يا سمو الرئيس


نخاطبكم اليوم آملين ألا يضيق صدركم بعدما ضاقت الدوائر حول مشروعيكم للدوائر، ونخشى أن تضيق الدوائر مستقبلا حول مشاريع أخرى في غاية الأهمية للكويت بعدما تحول الاجتهاد لتعديل الدوائر الانتخابية معركة استخدمت فيها كل الأسلحة التقليدية بين «حزبي» المجلس والحكومة ( وهو المصطلح الذي نكرهه رغم واقعيته) وبعدما سينقل «الفائز» و «الخاسر» نتيجته إلى اجتهادات أخرى ومشاريع أخرى، الأمر الذي سيوسع دائرة الجمود وربما يقفل عملية الاصلاح حتى اشعار آخر بسبب التصليحات داخل كل «حزب».
سمو رئيس مجلس الوزراء ، النائب اختارته دائرة أو قبيلة أو تيار أو مذهب وعليه أن يطرح قضايا المواطنين الذين صوتوا له أولاً، وهذا أمر مفهوم في الكويت التي لا يمثل النائب فيها مصالح الأمة الا في النصوص فقط، اما انتم فاختارتكم الكويت كلها قبل ان يولد الدستور ومجلس الامة او ترى الدوائر النور، اختارتكم بموجب ذلك العقد الفريد من نوعه في المنطقة وربما على مستوى العالم بين الحاكم والمحكوم، فما بالنا نرى الآن ان من كان دائرة الكويت في المسؤولية والاهتمام يمارس الانتقائية في مشروع الدوائر فيجزئه الى مشروعين (أ) و (ب) وكأنه يطرح خيارات متعددة لقضية مصيرية لا تحتمل في الواقع الا خيارا واحدا ومشروعا واحدا يتفق عليه بين السلطتين او يختلف عليه فيعاد تقديمه بصيغة توافقية اكثر كما حصل بالفعل في اكثر من مشروع.
لا نعرف حقيقة من أفتى بنظرية المشروعين، ولا ندري لماذا وافقت الحكومة على تقديمهما معا رغم أن ذلك سيزيد الإرباك ويستدرج الفوضى ويضعف الموقف الحكومي لمصلحة صيغ أخرى تقدمها هذه الجهة أو تلك. لا نعرف لماذا صيغ موضوع تاريخي يهم حاضر الكويتيين ومستقبلهم بهذه الطريقة، ومن حوّله إلى كرة ثلج تكبر بسرعة الانحدار لا بقوة البناء، وكيف يتم استعجاله «يسلق» وهو لن يطبق قبل 2007، ولماذا تسجل الحكومة على نفسها موقفا اخفاقياً وهي تحتاج في صيغتها الجديدة إلى كل دعم لتنطلق بما وعدت به على مختلف الصعد... التساؤلات كثيرة وهي أصبحت أيضا مثل كرة الثلج لغياب الإجابات.
سمو الشيخ صباح الأحمد، لا يختلف كويتيان على عطائك اللامحدود للكويت وعلى صدق نيتك وصفاء مقاصدك ونبل أهدافك في التقدم والتنمية والتطوير والتحديث، وكل ذلك ظهر جليا منذ اليوم الأول لقبولكم تسلم المسؤولية التنفيذية الأولى في البلد، والإنصاف يقتضي منا ان نتحدث عن إنجازات عمرانية واقتصادية باتت ترى بالعين المجردة بفضل التسهيلات الضخمة التي أعطيتموها لهذين الحقلين، إنما في الوقت نفسه ليس بخاف على أحد انه في العمل الإداري الجماعي تؤثر النفوس الصغيرة في الأهداف الكبيرة، وتنقل الشخصيات المعقدة والمريضة الملفات من إطارها الصحي إلى مكان آخر مليء بالفوضى والخيبات، ويحاول «العباقرة» ممن فشلوا في إدارة شؤونهم الخاصة التعويض في الفتاوى والاستشارات من اجل «وظيفتهم» لا من اجل الأهداف العامة... ولا نخالكم يا «أبو ناصر» إلا من الباحثين عن الكفاءات والآراء السديدة وآخر ما يهمكم إطراء الباحثين عن أدوار.
نناشدكم ان توقف الحكومة برنامج «الخيارات» الانتخابي، وتسحب مشروعيها من دور الانعقاد الحالي، وتضع حدا لحال الفوضى التي قد تنسحب على امور اخرى، وتعيد تقديم مشروع واحد للدوائر في بداية الدور المقبل، مشروع عماده التوازن والعدل وهدفه تطوير المشاركة والاصلاح واساسه التوافق. هذه هي الطريق الاقصر لاعادة التوازن الى الحياة السياسية... الا اذا ارتأى المستشارون العباقرة غير ذلك.
جاسم بودي