عشرينية خادم الحرمين في ميزان التحديات

تصغير
تكبير
لا يمكن الحديث عن عشرينية خادم الحرمين الشريفين في الحكم من دون الحديث عن هوية تلك المرحلة. عشرون عاما تختلف عن سابقاتها في الظروف وان تشابهت في الرغبات الصادقة للعطاء والتقدم وعمل الخير واعلاء الشأنين الإسلامي والعربي. ... والحديث عن أهمية الانجازات يبقى ناقصا اذا لم نتوقف عند حجم التحديات. فقبل عشرين عاما تسلم الملك فهد الحكم، والعالم العربي يشهد إحدى أكبر نكساته بعد احتلال فلسطين، أي الغزو الإسرائيلي للبنان، فكانت جهوده متواصلة لمواجهة تبعات الغزو ومستمرة لوقف حرب لبنان من 1983 إلى 1985 من خلال دوره التحضيري لاجتماعات جنيف ولوزان ورعاية المملكة تلك الاجتماعات. وفي خضم ذلك، كانت منطقة الخليج تغلي على وقع الحرب العراقية ـ الإيرانية وانعكاساتها الأمنية والسياسية والاجتماعية على عموم المنطقة، فكانت السياسة السعودية بقيادة خادم الحرمين مضطرة للإبحار في بحر مليء بالألغام يحفظ المنطقة من الحريق المجاور ولا يتخلى في الوقت نفسه عن دور المملكة إسلاميا وعربياً في حقن الدماء. وما كادت شعلة الحرب هذه تنطفئ حتى اندلعت الانتفاضة الفلسطينية الأولى بكل مآسيها وصورها، الزاهية إسلامياً وعربياً، والبشعة إسرائيليا، ويذكر التاريخ أن خادم الحرمين لعب دوراً مميزاً في مد الانتفاضة بكل ما تحتاج اليه من دعم مادي ومعنوي وسياسي وإنساني، وأطلق ديبلوماسية المملكة في كل أنحاء العالم لمجاراة هذا الموقف، وأصبح السفراء السعوديون في الخارج سفراء للانتفاضة الفلسطينية. حرب لبنان تشتعل مجددا، والملك فهد يرعى مؤتمر الطائف ويهيئ له كل الظروف الاقليمية والدولية المناسبة، ويبني المحطة السلمية التي اوقفت الحرب نهائياً وأسست للجمهورية الثانية. وربما لا يتسع المجال للحديث تفصيليا عن الظروف التي رافقت تولي الملك فهد الحكم وأياديه البيضاء في دعم المسلمين من أندونيسيا إلى البوسنة مروراً بالدول الافريقية والعربية، إلا أننا ككويتيين لا يمكننا أن نغفل أهم قضية تتعلق تحديداً بكياننا ومصيرنا ووجودنا نفسه، وهي قضية الغزو العراقي للكويت، التي كانت مواقف الملك فهد خلالها مواقف الرجل الذي يصنع التاريخ ويقف مع الحق مهما كانت الأثمان والتضحيات. لن ينسى الكويتيون قرار خادم الحرمين العمل بأي وسيلة لتحرير بلادهم والاستعانة بالقوات الصديقة والحليفة والشقيقة من أجل ذلك. ولن ينسى الكويتيون الدماء السعودية التي سالت على تراب بلادهم. إعادة ترتيب البيت الخليجي والعربي والإسلامي شكلت أولوية لدى خادم الحرمين بعد تحرير الكويت، واستطاع رأب الصدع وإيجاد موقع للاعتدال في النظام الدولي الجديد. ثم واكبت المملكة مؤتمرات السلام العربية ـ الإسرائيلية بالتوجيه والدعم للحقوق والمؤازرة والحرص على عدم التفريط بالقدس والمسجد الأقصى، وأعطت، ومازالت، الدعم الكامل لقيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس، ووقفت مع انتفاضة الأقصى بكل إمكاناتها. وإذا كان توسيع الحرمين الشريفين ازهى صورة من صور الالتزام الديني للملك فهد داخل المملكة وأحد أبرز الخدمات التي تقدم لملايين المسلمين كل عام، فإن القرارات الاقتصادية والاجتماعية والمالية التي اتخذت على مدار الاعوام العشرين الماضية لرفع شأن الإنسان السعودي وتطوير امكاناته المادية والمعنوية تشكل البصمة الكبرى لخادم الحرمين في مسيرة النهوض بالمملكة، خصوصا ان التحدي الاقتصادي كان الاقسى، بعدما جمّد الركود العالمي غالبية الخطوط التنموية. عشرون عاماً تختلف في حجم التحديات الداخلية والخارجية التي خاضتها المملكة. فأعمال الإرهاب طالتها كما تطول العالم بأسره اليوم، وفي ذلك كله لم يحد خادم الحرمين عن سياسة الوسطية والاعتدال والتفاؤل بالمستقبل والعمل من أجل العدالة والتقدم. انجازات خادم الحرمين، في ميزان التحديات، تتجاوز بكثير الأعوام العشرين. رئيس التحرير
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي