لا لإسقاط اميركا نظام العراق

تصغير
تكبير
بين قرع طبول الحرب وبدء «الضربة الاعلامية» لا بد من كلمة هادئة. الكويتيون، بعد الشعب العراقي، هم أكثر من عانى من نظام الرئيس صدام حسين والاكثر قلقا على حاضرهم ومستقبلهم بعدما شهد ماضيهم تجربة الغدر. والكويتيون لا يمكنهم إلا الوقوف في خندق الوفاء لمن ساعدهم في محنتهم، ولا يستطيعون إلا الانحياز للشرعية الدولية التي انتصرت لهم. والكويتيون سيحتفلون مع الشعب العراقي إذا دُفن هذا النظام في مقبرة أعماله. ومع ذلك، لا بد من كلمة هادئة بين قرع طبول الحرب، لنعيد الاعتبار للعقل والمنطق والمصلحة، بعدما أصبحت سياسة العاطفة جزءا من تخلف العرب. باختصار أن يسقط نظام صدام؟ نعم أن تسقطه الولايات المتحدة؟ لا ليس سرا ان الطريق الوحيد الذي يعيد العراق الى الشرعية الدولية ويعطي الامل لشعبه والاطمئنان لدول الجوار، يمر عبر تغيير النظام. لكن هذا التغيير يجب ان يتم بايدي العراقيين انفسهم ليقرروا مصيرهم وشكل خياراتهم من اجل مستقبل ديموقراطي ثابت وشرعي وقابل للحياة. وليس سراً أن الحملة الأميركية الحالية لتغيير النظام بالقوة عبر هجوم عسكري من الخارج لم تعد مرتبطة فقط بقرارات الامم المتحدة ذات الصلة بحرب تحرير الكويت والتفويض الدولي وانما مرتبطة ايضا، بطريقة أو بأخرى، بتداعيات 11 سبتمبر والسياسة الاميركية الخاصة بمكافحة الارهاب، وربما (نقول ربما) بنصر مطلوب بعدما توقف انتصار افغانستان عند حدود اختفاء بن لادن والملا محمد عمر. عندما كان تغيير النظام العراقي متاحا عام 1991 انسحبت الولايات المتحدة بحجة ان التفويض الدولي لا يسمح بذلك، ولا داعي للتذكير بما حصل آنذاك للعراقيين الذين اعتقدوا انهم قاب قوسين او أدنى من بزوغ فجر جديد. اليوم تغيرت الاعتبارات والمصالح، بزغ فجر دولي جديد بعد 11 سبتمبر ولم تعد لـ «المبادئ» المعاني السابقة نفسها، كان كل ما يحتاج اليه العراق من وجهة نظر واشنطن هو الضربات الوقائية من فترة لاخرى وتكثيف الطلعات الجوية فوق خطوط الشمال والجنوب ومتابعة عمليات التفتيش عن الاسلحة. ثم اصبح النظام فجأة وفي صيف 2002 خطرا لا بد من اطاحته. المصلحة تحكم اليوم قرار البيت الابيض، وعلينا ان نعي ان تغيير النظام العراقي بالقوة الاميركية مبني على هذه المصلحة التي وان تلاقت معنا اليوم فقد لا تلتقي مستقبلا. إن الكويت التي وجدت في الشرعية الدولية ملاذا يوم الغدر ومظلة للتحرير لا يمكنها ان تؤيد عملا أحاديا تقوم به دولة واحدة، ولو كانت الاعظم والاقوى، لتغيير نظام حكم هنا او اطاحة رئيس هناك، فهذا التأييد يعني ضوءا اخضر للاميركيين من الآن فصاعدا لتغيير أي حكم لا يتوافق مع مصالحهم، وموافقة على الغاء دور الامم المتحدة وبالتالي قيام نظام دولي جديد تبدأ معاييره وتنتهي في... البيت الابيض. الحل الوحيد الممكن تقديمه للعراقيين هو انصاف حقوقهم من خلال الامم المتحدة، وتفعيل دور المنظمة الدولية في اتجاه انفراجات حقيقية للوضع العراقي باعادة المفتشين وتفعيل محكمة جرائم الحرب وربط تطبيق القرارات بعقوبات مؤثرة ضد النظام لا الشعب وتمكين العراقيين من الاستفتاء على حق تقرير المصير وغيرها من الاجراءات التي تطوق النظام برقابة دولية ومحاسبة صارمة. ومن موقع الصداقة والتحالف نقول ان اعادة الاعتبار اميركيا للامم المتحدة مصلحة اميركية في الدرجة الاولى، واعادة الاعتبار لمبادئ العمل الدولي المشترك مصلحة للعراقيين الراغبين في انتهاء كوابيسهم، اما الكويت فمصلحتها... مصلحة الشعب العراقي. رئيس التحرير
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي