2/8


أمس مرت، هي درس وليست مجرد ذكرى...
قبل 15 عاماً قرر من اختصر الأمة العربية بالعراق، ومن اختصر العراق بشخصه، ان يغزو الكويت...، وصار ما صار.
قبل 15 عاما حصد العراق والكويت والعراقيون والكويتيون مرارة قرار القائد الاوحد، والصوت الاوحد، والفكر الاوحد، وتغير شكل المنطقة، وتحدثت الارض بكل اللغات الى جانب العربية.
دفعنا الثمن جميعا، قتلى وجرحى وأسرى ومفقودين ومقابر جماعية ودمارا ووجودا عسكريا دوليا وارتهان مقدرات واحتجاز موارد وانتشار الحقد والفقر والتطرف.
قبل 15 عاما، دفع العراقيون والكويتيون ثمن غياب الديموقراطية في بغداد، فما قرره فرد صار... حول بلاده وثرواتها وغناها البشري ناقلة ألغام تضرب شرقا وغربا وجنوبا، لا آليات مراقبة، ولا آليات محاسبة، ولا آليات تشريع، ولا احتكام الى القانون والرأي العام، ولا احترام للمعاهدات. باختصار، خرج النظام العراقي السابق من شرعيته عندما اخرج كل مظاهر الحرية والديموقراطية من العراق لمصلحة نظام امني بوليسي يحرك «الجماهير» ويسيطر على كل مفاصل الحياة.
لا نريد ان نتوقف اليوم عند ما جرى، فلسنا من دعاة الوقوف على الاطلال واجترار الاحقاد، ولا نريد للحظة ان نحمل الشعب العراقي الشقيق وزر احمال قيادته السابقة، فهو شعب خطفه الحزب الحاكم، كما حاول خطف غيره من الشعوب والدول، ولا يجب تكبير حادث حدودي هنا لاسترجاع صورة الغزو، او تضخيم تباين سياسي هناك لاستذكار الخطاب السياسي الاسود الذي ساد قبل وخلال وبعد الغزو العراقي للكويت... علينا استلهام الدرس الاول والاخير من حصيلة ما جرى، وهو ان الجغرافيا لا يمكن تغييرها، وان الامن والاستقرار والديموقراطية والتنمية في العراق هي تحديات كويتية وخليجية، بل تحديات الدول المجاورة للعراق بقدر ما هي تحديات عراقية.
الأمن في العراق يعني الامن للكويت، والاستقرار في العراق يعني الامن للكويت، والديموقراطية في العراق تعني الامن للكويت، والتنمية في العراق تعني الامن للكويت... هذا هو دورنا الذي يجب ألا نتخلى عنه، وهذا هو الواقع السياسي الذي يجب ألا نقفز فوقه، وكل عوامل التوتر التي تحصل تزيدنا تمسكا بهذا الدور، وتزيدنا اصرارا على مواجهة ذلك الواقع.
بارود ودخان وغبار /1990 أفقدت الكثيرين الرؤية السليمة، وفرحة وتصفيق وزغاريد وأمل 30/1/2005 ( يوم أجريت أول انتخابات عراقية حرة منذ عقود ) يجب أن تؤسس لرؤية سليمة، مهما كثرت التحديات الداخلية والأخطاء الخارجية. ونتمنى أن تكون معركة تثبيت الحريات والديموقراطية وانجاز الدستور الدائم وقيام دولة القانون والمؤسسات هدفنا الأساسي في الأشهر الـ 12 المقبلة، حتى يكون للذكرى الـ 16 لـ معنى مختلف تماماً.
جاسم بودي