11* 3 = صـفــر

تصغير
تكبير
غدا الذكرى الثالثة لتفجيرات 11 سبتمبر، ففي مثل هذا اليوم قبل ثلاث سنوات خطف 19 قرصانا الاسلام والمسلمين وفجروا المخطوفين بأعلى صرحين اقتصاديين في العالم وبإدارة اميركية، كمقدمة لتفجير الحضارات بعضها ببعض وتسعير الصراع بين الامم ونقل النزاع من ملفات السياسة الرسمية الى عقول الشعوب وقلوبها. ثلاث سنوات اتضح خلالها ان القوة الاميركية لم تحقق هدف الادارة الاميركية، فما زال الامن هاجسا رئيسيا وما زالت التفجيرات المتنقلة تضرب هنا وهناك وما زال العراق جرحا مفتوحا يتصدر الاحداث ويصدر الصور التي نجحت القوات الاميركية في تظهيرها بما يخدم قراصنة البرجين، اي انفلات الغرائز الاعمى وتعميق الهوة بين الاديان والامم وتقدم سيوف جاهلية جاهلة عنيفة وخسيسة تضرب العنق المسيحي والمسلم في وقت واحد. لن نتحدث هنا عن مسؤولية من يفترض انه الارقى والاكثر تقدما وحداثة في ما وصلنا اليه، لن نعدد اخطاء الاميركيين من صواريخ ستينغر الى «مجاهدي» افغانستان التي ارتدت عليهم قنابل بشرية، الى اسلحة صدام حسين التي هددت كل استقرار المنطقة وكادت تسقطها في آتون الحروب والمغامرات المجنونة، واخيرا وليس آخر الاخطاء التي ارتكبت بالجملة في العراق واهمها حل الجيش وترك الارض للميليشيات وعصابات النهب والخطف والقتل باسم الجهاد والاسلام. لن نتحدث عن مسؤولية الاميركيين لاننا تحدثنا كثيرا في الموضوع ، ولن نقول اكثر مما قاله كتاب ومفكرون اميركيون عن سياسة ادارتهم مثبتين بالدليل القاطع انتماءهم الى حضارة كبيرة لا مصادرة فيها لرأي ولا سيطرة مطلقة فيها لحزب او حاكم. سنتحدث عن مسؤوليتنا كعرب بعد ثلاث سنوات على 11 سبتمبر ونعترف باننا لم نفعل ما يقتضي لإقفال الملف امام الآخرين، بل لم نستطع اقناع الآخرين باننا في سن الرشد الانساني الذي يمكننا من السيطرة على زمام الامور ليس في القضايا الامنية وانما في قضية العلاقات بين الامم والحضارات. تظاهركثيرون من العرب احتجاجا على الحرب الاميركية على العراق، وميز بعضهم بين الشعب العراقي وصدام حسين، اعترض كثيرون على انتهاك الولايات المتحدة القانون الدولي وتحويل المارينز شرطيا دوليا، انتقد الملايين المعايير الاميركية المزدوجة بين العرب واسرائيل... كله مفهوم ومبرر، ولكن هل خرجت تظاهرة عربية واحدة من المحيط الى الخليج مستنكرة انكشاف العراق على مقابر جماعية تضم مليون بريء؟ هل عقدت ندوة واحدة في دولة عربية واحدة تناولت كيف يحق لرئيس نظام ان يدفن مليون شخص تحت التراب؟ ألم نسمع ونقرأ لكتاب واعلاميين وسياسيين عرب يبررون هذه المقابر بالقول إن الموتى استحقوا مصيرهم لانهم «خونة»؟ مليون «خائن» في منطقة محصورة؟ بعد ثلاث سنوات على 11 سبتمبر مازال بعضنا يرفض مناقشة عناصر الكره والتطرف في مناهجنا بحجة ان ذلك يخدم الاميركيين وهو لا يعلم ان رفضه يخدم الاميركيين، وما زال مشايخ ورجال دين وخطباء مساجد يفتون بقتل «الآخر» بسبب دينه او انتمائه. بعد ثلاث سنوات، لا يريد الكثيرون منا رؤية اي شيء ايجابي في تطور مؤسسات الدولة والمجتمع في افغانستان والعراق، لا يستسيغون سوى منظر الدم و«الشهداء» والعصيان المسلح هنا وهناك والاكفان، وكأن العالم العربي والاسلامي مرهون لمشهدين: المارينز او الفوضى! بعد ثلاث سنوات، لم تتقدم المجتمعات المدنية قيد أنملة، خطفتها هي الاخرى طاحونة الصراع من جهة ومخاوف الانظمة من جهة اخرى. لم تتقدم الديموقراطية في اي مكان عربي بل على العكس من ذلك تراجعت في امكنة كانت تسود فيها بحجة التحدي والتصدي للاميركيين ... وكم كان ذلك في مصلحة الاميركيين و11 سبتمبر. بعد ثلاث سنوات، سجنّا القضية الفلسطينية في رام الله واطلقنا اليد للخطاب الاسرائيلي المتطرف والفلسطيني المتطرف، تدمرت مشارف الدولة الفلسطينية بمعاول الفســاد والشخصانية والديكتاتورية من الداخل ومعاول المقاول الاسرائيلي الصغير والدولي الكبير من الخارج. بعد ثلاث سنوات نتساءل عما تحقق من المحيط الى الخليج في البرامج التنموية والمشاركة السياسية وتقدم التعليم وتطور المناهج ومحو الامية والديموقراطية والحريات العامة والتكامل الاقتصادي ونمو القطاع الخاص والعدالة الاجتماعية وحقوق الانسان... أوليس غيابها وغيرها من اهداف ما فطرنا على اعتباره «المؤامرة الدولية»؟ اوليس غيابها ايضا من اهداف قراصنة البرجين لأن الفقر والصراع والتخلف والقهر والقمع وقود الحركات المتطرفة؟ ثلاث سنوات على تفجير البرجين تساوي صفرا في حساباتنا العربية، وقد يكون الخجل اجدى عند الحديث عن مسؤولية «الآخر» مادمنا لا نستطيع تحريك الصفر. جاسم بودي
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي