السكوت من ذهب

تصغير
تكبير
مرة اخرى، يصدح صوت أسامة بن لادن في وقت اميركي عصيب، حيث تحاصر ممارسات التعذيب في ابو غريب الادارة، وتهدد احد ابرز نجومها دونالد رامسفيلد بنهاية نأمل ان تكون صادقة لمسيرة الرجل المليئة بالكذب. يصدح صوت الشيخ اسامة عارضا سبائك ذهبية مختلفة العيارات لمن يطلق اعيرة على بعض اكثر الرموز انتقادا للسياسة الاميركية مثل كوفي انان، او موفده الخاص الى العراق الاخضر الابراهيمي الذي يتعرض لحملة اميركية - اسرائيلية بسبب تصريحه عن تسميم الدولة العبرية الاجواء في الشرق الاوسط، ولمن يقتل أيا من مسؤولي الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن، وبينها دول عرض عليها الهدنة قبل شهر، ولمن يقتل جنود التحالف وموظفين مدنيين وعسكريين عراقيين... وقبل عرضه «الذهبي» الجديد قدم «مجاهدون» من «القاعدة» او من الدائرين في فلكها، عرضا تفجيريا بالذخيرة الحية في ينبع بينما كان الاميركيون يغرقون اكثر فأكثر في رمال الفلوجة والنجف الملتهبة. تساءلنا قبل فترة عن توقيت تحركات «القاعدة» وتصريحات زعيمها، وعن خدمة هذه التحركات للسياسة الاميركية، فما صدر بالامس عن الشيخ اسامة له تفسير واحد فقط: افشال اي تحرك للاستقرار في العراق حتى لو قادته الامم المتحدة، والقتال من اجل سيادة الفوضى... ولو على طبق من ذهب. ذهب من عيارات مختلفة، تتمايز اوزانه مع تمايز الشخصيات المطلوب اغتيالها، ففي «جهاد» القاعدة ايضا تمييز طبقي اذ لا يستحق الشرطي العراقي «المسكين» اكثر من نصف كيلو من الذهب فيما تتصاعد النسبة مع غيره الى كيلو فخمسة فعشرة. جوائز ترويجية لمفهوم جديد من الجهاد وكأن حوافز الايمان بـ «النصر والشهادة واليوم الآخر والجنة» لم تعد تكفي، ولا بد من «دفعة تشجيع دنيوية»، او كأن بريق المعدن الاصفر يعيد بعضا من راحة ضمير لذوي انتحاري خطف ارواح أطفال في طريقه لتفجير مخفر! ومع الذهب تحريض وتطاول من مختلف العيارات ايضا طال امس أميرنا وقائدنا ووالدنا الشيخ جابر الاحمد، اضافة الى زعماء عرب آخرين. مرة اخرى توقيت ملتبس متزامن مع حملات اسرائيلية واميركية على العرب، اما بالنسبة الى أميرنا فيكفيه فخرا انه بقي خادما مخلصاً في محراب الدين والحق والوطن، وان أياديه لخدمة العرب والعروبة والاسلام والمسلمين بيضاء، لا يلطخها تطاول ولا تحجبها فرية، وان دوره الحضاري العقلاني دفاعا عن قضايا وطنه وأمته اكبر من ان تطاله شهادة من يتصرف خارج الحضارة والعقل. قلناها ونكررها، لسنا بحاجة الى دروس ديموقراطية الاميركيين الساطعة في أبو غريب، ولسنا في حاجة الى دروس بن لادن الساطعة في ضحايا الآمنين والابرياء، واذا لم يكن زعيم «القاعدة» قادرا على الاحتكام للعدالة والشرع والدين والقانون فأفضل نصيحة تزجى اليه: ان بدل ان يتفاخر بتوزيعه الذهب في عرس الدم. جاسم بودي
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي