إشهار الأحزاب ينهي المشكلة

تصغير
تكبير
غني عن القول ان موضوع الحقوق السياسية للمرأة تم التعامل معه بطريقة خاطئة منذ اللحظة الاولى لإرساء الاسس الديموقراطية في الكويت، وككل امر في ممارساتنا السياسية تراكمت الاخطاء؛ فأصبحنا نتعامل مع الامور المبدئية بأسلوب التجاذب السياسي، ثم استيقظنا على وضع جديد متخلف عن الاوضاع المستجدة في المنطقة، التي كنا منارتها وبوصلتها في ما يتعلق بالحريات والتنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية. البنيان لا يستقيم اذا بني على خطأ، ولنعترف اننا اهدرنا فرصا كثيرة بممارساتنا مهما حاول الكثيرون التلطي خلف المؤثرات الخارجية التي اضعفت وأنهكت وخلطت الاولويات، ولنعترف ايضا اننا صرنا اسرى لقوة هذه المؤثرات وانعكاساتها على تفاصيل حياتنا الداخلية. ومن ابرز الامثلة على ذلك ان موضوع الحقوق السياسية للمرأة نفسه لم يعد يطرح بمعزل عن هذه المؤثرات، فيقول انصاره إن من المعيب والعالم الحر يراقب تطور نظامنا السياسي الاستمرار في حجب هذه الحقوق، ويقول معارضوه ان من المعيب ان نقر قانونا بضغط خارجي... فيما العيب كل العيب ان يبقى التعامل مع نصف المجتمع مشابها للتعامل مع اي مشروع قانون لتنظيم المرور او موازنة هذه الهيئة او تلك المؤسسة العامة او مناقصات تطوير النفط والتسليح. تعاملنا مع حقوق المرأة السياسية منذ اللحظة الاولى لإرساء الاسس الديموقراطية على قاعدة المكاسب بين السلطات، وبغض النظر عن علاقته بتطوير النظام السياسي والاجتماعي، دخل الامر في سوق المزايدات المرحلية واحترق في سجالات قوانين الانتخاب، صار جزءا من التسويات بين الحكومة والبرلمان، وضاع في عملية حشد الاصوات قبل الاستجوابات و«وعود» ما بعدها. نسينا ان الحق السياسي للمرأة جزء من التطور الطبيعي للوعي السياسي في المجتمع، وليس قانونا تطرحه حكومة في توقيت معين وظرف معين ليبدو كأنه رغبة شخصية للنظام؛ فيرفضه ممثلو الامة في التوقيت نفسه والظرف نفسه ليبدو كأن المجتمع يرفض رغبة سامية او شخصية للنظام. كتبنا الكثير في هذا الموضوع وكتب غيرنا الكثير، وحولنا قضية ديموقراطية الى نقطة خلاف جديدة بين حزبي البلد الرئيسيين: الحكومة والبرلمان، وأكدت الايام صحة ما ذهبنا اليه في ضوء الواقع البائس الذي يحكم حياتنا السياسية، وهو ان الاسلوب الصحيح لتطور نظامنا الديموقراطي يكمن في السماح للأحزاب بالعمل الرسمي كي ينكسر حكم الحزبين في اتجاه يكرس المزيد من الحريات ويضبط المسار التنموي على ايقاعات العصر... وتحت مظلة الاحزاب تعمل المرأة بحقوق كاملة لا تنتظر تسويات بين حكومة ومجلس لإقرارها، وتصبح عاملا اساسيا مشاركا في اتخاذ القرار وتنفيذه. مرة اخرى، السماح للاحزاب بالعمل الشرعي والرسمي والعلني يحل الكثير من مشاكل التطوير الديموقراطي، وليس مشكلة حقوق المرأة فحسب، وتستطيع المرأة من خلال حزبها خوض غمار العمل السياسي استنادا الى برامج الحزب وقناعتها بها، الامر الذي يراكم تجربة وخبرة في بيئة سياسية سليمة، يقرر الحزب في نهايتها ما اذا كانت جديرة بتمثيله في البرلمان، هي او غيرها من الاعضاء رجالا ونساء... وربما يقرر ما اذا كانت جديرة بتمثيله في ما هو اكثر من البرلمان. هل أوصلنا الرسالة؟ نأمل ذلك. جاسم بودي
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي