تـصـحـيـح الـمـسـار

تصغير
تكبير
للانتخابات مواسم، لكن للديموقراطية موسم واحد دائم إما أن تسود طقوسه فيستمر ويزهر أو تسود قشوره فيتشوّه ويضمحل. ومن العوامل المشوهة للديموقراطية في الكويت، ودائماً في مناسبة الانتخابات، أن النواب المناط بهم بموجب وكالة شعبية ممارسة دور رقابي تشريعي تطويري للتجربة والصيغة والدستور، حصروا دورهم في رغبة البقاء تحت القبة على قاعدتين: الإرضاء السريع للناخب من خلال المعاملات، والتصدي الدائم للحكومة لإرضاء مواطن ولو كان ذلك على حساب وطن. لم تسلم الممارسة الديموقراطية في الكويت من الانحراف لأسباب عدة منها عدم إيمان بعض أركان المؤسسة الحاكمة بالتجربة، وطغيان «الأهداف الهامشية» للمؤسسة الديموقراطية الأكبر على الأهداف الحقيقية، ما حوّل النواب إلى مندوبين للخدمات أكثر منهم مشرعين ومراقبين. ولا يمكن تعديل أي انحراف في الديموقراطية إلا بمزيد من الديموقراطية، فالتجارب العريقة تصحح نفسها وتصبح مثالاً ينظر الجميع إليه ويرغبون في تطبيقه ولذلك، لا يمكن عند مقاربة هذا الموضوع إلا أن نسعى إلى الإصلاح بمزيد من الديموقراطية وبمزيد من الخطوات الثابتة في اتجاهها. وكم أصبح ضرورياً أن يكون منصب المختار في الكويت بالانتخاب المباشر من أهل منطقته رجالاً ونساءً، وكم أصبح ضرورياً أن يختار المختارون المحافظين بالانتخاب أيضاً كي تستقيم العلاقة الإدارية. هذه المعادلة، توجد مجلساً إدارياً محلياً في كل محافظة يهتم بقضايا الناس وأمورهم الحياتية والخدماتية ويفعّل البلديات التي تنتقل من مجلسها المركزي إلى مجلسها المحلي. وهذه المعادلة، تنقل معاملات الناس ومصالحهم اليومية إلى المؤسسات الحكومية من دون تعدٍ على السلطة التنفيذية أو التشريعية، بل تحافظ على دور مركزي للبرلمان في ضبط إيقاع التوازن السياسي من خلال لجنة الشكاوى والعرائض فيه. فهذه اللجنة تتلقى شكاوى المجالس الإدارية المحلية على المؤسسات الحكومية التي لا تقوم بأعمالها أو تعطل أعمال الناس والمحافظات، وتعيد الأمور إلى نصابها سواء كان هناك تجاهل وعرقلة من قبل الحكومة أو تطرف وعدم أحقية من قبل هذه المجالس. وهذه المعادلة، تصحح مسيرة مجلس الأمة وتعيد إليه الدور الذي تأسس من أجله، أي الرقابة والتشريع، وتعيد التوازن إلى العلاقة بين السلطتين إذا التزمت الحكومة أيضاً سياسة مختلفة عن إرضاء النائب بالمعاملات لتقوية موقفه وضمان ولائه، وتقضي على الانحراف في الممارسة الديموقراطية التي انعكست حتى على الشارع، بيعاً وشراء للأصوات، وولاءات ضيقة، وتجاوزات خطيرة للقانون «على عينك» يا وزارة الداخلية ويا حكومة. للديموقراطية موسم واحد، نريده مزدهراً بتوسيع مساحة حقلها... فهل من مجيب؟ جاسم بودي
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي