتجاه الخطيئة، لسبب بسيط، انها انتقلت من شؤون عامة تمس حياة الناس وتؤثر فيها الى شؤون خاصة تمس سلوك الناس وتؤثر في سويتهم واتزانهم ومفاهيمهم القانونية والاجتماعية. ولم يعد سرا ان مشاكل وامور الناس الخاصة دخلت ايضا سوق التجارة السياسية وصارت جزءا من حلبة الصراع بين «الحزبين» الكبيرين (المجلس والحكومة)، صارت بدهيات الحقوق والواجبات موضوعا خاضعا للمساومة وصار انحراف السلوك مجرد وجهة نظر. نتحدث هنا عن النغمة التي لم تتوقف عن العزف منذ اشهر، عن السيمفونية النشاز التي تسمى اسقاط القروض والفواتير وتعديل بعض الاستحقاقات في التأمينات وتخفيض الاقساط اواعطاء المتعثرين في ديونهم منحة كبيرة لمساعدتهم او ... او او... ورغم المواقف المتزنة المعلنة لبعض الوزراء والنواب الا اننا نسمع تسريبات وزارية ونيابية من هنا وهناك تتحدث عن تسويات وترتيبات وحلول وسط. ترتيبات وتسويات وحلول وسط لمن ايها السادة؟ هل تقولون لمن التزم بالقانون وسدد ديونه ودفع كل المستحقات التي عليه من فواتير الماء والكهرباء والرسوم انه كان غبيا وانه كان يجب ان ينتظر طفرة في اسعار النفط او صفقة بين السلطتين لتحل مشاكله؟ هل تشجعون على انحراف السلوك القانوني والاجتماعي للافراد؟ هل تكافئون المتهرب من الدفع والمتهرب من التسديد والمتهرب من الاستحقاقات المالية وتعاقبون الملتزم الذي احترم القوانين والمؤسسات والحقوق والواجبات؟ هذه جريمة بكل المقاييس ترتكبها الدولة (بمؤسساتها هذه المرة) قد تحل مشكلة طارئة للبعض لكنها ستؤذي في العمق المجتمع الكويتي لاجيال مقبلة. ان استغلال الطفرة المالية الظرفية الحالية لزيادة الاعتماد على «دولة الرفاه» و«الارض والقرض من المهد الى اللحد» هو جريمة اخرى ايضا، لان استغلال الوفر المالي في مشاريع حيوية كفيل بان يؤسس لمفاهيم جديدة في العمل والانتاج ويخلق قاعدة شبابية جديدة تؤمن بان قيمة العمل من قيمة الجهد المبذول فيه لا من قيمة دعم الدولة الذي سيزول عاجلا ام آجلا... باختصار، نريد تعميق قيمة الولاء للوطن بالحقوق والواجبات ولا نريد لمفهوم الولاء ان يصبح قيمة تشترى وتباع؟. ماذا يجري وهل نعرف الى اين نسير؟ سؤال كويتي بامتياز، والجواب كويتي ايضا. المطلوب وقف فوري للسجال حول مواضيع القروض والفواتير وسحبه من التداول السياسي والاعلامي لانه سبة في جبين الدستور والقانون وطعنة لسمعة الكويت محليا واقليميا ودوليا، والمطلوب ايضا استغلال فرصة الطفرة المالية لانهاء دولة الرفاه (بمعنى الاتكال على الدعم الحكومي وانتهاك كل قيم العمل والانتاج) من خلال اعادة دورة المدخول والانفاق الى اطارها الطبيعي فتحصّل الدولة ما لها من حقوق وضرائب وفواتير ومستحقات ويحصّل الناس ما لهم من حقوق مالية واجتماعية ... وسياسية. جاسم بودي
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي